"يونسكو ب2" وفلسطنة وعولمة وتعريب الصراع

تم نشره الثلاثاء 30 كانون الثّاني / يناير 2018 01:11 صباحاً
"يونسكو ب2" وفلسطنة وعولمة وتعريب الصراع
د.أحمد جميل عزم

طرح الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس في خطابه في القمة الإفريقية، في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، تصوراً للمرحلة المقبلة في مواجهة السياسات الأميركية، وذلك على الصعيد الدولي، ولكن يصعب رؤية نجاح الجهد دولياً، دون النجاح فلسطينيا أولاً قبل ذلك، ثمّ عربياً، وعالمياً، وهناك فرق بين الدولي والعالمي. 
بعد أسابيع من الحديث عن الراعي البديل للولايات المتحدة الأميركية، أشار الرئيس الفلسطيني إلى عملية إنشاء آلية دولية متعددة الأطراف، تحت مظلة الأمم المتحدة، قد تأخذ شكل مؤتمر. والواقع أنّ هذه الفكرة يمكن أن تطور فعلاً لآلية مهمة، لأنّ الراعي لا يمكن أن يكون دولا أخرى، والراعي لن يكون لمفاوضات، فهذه عبثية الآن، ولكن آلية لإنهاء الاحتلال. وربما يكون من الأفكار المفيدة  لبحثها في هذا الصدد، ما طرحه على مدى سنوات الباحث الأميركي في جامعة ميرلاند، جيروم سيغال، بعنوان UNSCOP2، إشارة للجنة الأمم المتحدة الخاصة بشأن فلسطين، التي وجدت في 15 أيار 1947، بناء على طلب بريطاني لأن تقوم الجمعية العامة بوضع خطة لمستقبل فلسطين. وهو ما صدر عنه في النهاية، قرار التقسيم 181. 
هذا القرار ظالم ومجحف للفلسطينيين، ومهد الطريق لإقامة كيان يعتمد الدين والعرق أساساً لزعم الحق السياسي، في نكسةٍ لمسيرة العالم وللنظام الدولي الذي يؤمن بحق تقرير المصير للشعوب، ولا يجيز الغزو والتهجير بالقوة. ورغم ذلك فإنّ إقامة دولة فلسطينية تحتاج لخطة أخرى. وهذه ربما الآلية التي يمكن أن تترجم المطالب بآلية دولة. ولكن هذه الفكرة تبدو غير واقعية وبلا نتائج عملية، إلا ضمن استراتيجية أوسع. 
غير واقعية لأنّ عملية "تسويقها"، ودفع قوى لتبنيها ليست سهلة، وغير عملية، لأنّ قرار 181 لم يكن ليطبق دون إرادة الدول العظمى.   
يصعب تخيل أوروبا أو الأمم المتحدة، عموماً، تتبنى خطة بحجم اجتماعات العام 1947، لبلورة خطط جديدة، (كما يقترح جيروم)، إلا إذا شعر العالم بأنّ هناك شيئا يتحرك على الأرض. وأهم ما يمكن أن يتحرك هو الفلسطينيون. من هنا فإذا كان ما تطرحه القيادة الفلسطينية، هو "تدويل" الصراع، فإنّ مدخل التدويل هو "الفلسطنة"، تماماً كما حدث قبل العام 1974، عندما وقف ياسر عرفات، وخطب خطابه التاريخي الشهير في الأمم المتحدة، والذي تلاه اعتراف العالم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعياً للفلسطينيين. والفلسطنة، هي أولا إعادة تفعيل مؤسسات العمل الفلسطيني في منظمة التحرير، والوطن والشتات. الفلسطنة يقصد بها إعادة تفعيل المستوى الشعبي الفلسطيني في النضال، عبر اتحادات الطلبة، والجاليات وفدرالياتها وكونفدرالياتها، والاتحادات الشعبية المختلفة، وفق خطة تمكين متكاملة. وهدف "الفلسطنة" في جزء مهم منه هو الوصول إلى "العولمة". وتختلف العولمة عن عملية التدويل. فالتدويل يقوم على العلاقة مع الحكومات والأحزاب الرسمية، وهو أمر تقوم عليه الدبلوماسية الفلسطينية الرسمية (وفرقها)، ولكن العولمة هي عملية تجنيد شبكة تضامن واسعة من الشعوب في العالم للضغط على حكوماتها، ولإيجاد رأي عام ضاغط، وتحرك قضايا قانونية ضد الإسرائيليين في بلدانها، وتدعم المقاطعة وسحب الاستثمارات، وهو ما يحتاج استنهاضا شعبيا شاملا. وإذا نشطت الجاليات الفلسطينية، واتحادات الطلبة والفنانين والكتاب والأكاديميين ورجال الأعمال عالمياً، فسيساعد ذلك في  "عولمة" الصراع بتفعيل الضغط الشعبي العالمي. 
بالطبع يمكن ويجب أن تلعب الحكومات العربية دورا أساسيا في هذه الخطة، وعندما حصل الفلسطينيون في الماضي على اعتراف دولي بهم كشعب كان هذا بدعم عربي. وربما يوجد تباين تصنيف الأولويات مع حكومات عربية، وفي رؤية آليات العمل الأنجع، ولكن التواصل لتفاهمات غير مستحيل، كما  العمل على استغلال التعاطف الذي أدى له القرار بشأن القدس الشهر الفائت، لإعادة اطلاق التضامن العربي الشعبي، ولجانه العاملة ذات الديمومة، عبر بوابة مؤتمرات وندوات ولقاءات. إن لم يكن في جميع الدول العربية ففي بعضها في البداية. 
تعني عمليات الفلسطنة إعادة الوجه والفعل الشعبي للواجهة، خلف العمل الدبلوماسي، فالدبلوماسي دون شعبي مقاوم (في الحالة الفلسطينية) بلا جدوى  حقيقية، والفلسطنة هي طريق العولمة وبوابة التعريب، وطريق دفع العالم للتراجع عن هروبه من مواجهة استحقاقاته في حفظ النظام الدولي، ومواجهة العنصرية ونظام الأبارتهايد الإسرائيلي.

الغد 2018-01-30



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات