منتدى الاستراتيجيات يوصي بمراجعة قانون اللامركزية

المدينة نيوز :- أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بمراجعة شاملة لقانون اللامركزية لعام 2015، بهدف تطوير هذا النهج بإزالة العقبات والتغلب على التحديات التي ما زالت تقف عقبة أمام تقدم سير العمل بمشروع اللامركزية. بسهولة ويسروقال المنتدى في بيان اصدره اليوم الاحد، حول دراسة بعنوان "واقع اللامركزية في الأردن في عامها الأول 2018: نظرة تحليلية وتقييمية"، إنه يأتي في مقدمة العقبات التي ينبغي العمل على إزالتها التداخل في الصلاحيات والمسؤوليات في تنفيذ المشروعات الرأسمالية الجديدة بين الوزارات والدوائر الحكومية من جهة، وبين المجالس التنفيذية ومجالس المحافظات المنتخبة من جهة أخرى.
وأكد أن المطلوب تفويض العملية كاملة الى المجالس التنفيذية ومجالس المحافظات المنتخبة ابتداء من تحديد المشروعات الرأسمالية والتنموية في المحافظات إلى تنفيذها، بما في ذلك طرح العطاءات وإحالتها على المقاولين بالتعاون مع الوزارات والدوائر الحكومية المعنية.
وأوصت الدراسة بحصر طلب إجراء المناقلات في مخصصات المشروعات الرأسمالية والتنموية للمحافظات في المجالس التنفيذية والمجالس المنتخبة للمحافظات شريطة موافقة وزير المالية بناء على تنسيب مدير عام دائرة الموازنة العامة وأن تكون المناقلات ضمن القطاع (الفصل) ذاته.
أما إذا كان طلب المناقلة من قطاع (فصل) إلى قطاع (فصل) آخر، فينبغي الحصول على موافقة مجلس الوزراء بناء على تنسيب وزير المالية المعتمد من مدير عام دائرة الموازنة العامة.
وفي ضوء افتقار معظم المحافظات إلى هياكل إدارية قادرة على تنفيذ الأمور المالية المتعلقة بالمشروعات الرأسمالية بكفاءة واقتدار، أوصى المنتدى بإنشاء وحدة مركزية لهذه الغاية في وزارة المالية تعمل بالتنسيق مع الجهات المعنية في المحافظات للصرف لحين استكمال الهياكل المطلوبة في المحافظات وتدريبها لضمان الانتقال السلس إلى اللامركزية لتجنب أي إرباك أو تعطيل للخدمات التي تنفذ في المحافظات.
كما أوصى بتبني برامج ودورات تدريبية مكثفة لبناء القدرات المؤسسية اللازمة في المحافظات ومجالس المحافظات ومديريات التنمية المحلية لتصبح لديها القدرة على تقديم الخدمات الحكومية بكفاءة واقتدار، ما يتطلب الإسراع في توفير الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة الكافية لتطبيق مفهوم اللامركزية بنجاح في التوقيت الملائم، لأن التأخر في تحقيق هذا الهدف يلقي تبعات سلبية على هذا النهج.
وفي هذا السياق بين المنتدى أن هذه ليست دعوة للتسرع وإنما دعوة لتبني برنامج زمني محدد لتحقيق هذا الهدف يراعي تطوير وتأهيل الكوادر البشرية وتعديل الأنظمة المالية التي تمكَن المحافظات من إدارة وتنفيذ موازناتها بشكل سلس على غرار الوزارات والدوائر الحكومية.
وأكدت الدراسة ضرورة تقدير الإيرادات المحلية والمنح الخارجية بشكل واقعي ومدروس بعيدا عن المبالغة، لضمان تنفيذ المشروعات الرأسمالية الجديدة التابعة للمحافظات، حيث أن حدوث أي اختلال في هذا الموضوع سيؤثر سلبا على تنفيذ المشروعات الجديدة بشكل خاص أكثر من تأثيرها على المشروعات الرأسمالية المستمرة وقيد التنفيذ.
وأشار المنتدى إلى ضرورة أن تظهر بيانات الموازنة العامة للسنوات المقبلة المشروعات الرأسمالية الجديدة مقسمة إلى مشروعات المحافظات ومشروعات الوزارات والدوائر الحكومية المركزية والمشروعات على المستوى الوطني أي التي تخدم أكثر من محافظة أو أنها تخدم المملكة بشكل كامل.
كما اشار الى ضرورة شمول المشروعات الرأسمالية والتنموية للمحافظات لبعض الأنشطة الرئيسية التي تتولاها البلديات، نظرا لأن بلديات المملكة عموما تعاني بشكل واضح من عجوزات مالية كبيرة مما يجعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، شريطة أن يتم تنفيذ مثل هذه المشاريع للبلديات التي تتبنى برامج إصلاح مالي وإداري واضحة وشفافة.
وأوصى المنتدى بالبدء، اعتباراً من العام 2020 في معاملة المحافظات كفصول مستقلة في الموازنة شأنها في ذلك شأن الوزارات والدوائر الحكومية.
وكان المنتدى أصدر الدراسة لتقديم نظرة تحليلية وتقييمية لواقع اللامركزية في الأردن ومدى تلبية مخصصات الموازنة العامة لخدمة المشاريع في المحافظات لتحقيق أهداف اللامركزية.
وذكرت الدراسة بأن النفقات الرأسمالية للمشروعات الجديدة في المحافظات في موازنة العام 2018 كانت قد بلغت ما مقداره 220 مليون دينار، فيما كانت بقية النفقات الرأسمالية عبارة عن مخصصات لمشاريع رأسمالية سابقة مستمرة وقيد التنفيذ في محافظات المملكة الاثنتي عشرة ومشاريع رأسمالية على المستوى الوطني بمعنى أنها تخص أكثر من محافظة ولم يتم استكمال إنجازها بعد.
وأجابت الدراسة على سؤال كيفية تحديد السقف الإجمالي لمخصصات النفقات الرأسمالية للمحافظات الاثنتي عشرة والبالغ 220 مليون دينار في عام 2018.
وفي هذا السياق، بينت الدراسة بأن الإجابة على هذا السؤال ترتبط بحجم الحيز المالي (Fiscal Space) المتاح في عام 2018، حيث يتم احتساب الحيز المالي من خلال تقدير الإيرادات المحلية والمنح الخارجية المتوقعة للعام يضاف إليها قيمة العجز المالي بعد المنح القابل للتحمل (المسموح به) مطروحا من مجموع ما تقدم النفقات الجارية المتوقعة للعام المذكور، ومن ثم يضاف إليها النفقات الرأسمالية للمشاريع الرأسمالية المستمرة وقيد التنفيذ المتوقعة للعام (أي المشاريع الرأسمالية السابقة).
وبين أن الفارق يمثل الحيز المالي المتاح للإنفاق على المشاريع الرأسمالية الجديدة في العام والذي بلغ 3ر246 مليون دينار في العام 2018، وقدرته موازنة العام 2019 بحوالي 267 مليون دينار، وتم تخصيص 220 مليون دينار منه على المحافظات الاثنتي عشرة كسقف إجمالي لها وباقي 3ر26 مليون دينار لمركز الوزارات والدوائر الحكومية.
وذكرت الدراسة بأن السقف الإجمالي لموازنة العام 2018 تم توزيعه على المحافظات من خلال توزيع 30 بالمئة من السقف الإجمالي المخصص لتمويل المشاريع الرأسمالية الجديدة والبالغ 220 مليون دينار بالتساوي بين المحافظات الاثنتي عشرة، فيما تم توزيع الـــ 70 بالمئة المتبقية بناء على معادلة أخذت بعين الاعتبار اعتماد 25 بالمئة كوزن لنسبة الفقر في المحافظة، ومثلها للبطالة و35 بالمئة لعدد السكان و5 بالمئة لمساحة المحافظة، و10 بالمئة لعدد المنشآت الاقتصادية في المحافظة.
وفي هذا المجال، أوضحت دراسة المنتدى بأن هذه الأسس والمعايير ليست ثابتة بل يتم مراجعتها وتعديلها بشكل سنوي لتعكس التطور في تنفيذ مشروعات اللامركزية في هذه المحافظات.
أما بالنسبة لحجم الإنجازات التي تم تحقيقها في تنفيذ المشروعات الرأسمالية والتنموية في محافظات المملكة لعام 2018، فقد بين المنتدى أن المعلومات المتاحة تشير إلى أن نسبة الإنجاز كانت متدنية إلى حد كبير حيث تشير المعلومات المتوفرة بأن نسبة الإنفاق لم تتعد نسبة الــ 25 بالمئة من إجمالي المخصصات "وهذه النسبة تعد مؤشرا على تعثر مسار اللامركزية في المملكة في عامها الأول بشكل واضح".
وأشار المنتدى إلى التواضع الملحوظ في نسبة الانفاق وبالتالي في تنفيذ المشروعات الرأسمالية والتنموية الجديدة في العام 2018، موضحا أن انخفاض نسبة الإنفاق الرأسمالي في المحافظات للعام 2018 يمكن أن يعزى إلى جملة من الأسباب.
ومن هذه الأسباب، حسب المنتدى، أن تجربة اللامركزية ما زالت في بدايتها وأن أدوار ومهام المجالس التنفيذية والمجالس المنتخبة يشوبها ويكتنفها حالة من عدم الوضوح، بالإضافة إلى التداخل بين المهام التي تتولاها الوزارات والدوائر الحكومية وبين مهام مجالس المحافظات لتنفيذ هذه المشاريع مثل الحصول على مستندات التزام من دائرة الموازنة العامة تمهيداً لطرح عطاءات هذه المشاريع وإحالتها على المقاولين للشروع في تنفيذها، حيث أن الخطوة الأولى للتنفيذ هي من مسؤولية وصلاحية الوزارات والدوائر الحكومية وليس من مسؤولية مجالس المحافظات.
وبينت الدراسة أن ضعف التنسيق بين مجالس المحافظات والجهات التنفيذية في مراكز الوزارات والدوائر الحكومية، ومرور وقت طويل على قيام الحكومة بتوفير الاحتياجات اللوجستية اللازمة لأعضاء المجالس المنتخبة من مكاتب ومبان وغيرها من الأمور الضرورية الأخرى للاضطلاع بمهامهم بسهولة ويسر قد ساهمت في محدودية تنفيذ المشروعات الرأسمالية الجديدة التابعة للمحافظات في العام 2018.
وأضافت الدراسة بأن محدودية الإنفاق على المشاريع الرأسمالية والتنموية الجديدة قد يعزى إلى عدم امتلاك معظم أعضاء مجالس المحافظات الخبرة الكافية التي يمكن أن تساعد في تحقيق نتائج أفضل في هذا المجال، إضافة إلى عدم تحقيق الإيرادات المقدرة في الموازنة نتيجة المبالغة في تقديراتها، مما يضطر القائمين على الجانب المالي في الدولة التأخير في تلبية متطلبات تنفيذ المشاريع الرأسمالية وخاصة الجديدة منها تفادياً لحدوث زيادة في العجز المالي وحجم الدين العام عن تقديرات قانون الموازنة العامة.
وتعليقاً على ما سبق، قال منتدى الاستراتيجيات الأردني في دراسته بأن مسار اللامركزية في الأردن في عامها الأول 2018 قد اتسم بالبطء الشديد جراء هذه الأسباب المذكورة آنفاً، وأكد على أن محدودية الانفاق خلال العام 2018 لا ينبغي أن يقودنا إلى الحكم على عدم نجاح هذه التجربة، إذ يمكن العمل على تسريع الخطى وبالتالي تحقيق نتائج أفضل خلال عام 2019 والسنوات اللاحقة، وذلك في حال تم اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير الكفيلة بالتغلب على المصاعب والتحديات التي واجهت تطبيق النهج الجديد في العام الأول.
--(بترا)