التحشيد العسكري في الخليج .. الى اين ؟

تم نشره الأحد 26 أيّار / مايو 2019 01:05 صباحاً
التحشيد العسكري في الخليج .. الى اين ؟
د.فطين البداد

في زمن طائرات الدرون وخرائط جوجل المتوفرة للجميع ، فإنه بإمكان اي شخص بث القلق في اكبر واعظم دول العالم من خلال اطلاق هذه الطائرات في السماء ، كما سبق وحدث في مطارات اوروبية عانت من هذه الطائرات وخطرها على الملاحة الجوية فتم سن قوانين بشأنها .

ليست حالة خارقة ومتميزة ان يطلق الحوثيون طائراتهم الايرانية على أي من المرافق في اي من الأمكنة ، وإذا تم النظر الى معيار الكفاءة ، فإن صنع طائرة ووضع كاميرات عليها هي من خلال تجارب زمنية شاهدنا مؤخرا قضية سهلة سبق وفعلتها داعش في العراق وفي سوريا ، حينما كانت طائراتها البدائية تبث القلق في طائرات الإف 16 وغيرها ، إذ لا يبدو الامر سوى عمليات تخريب لا أكثر ولا يمكن لمطلقي هذه الطائرات كسب أي حرب .

الايرانيون الذين يعيشون أسوأ ظروفهم هذه الأيام ، والذين لا يعرفون كيف يتصرفون بعد أن عجزوا عن تنفيذ أي من تهديداتهم الجوفاء ، لا زالوا جبناء ورعاديد بامتياز ، ذلك أنهم ، وكعادتهم ، ينفذون تهديداتهم باسم غيرهم ، ومن ذلك عملاؤهم في اليمن وفي العراق وفي سوريا وفي لبنان ، أما أن يشمروا عن سواعدهم ويبهروا العالم بشجاعتهم الهلامية فإن هذا لم يحصل لا سابقا ولا الآن ولا في المستقبل .

طال الزمن بملالي طهران وهم يتكئون على غيرهم ويحصدون ما يزرع سواهم في السياسة والاقتصاد بل وفي الحروب ، ولقد رأينا كيف أنهم كانوا يتعاونون مع اسرائيل في الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثماني سنوات سواء من خلال صفقة ايران - كونترا او غيرها ، ورأيناهم يفعلون ذلك في افغانستان عندما تحالفوا مع الأمريكان ،ولاحقا مع حلف الأطلسي وقدموا خدمات مجانية في سبيل انهاء حكم طالبان ، ورأيناهم يفعلون ذلك في العراق عندما اتفقوا مع جورج بوش الاب ثم  الأبن ومع الاستخبارات الامريكية وقدموا كل ما يستطيعون بما في ذلك الاحزاب والميليشيات المعدة سابقا في سبيل احتلال العراق وانهاء حكم السنة فيه ، وجميعنا يذكر الطائرات العراقية الحربية الـ 120 التي لجأت الى ايران على شكل وديعة مستردة خلال حملات القصف وكيف أن الايرانيين رفضوا ارجاعها للعراق ولا زالوا يحتفظون بها بعد أن تمت مصادرتها رسميا ، ومن ثم رأينا كيف أن الفتاوى بدأت تصدر من هنا وهناك لدعم الأمريكيين وتحريم مقاومتهم ، بل إن فتاوى صدرت بجواز تسليم الاسلحة للمحتل الامريكي مقابل ثمن مادي وهو ما حصل مع ميليشيا الصدر وغيره في العام 2004 فما بعد ( راجعوا التاريخ ) ، ولاحقا ، رأينا كيف أنهم أنشأوا الحشد الشعبي بفتوى دينية للقتال مع الأمريكيين وكيف أنهم كانوا هم على الأرض وطائرات امريكا في السماء خلال الحرب على تنظيم داعش الارهابي ، وكيف انهم كانوا ينوبون عن امريكا في اقتحام القرى والمدن وابادة اهلها واغتصاب نسائها بدعوى البحث عن الدواعش، أولئك المجرمين الذين كانوا سببا في كل هذه المآسي ، والتي استغلها أعداء الأمة في طهران وغيرها خير استغلال .

وشاهدنا كيف أدار الايرانيون رقابهم باتجاه سوريا ورأيناهم يقاتلون مع الروس هذه المرة ، في الوقت الذي تمكنوا فيه من اختراق الصف الفلسطيني في غزة ، ووضعوا هناك  فصائل لهم  تحت امرتهم .

إن المراقب يرى كيف أنه وحيث يوجد خراب فإن أصابع الملالي تكون قد تلوثت به بشكل مباشر أو غير مباشر ، ولكن الخطير الذي يغفل عنه كثيرون هو أن الولايات المتحدة والغرب عموما هم في الحقيقة حلفاء لايران لا خصوم ، فبينما يتعامل ترامب مع الملف الايراني من منطق اسرائيلي وبعقلية التاجر ، نجد بأن الاتحاد الاوروبي والروس حريصون جدا على علاقات جيدة مع الملالي ، وعلى تحقيق استثمارات بمئات المليارات ، ولولا الضغط الامريكي " المسبب " لرأينا مئات العقود التجارية والصناعية يتم نفيذها بأيد امريكية واوروبية ، رغم ان اوروبا "الديمقراطية والراعية لحقوق الانسان " تعلم قبل غيرها بأن حراس الثورة في نظام الملالي يقومون باغتصاب المعارضين في مخافر الشرطة ، وهو ما كشفت عنه وسائل اعلامهم هم إبان حركة التمرد الشعبية قبل سنوات .

لقد ابتليت المنطقة العربية بجوار نظام خبيث كهذا الجوار ، ولا نتحدث عن الايرانيين كشعب ، ولا يتطلب الأمر نكران هذه الجيرة التي فرضتها الجغرافيا ، ولكن يتطلب أن يعي العرب بأنهم قادرون على الفعل إن غيروا نظرتهم لأنفسهم وبدأوا يثقون بقوتهم ، فنظام الملالي الهش نظام منخور من الداخل ، ولا يؤيده سوى المنتفعين منه من رجال دين متخلفين يحرسهم عسكر أشد تخلفا ، وهنا تكمن المشكلة ، وهي أنك تتعامل مع جهلاء لا سبيل للتعاطي معهم ألا بالقوة الرادعة ، وها إننا نرى كل يوم أن ايران التي كانت تتوعد وتحذر تنقلب تهديداتها ألى ردود افعال " تخريبية " ليس ألا عندما شاهدت الحزم والجدية ، وهو حزم ندرك بأنه قابل للتحول - أمريكيا - من تهديد ووعيد إلى ود ودفء شريطة أن يقبل الايرانيون بدورهم ولا يزاحموا أسيادهم في مخططاتهم للمنطقة والصراع فيها ، وأن لا يشكلوا أي خطر على مصالح اسرائيل ، وعندها سنجد تقاسما للنفوذ سبق وعبرت عنه الأدارة الأمريكية السابقة حينما طلبت من العرب التسليم والقبول بدور ايراني طاغ في الإقليم مما يؤكد على الدلال الأمريكي والغربي الذي تمتع به الملالي منذ ثورة الخميني إلى الآن .

إنه دلال من نوع خاص ، ولمن ينكره نذكره بطائرة أوباما التي حملت لخامنئي مبلغ 600 مليون دولار تم تسليمها إليه في طهران " كاش " ..

لا تنسوا تلك الواقعة !.

جى بي سي نيوز - الأحد 26-5-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات