مؤتمر البحرين.. أولويات متعارضة

تم نشره السبت 25 أيّار / مايو 2019 12:48 صباحاً
مؤتمر البحرين.. أولويات متعارضة
د. صبري الربيحات

الأمیركیون معنیون بدعم اسرائیل والحصول على اموال ونفط الخلیج، والخلیجیون مھتمون بتدمیر ایران ومباركة امیركا لحكمھم وسیاساتھم، والفلسطینیون یسعون لاستعادة أرضھم وسیادتھم، اما الاسرائیلیون فلیس لھم إلا ابتلاع ما تبقى من فلسطین وقبول العرب بذلك. یبقى الأردن عالقا بین كل ھذه الرغبات المتضاربة فلدیھ مشكلات اقتصادیة كبیرة وحاجة إلى الاستقرار ورغبة في دور اقلیمي وحل لمشكلات اللاجئین والقدس والمیاه وكل البنود التي بقیت عالقة منذ اتفاقیات اوسلو ووادي عربة. السؤال المطروح یتعلق بالاولویات التي سیعالجھا المؤتمر ولماذا اختیرت البحرین وھل لمصالح الفلسطینیین مكان على الاجندة الخلیجیة الامیركیة الاسرائیلیة؟ اسابیع قلیلة تفصلنا عن الموعد الذي ضربتھ الادارة الامیركیة للاعلان عن صفقة القرن. حتى الیوم لا احد من العرب یعرف التفاصیل الكاملة للصفقة إلا ان الكل یستطیع قراءة الملامح العامة والرابحین والخاسرین. لقد نجح الفریق المكلف بإعداد الصفقة في الحفاظ على سریة بنودھا فھناك خمسة إلى ستة اشخاص یعرفون التفاصیل مع ان الكثیر من الاصدقاء والحلفاء والاعوان منخرطون في التمھید وتجریف اي مقاومة لھا. العرب مطالبون بالانخراط في العملیة التي بدأت قبل ان یعلن عنھا. سلسلة من خطوات الترغیب والترھیب تلوح في الافق فقد حضر الاسطول الامیركي إلى المنطقة وارتفعت وتیرة التصعید وجرى التبشیر بحل الازمات الاقتصادیة للاطراف المعنیة ووعدت المنطقة بنھضة اقتصادیة شاملة ورفع لكل المعوقات التي حالت دون حل المشكلات والازمات الاقلیمیة والمحلیة ومع ذلك ما یزال الارتباك یسیطر على مزاج الزعامات ومواقفھم. الجمیع قلق من ان یبدي حماسا علنیا للصفقة فیواجھ نقمة شعبیة واتھامات بالخیانة والتنازل أو ان یتحفظ علیھا ویرفضھا فیكون بعیدا عن الطاولة وتتجاوزه الاحداث فیخسر الدعم ویرفع عنھ الغطاء ویواجھ احتمالیة التغییر والاستبدال. في ھذه الاجواء المشوشة یعید الجمیع قراءة الاوراق ویبحث

البعض عن غطاء عربي ولا یرغب احد ان یكون لینا فیعصر أو صلبا فیكسر فھناك قدر من المناورة التي یقوم بھا الجمیع بطرق واسالیب متباینة. وسط ھذه المخاوف واجواء الترقب والقلق والانتظار ینعقد مؤتمر البحرین الذي قیل انھ سیعالج الجوانب الاقتصادیة للصفقة. في اختیار البحرین مكانا للمؤتمر العدید من الرسائل والكثیر من الاسئلة فمن ناحیة كانت البحرین اول الاقطار الخلیجیة التي اھتمت بالمال والبنوك، وھي مقر للقنصل البریطاني التابع للمستعمرات الھندیة وقاعدة من القواعد العسكریة البریطانیة. في ھذه المرة اختار الأمیركیون المكان والزمان وصنعوا الاجواء التي یمكن ان تسھم في انجاح المؤتمر، فالبحرینیون اكثر حماسا لوجود حلف اقلیمي یساعدھم على الوقوف في وجھ الاخطار الایرانیة وھم من اقل الانظمة العربیة ممانعة للتطبیع. وفي البحرین شواھد كثیرة على ما تمثلھ ایران من خطر على امن المنطقة ومستقبل شعبھا ونظامھا. على مدار السنوات الماضیة ظلت البحرین الاكثر اكتواء بنیران الطائفیة والاشد معاناة من التأثیر الفارسي والاقرب إلى مصدر الخطر مما یجعلھا الاكثر تأییدا إلى وجود جبھة قویة ودعم كبیر یعزز شعورھا بالامن ویدعم صمودھا في وجھ التھدید الایراني القائم والمحتمل. لھذا السبب تشكل البحرین ارضیة مھمة لعقد المؤتمر فقد یسھم ذلك اذا ما كتب لھ النجاح في اعطاء دفعة قویة للصفقة ومكانة خاصة للبحرین في العھد الجدید. في الكلمات التي سیلقیھا المتحدثون ستجري الاشارة إلى الاخطار الایرانیة ومعاناة البحرین واھمیة تشكیل الجبھة الاقلیمیة. وسیشیر الامیركیون إلى سفنھم واساطیلھم الراسیة والمبحرة في عباب الخلیج وحرصھم على حمایة المنطقة والدفاع عن الاصدقاء. الحدیث عن امن الخلیج والعدو الایراني لا ولن یعوض الفلسطینیین عن ارضھم ولن یحل مشكلة اللاجئین التي تعاني منھا الأردن ولبنان وسوریة. الحدیث عن المشكلة الفلسطینیة في سیاق وقف التھدیدات الایرانیة تھمیش للقضیة وخلط للاوراق وقد یكون ضحكا جلیا على الذقون. في اسرائیل ھناك نشوة استثنائیة حیث نجحت المخططات الصھیونیة التي عمل علیھا الصھاینة ومنظماتھم في تفكیك الجبھات العربیة وخلق حالة من الصراع والشك وخلق حالة من الھشاشة والضعف تتیح لھم التحكم في مصیر ومستقبل المنطقة دون مقاومة أو اعتراض. وفي نفس السیاق یسیر القرار الامیركي الیوم من قبل مجموعة ھي الاكثر استعدادا لدعمھا وتمكینھا من الحصول على ما ترید حیث سلمت الخطة الامیركیة لشاب یھودي یؤمن بحق الیھود في فلسطین وسبق ان تطوع للعیش في المستوطنات وتربطھ علاقة روحیة وعقائدیة وسیاسیة بالیمین الاسرائیلي وقیاداتھ الحالیة. الفصل الاخیر او قبل الاخیر من القضیة الفلسطینیة یبدو منفصلا عن بقیة النص وخارجا عن السیاق یعكس بؤس المخرج ورداءة النص فمن غیر المعقول ان تكون المشكلة في بلاد الشام والنقاش حولھا في البحرین في سیاق محاربة المد الشیعي. ما یجري الیوم یذكرنا بالمثل الأردني الشعبي الذي یقول ”العرس في مادبا.. والطخ في قفقفا“.

الغد - الجمعة 24-5-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات