مهرجان أيام قرطاج السينمائية في تونس يسعى أن يكون كرنفالا رغم محدودية الإمكانيات

المدينة نيوز :- تحتضن العاصمة التونسية من الرابع إلى الحادي عشر من شهر نوفمبر الدورة الثامنة والعشرين لمهرجان أيام قرطاج السينمائية .
وسيفتتح المهرجان المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي بفيلمه الجديد ,كتابة على الثلج,
تجدر الإشارة أن المخرج الفلسطيني قد قام بتصوير أجزاء من هذا الفيلم في تونس . وتحديدا في منطقة جندوبة وهي منطقة جبلية خضراء , تمتاز بكثرة تساقط الثلوج فيها في فصل الشتاء .
ويشارك في الفيلم نخبة من أهم الممثلين العرب من أبرزهم الممثل السّوري غسان مسعود» والفنان السوري «جمال سليمان» والفنان المصري «عمرو واكد.»...
ولم تظهر بعد القائمة الرسمية لضيوف المهرجان , خاصة النجوم منهم , حيث قال مدير المهرجان المعين حديثا , نجيب عياد , إن صبغة مهرجان أيام قرطاج السينمائية تكتسي الطابع الملتزم وتحتفي بالفيلم وسينما المؤلف أكثر مما هي مهرجان داعائي ذو طابع تسويقي وعلاقات عامة وإشهار . مؤكدا أن المخرجين والمهنيين هم النجوم الحقيقيون لهذه الدورة، دون الإستنقاص من قيمة الممثلين، مشددا على أن هذا المهرجان هو أهم تظاهرة ثقافية تمكن من بعث روح جدية في تونس على حد قوله.
من جهة أخرى أعلنت الممثلة التونسية "فريال قراجة" الملقبة بإسم "فريال يوسف" في مصر ، مغادرة مصر نحو تونس للمشاركة في مهرجان أيام قرطاج السينمائية خلال الأيام القليلة المقبلة.
ولقد أسس السينمائي التونسي الطاهر شريعة الذي توفي سنة ألفين وعشرة , هذا المهرجان بنية ترسيخ ثقافة سينما الجنوب ودعمها في مواجهة إمبرالية السينما الأمريكية وغيرها من دول الغرب . بنية التصدي لسيطرة الصورة النمطية للدول الجنوب في السينما .
للمساهمة في تقديم هوية أخرى تنقل الحقيقة والواقع وربما البديل وبالتالي وجهات نظر أخرى مختلفة .
والمهرجان اليوم يناهز عمره أكثر من خمسين سنة في دورته الثامنة والعشرون , حيث تم الإحتفال العام الفارط بخمسينيته الأولى في الدورة المنقضية التي كان يديرها المخرج السينمائي إبراهيم اللطيف .
ولقد كانت دورات المهرجان تقام كل سنتين بصفة دورية . ولكن بعد الثورة إرتئت الإرادة السياسية إلى جانب مطالبة بعض القوى الثقافية المؤثرة , بدورة سنوية تحتفي بالسينما كل عام . ولقد كان ذلك وخصصت الإعتمادات المالية واللوجستية من قبل وزارة الثقافة والأطراف المعنية ليحتفل شارع الحبيب بورقيبة وقاعات السينما بالسينما كل عام .
تجدر الإشارة أيضا إلى أن بعض الجهات في البلاد تحتفل بأيام قرطاج السينمائية وليس فقط العاصمة التونسية . وتوزع عليهم أفلام من المهرجان يتم عرضها بالتزامن مع فعاليات المهرجان .
وذلك في إطار إنفتاح المهرجان على الشعب والجمهور في كامل البلاد وإرساء لمبدأ اللامركزية الثقافية الذي يسعى التونسيون والجهات الرسمية السياسية المتعاقبة لترسيخه كمبدأ شعبي معاش حقيقة قولا وفعلا في شتى المجالات الثقافية .
ويجدر التنويه أيضا أنه في الدورتين السابقتين اللتان كانتا بإدارة المخرج إبراهيم اللطيف , تم الخروج بالسينما والأفلام إلى الشارع و تحديدا في الشارع الرئيسي الحبيب بورقيبة , حيث وضعت التجهيزات وشاشة عرض ضخمة , تمكن المارة والمواطنين الذين لا يملكون ثمن التذكرة الرمزي لمشاهدة الأفلام في القاعات ,أو يفضلون مشاهدة أفلام قديمة نوعا ما من خارج المسابقات الرسمية في المهرجان من التمتع بالسينما في الهواء الطلق وبالمجان . وقد وضع توقيت مناسب للعرض ما بين التاسعة والعاشرة ليلا حتى لا يقع الإزدحام مابين متفرجي القاعات ومتابعي شاشة العرض في الشارع وحركة السير في الشارع .
مما أضفى طابعا كرنفاليا بديعا حيث يحلو السهر في شارع الحبيب بورقيبة خلال أيام قرطاج السينمائية حيث الفن والسينما للجميع . وذلك في تماهي مع مهرجان ,كان, الذي يعرض أفلام مجانية على شاشات ضخمة أمام البحر .
ولم يكتفي المهرجان أيضا في الدورتين السابقتين بالخروج إلى الشارع بل دخل إلى السجون التونسية . في بادرة تسعى إلى إضفاء روح التسامح بين المواطنين التونسيين والدولة من خلال فسحة السينما . حيث إستمتع المساجين في عدة سجون تونسية بوجبات سينمائية دسمة خلال المهرجان بالإضافة إلى نقاشات للأفلام بعد العرض بحضور نجوم الأفلام وتحاورهم مع المساجين . وقد أثنى النجوم العرب الذين زاروا السجون وشاهدوا الأفلام مع المساجين وناقشوها على هذه البادرة وشجعوا على الحذو على منوالها . ومن أبرز النجوم العرب الذين زاروا السجون في الدورتين السابقتين نجد الفنان خالد النبوي ومنة شلبي وكندة علوش وفريال يوسف وهند صبري وباسم سمرة وعمر يوسف وغيرهم ....
تجدر الإشارة إلى أن هذه البادرة قد تمت بالتعاون مع أيام قرطاج السينمائية ومنظمة الصليب الأحمر الدولية إلى جانب الرابطة التونسية للدفاع على حقوق الإنسان , وقد تم الإعلان أن هذه البادرة ستتواصل هذا العام في موسمها الثالث .
وفي ذات الإطار المتمثل في تنشيط وإحياء شارع الحبيب بورقيبة الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية خلال المهرجان فلقد قالت مصادر صحفية أنه يتم الإستعداد والتحضير لعروض أزياء ضخمة . تضم عارضي أزياء تونسييون من ذوي البشرة السمراء تحت شعار مناهضة العنصرية . حيث اتصلت إدارة المهرجان بعدد من مصممي الأزياء التونسيين ليشاركو بأعمالهم ضمن هذا المضمون .
وفي سياق آخر قرّر مخرج فيلم التحريك القصير "الولد والبحر"، سامر عجوري، الانسحاب من مهرجان "أيّام قرطاج السينمائيّة" لسنة 2017 احتجاجًا على مشاركة الفيلم الروائيّ الطويل "مطر حمص" للمخرج جود سعيد.
وقال سامر عجوري أن فيلم , مطر حمص , يساهم في التغطية على الجريمة والتعمية عن القاتل'' على حد تعبيره .
واتهم المخرج السوري في بيان له صريحا :، مهرجان أيام قرطاج السينمائية يكرس التطبيع السياسيّ مع المسؤول المباشر عن "دمّ حمص" في إشارة إلى نظام بشار الأسد والجيش السوري وفق ما جاء في البيان .
ويجدر التذكير أن إجتياح حمص أو معركة الحسم هي حملة شنها الجيش السوري على مدينة حمص خلال شهر شباط عام 2012 .
أدت إلى سقوط قرابة 1,000 قتيل و1,800 وقد جاءت المجزرة في اليوم الذي صادف إحياء الذكرى الثلاثين لمجزرة حماة التي وقعت عام 1982 من قبل نظام حافظ الأسد والد الرئيس السوري بشار الأسد مستهدفا المعارضة السورية التي كانت تنشط بقوة في تلك المدينة .
و كان اليوم الأول لمجزرة حمص هو 3 شباط / فبراير عندما قصفَ الجيش السوري حي الخالدية براجمات الصواريخ وفقَ أصوات المعارضة .
و أكد مدير الدورة 28 من مهرجان أيام قرطاج السينمائية في ندوة صحفية عقدها الخميس 19 أكتوبر 2017، أنه سيتم خلال هذه الدورة عرض عدد من الأفلام التونسية والعربية والأجنبية.
وأشار المنتج السينمائي نجيب عياد إلى رجوع مسابقة الفيلم الوثائقي للأفلام الطويلة والقصيرة خلال هذه الدورة، بعد حذفها من الدورات الفارطة وإدماجها مع المسابقة الرسمية الكبرى.
وقال عياد أن أهم أهداف هذه الدورة من المهرجان هي العمل على تعميق القرب من الشباب وذلك من خلال توخي التقنيات الرقمية في العمل وبيع التذاكر.
وأكّد عيّاد، على أن الدورة 28 تميزت بالعدد القياسي في الأفلام التونسية،حيث نجد 47 فيلما طويلا، منها 18 فيلما روائيا طويلا، و41 فيلما قصيرا، مشيرا إلى أن 4 دول ستكون ضيوف شرف هذه السنة، وهي كل من الجزائر، إفريقيا الجنوبية، الأرجنيتين، إلى جانب كوريا الجنوبية.
وسيتم عرض حوالي 180 فيلما من كل أنحاء العالم، وسيكون الجمهور على موعد يوميا مع 60 عرضا طيلة 9 أيام، ومنها 12 فيلما من الجزائر، 10 أفلام من الأرجنتين، 8 أفلام من إفريقيا الجنوبية، 7 من كوريا الجنوبية.
أما بالنسبة للجان التحكيم في مسابقة أيام قرطاج السينمائية في دورتها الثامنة والعشرون، فهي ثلاثة، لجنة الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة، ولجنة الأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة، ولجنة الطاهر شريعة للجائزة الأولى.
وسيكون للأفلام التونسية نصيب هام في المهرجان حيث تشارك الافلام التالية في مختلفة المسابقات الاتي ذكرها :
• قسم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة
“على كف عفريت” لكوثر بن هنية
“مصطفى Z” لنضال شطا
-” شرش” لوليد مطار
• قسم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة :
– “في الظل” لندى مازني حفيظ
– “كسكسي: حبوب الكرامة” لحبيب العايب
– “قفصة : عام الصفر” لناجية بن مبروك
• قسم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة :
– ” آية” لمفيدة فضيلة
– “برزخ” لإنصاف عرافة
– “أسرار الرياح” لإيمان ناصري
قسم مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة
“صوت الشارع” لمنال قاطري
ويحظى مهرجان أيام قرطاج السينمائية بإقبال واسع من التونسيين , حيث تباع سنويا حوالي أكثر من مائة ألف تذكرة سينما خلال أسبوع , ناهز المتفرجون على الافلام السنة الفارطة حوالي المئة وخمسون ألف متفرج وهي ظاهرة فريدة لا تجدها إلا في تونس .
يعتبر مهرجان أيام قرطاج السينمائية قيمة ثابتة عربيا و إفريقيا ودوليا , حيث كان أول من كرم المخرج المصري العالمي يوسف شاهين بفوزه بالتانيت الذهبي في سبعينات القرن الماضي . لكنه في السنوات الأخيرة شهد تراجعا تنظيميا وتمويليا أثر على قيمية هذا المهرجان بالإضافة الى توالد المهرجانات العربية ذات الإمكانيات الكبرى التي أصبحت تستجلب كبرى الأفلام وأكبر النجوم العرب والعالميين . الأمر الذي أصبح يستوجب التفكير في حلول بديلة وعاجلة تعيد لهذا المهرجان ألقه وهويته ومكانته .
لطيفة المقبلي – تونس