المملكة الرابعة: مفهوما القوة والهشاشة

تم نشره الإثنين 10 حزيران / يونيو 2019 12:48 صباحاً
المملكة الرابعة: مفهوما القوة والهشاشة
د.باسم الطويسي

عشرون عاما على الأردن الجدید مرت في عھد جلالة الملك عبد الله الثاني، ھناك الكثیر من الكلام المھم الذي لا ینتھي عن الانجازات التي حققھا الملك وكلام لا یقل اھمیة عن التحدیات التي واجھھا الملك والمجتمع والدولة، عبر عقدین من الزمن تغیر فیھما العالم اكثر من مرة، وانقلبت المنطقة رأسا على عقب مرات عدة، ما یستحق ان نقف امامھ مطولا في ھذه المناسبة ھو الأردن وسط معادلة الھشاشة والقوة في الشرق الاوسط القدیم والجدید. ان نظرة اكثر عمقا لتاریخ التحولات التي شھدتھا المنطقة تمنحنا فرصة لمراجعة مفھومي القوة والھشاشة في ھذا الاقلیم من العالم، فالدولة الصغیرة محدودة الموارد كما توصف دوما لم تستطع الحفاظ على كینونتھا فقط بل تجاوزت ذلك الى استیعاب ازمات الاقلیم ومحنھ ثم اعادة تعریف السیادة الوطنیة والوقوف في وجھ الاشكال الجدیدة من الھیمنة ومشاریع التصفیة والالحاق على طریق استكمال اعادة تشكیل المنطقة. لقد اثبتت احداث الشرق الاوسط وحروبھ، ان المفھوم التقلیدي للقوة والثروة الى زوال؛ فتراكم الثروات الطائلة المكدسة وصفقات التسلیح والجیوش التي تستعرض على الشاشات، لم تكن قادرة على حمایة الاوطان والمجتمعات ولم تكن قادرة على حمایة السیادة الوطنیة او استقلال القرار الوطني في اللحظات التي تختبر فیھا الإرادة الوطنیة. المفارقة الأردنیة في العشرین عاما الماضیة تتمثل في اوضح صورھا في الثراء السیاسي والاستراتیجي، اي الرأس مال السیاسي الذي راكمتھ الادارة العلیا للدولة ممثلة بالملك وبالمجتمع الأردني، سواء في علاقات الداخل بالداخل او العلاقات الخارجیة، ورغم كل ما یقال عن تراجع الثقة بالحكومات الأردنیة واسترخاء الطبقة السیاسیة في السلطة واحیانا ترھلھا، فإنھ لم تتوفر في سنوات ھذین العقدین حالة من التوافق الوطني على قیم النظام السیاسي واھدافھ في الاقلیم بطولھ وعرضھ مثلما حصل في ھذا البلد، ولم تقدم دولة في المنطقة ممارسة سیاسیة واستراتیجیة مقنعة للعالم وتحظى باحترامھ واعجابھ مثلما مارس الأردن في كل اللحظات

العاصفة والایام الطویلة التي شھدھا الشرق الاوسط. الامر الذي یؤخذ بعین الاعتبار كیف طورت ھذه التحدیات المنظور الأردني لتماسك الدولة وقدرتھا على حمایة المصالح الوطنیة، وكیف انعكس ھذا التراكم في وعي الناس ووجدانھم ؛ فلقد ابقى الناس في ھذه البلاد ثقتھم وتوقعاتھم بالنظام السیاسي وبالملك وبالمؤسسة العسكریة فوق كل الاعتبارات؛ اي في المحصلة نمط آخر من الثقة العامة التي یصونھا المجتمع ویحرسھا، في المقابل كیف طور النظام السیاسي حساسیة خاصة في ادارة تحولات المجتمع لا یجزم احد ان كل تلك التحولات مرت بدون اخفاقات، لكن الثابت فیھا حمایة كرامة الناس وسد حاجاتھم الاساسیة والابقاء على قدرة المجتمع على اسناد قوة الدولة اي ان المجتمع بقي مصدر القوة ولم تمارس علیھ القوة والاستقواء، فالمعادلة الصحیة في مسار بناء الدول المعاصرة تتلخص في مجتمع قوي یعني دولة قویة، یمكن في لحظة ان تھتز الدولة ولكن لا یجب ان تتعمق ھشاشة المجتمع لأنھ المصدر الاقوى والاغنى لقوة الدولة. فخ الھشاشة نال الكثیر من مجتمعات الشرق الاوسط وغیره حینما خسرت النظم السیاسیة مجتمعاتھا؛ والمثال الواضح ما حدث في العراق وما یحدث في سوریة ولیبیا؛ دول لیست فقیرة ومستقرة نسبیا تحولت الى دول ھشة، كانت ھذه ھي الأسطورة التي سیرت النھج الذي اتبع بعد الإطاحة بصدام حسین في العراق، وھدم كل بقایا الدولة العراقیة السابقة ونشر مستویات عنف مروعة ما تزال الى الیوم. تكرر ذلك باستخدام نفس الوصفة مع العقید القذافي في لیبیا، الرئیس مبارك في مصر، الرئیس موبوتو في زائیر، الحكم القمعي في جنوب السودان وصولا الى المستقبل الغامض في السودان والجزائر الیوم. ابرز معالم الطریق الى الھشاشة تبدو في فقدان الشرعیة والكرامة والقیم المشتركة بین الناس والقیادة عندما تفتقد الدولة للشرعیة في أعین مواطنیھا تبدأ رحلة الھشاشة والفوضى والضعف. المملكة الأردنیة الرابعة تقدم معنى جدیدا ومختلفا لمفاھیم القوة والھشاشة في عالم یتغیر بسرعة

الغد  - 9-6-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات