في مشغل من طين: "ذياب العظامات" ينحت لوحات معبرة من الصخر

المدينة نيوز :- صخور البازلت النارية الصلبة خشنة الملمس، تحولت على يد ابن البادية الشرقية ذياب لافي العظامات إلى أشكال ورسومات تسرُّ الناظرين رغم أن مشغله من التبن والتراب.
ذياب(47 عاما) ولديه ستة أبناء، أنهى خدمته عام 2011، ليعود لممارسة هوايته بنحت صخور البادية البازلتية البركانية ذات المواصفات القاسية، الشبيهة بحياة البادية، وهي هوايته منذ سبعة وثلاثين عاما.
وكالة الأنباء الأردنية "بترا" زارت الفنان ذياب في مشغله المتواضع، الذي بناه من التبن والتراب؛ قال بعد ان أتمّ نحت نموذج للبتراء على الطريقة النبطية، "نحن هنا في الأردن، بلد الحضارات، بلد الأنباط، لا تقف صخور البازلت أو غيرها أمام إرادتنا وتحويلها إلى أشكال رائعة".
ورغم عدم وجود مكان للنحت وممارسة الهواية، إلا ان ذياب اتخذ مكانا قصيا في بلدته في البادية الشمالية الشرقية، وبدأ نحت الصخور وتحويلها إلى أشكال لتصبح ذات قيمة كبيرة بعد لمساته الفنية.
"أردت أن أترك أثرا لأبنائي الستة وزوجتي، فالبادية فيها متسع كبير للإبداع" يقول ذياب، مشيرا الى أنه تعلم فن النحت منذ نعومة أظفاره، حيث كان طالبًا في المرحلة الأساسية، وكان يغادر إلى خارج القرية، وهو يحمل كتابه للدراسة، فيجد الصخور وينقش عليها ذكرياته منذ بداية الثمانينيات.
ولأن الإنسان يعشق تراثه، كانت أول منحوتات العظامات عام 1990، تحويل صخور البادية الأردنية الى "رحى"، وهي الآلة البدائية التي كان الآباء والأجداد يطحنون عليها الحبوب، وهو أول إنجاز يبعث على الفرح في داخله.
ويضيف، في عام 2011 وبعد تقاعده من وظيفته، عاد لممارسة النحت وعمل الأشكال المختلفة، مستوحيا كثيرا منها من البيئة الأردنية التي تستحق التجسيد والتخليد للأجيال التي تأتي.
ومع توفر المادة الخام في البادية الشرقية، إلا أن العظامات يؤكد أن لكل منحوتة يقوم بها كلفة مادية، وكل شكل له صعوبات وجهد حتى ان بعض المنحوتات التي قام بها تحتاج الى آليات ثقيلة كـ "الونش" لنقلها الى مكانها الجديد.
ولأن زبائن هذه الأشكال لهم مواصفات ولديهم ذائقة مختلفة جدا، الا أن العظامات يؤكد أنه يبيعها بأقل كثيرا عن سعرها الحقيقي، ويستمتع بأن يرى صخور البادية السوداء تتحول، بعد ستة أشهر من العمل وربما اكثر الى أشكال جميلة ولوحات تصبح من مقتنيات الناس.
"لا مكان لعرض أعمالي لأن ذلك مكلف" يقول ذياب، معربا عن أمله من الجهات ذات العلاقة إنشاء متحف تثقيفي تعليمي تدريبي عالمي في الأردن مختص بالنحت.
وقال، إنه عمل في مجال التدريب مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلم "اليونسكو" في قضاء ام الجمال وتخرج معه عدد من الفتيات، والآن يعملن، ولديهن دخل جيد.
يشار إلى أن فن النحت يعد من الفنون القديمة قدم الإنسان، ويتعامل مع المجسمات ثلاثية الأبعاد على العكس من الرسم والتصوير الذي يتعامل مع الأبعاد الثنائية، وهو فرع من فروع الفنون المرئية، ويعتبر أحد أنواع الفنون التشكيلية، ويمارس هذا الفن على الصخور والمعادن و السيراميك والخشب ومواد أخرى.
وعرف فن النحت منذ نحو 4500 سنة قبل الميلاد، أي في بدايات عهد الحداثة، وأدت التغيرات في عملية النحت إلى الحرية في استخدام المواد والعمليات.
وفي الأردن تشكلت جمعية رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، والتي تهدف إلى تنمية مقومات الحركة الفنية التشكيلية وتطويرها، واستقطاب الفنانين التشكيليين في الأردن، وتوفير المناخ المناسب لهم لممارسة العمل الإبداعي، والعمل على تنمية الوعي الفني، والجمالي لدى المواطنين عن طريق نشر الثقافة الفنية، وتشجيع النقد الفني والدراسات والأبحاث، ورعاية الموهبة الناشئة ومتابعتها، ومساعدة الفنان على نشر إنتاجه الفني داخل الأردن وخارجه، ويدرس فن النحت كأحد الفنون التشكيلية في عدد من الجامعات الأردنية مثل الأردنية واليرموك.