حتى الجنون في مجتمعاتنا تدهور..!

تم نشره الجمعة 14 حزيران / يونيو 2019 12:37 صباحاً
حتى الجنون في مجتمعاتنا تدهور..!
حسين الرواشدة

لا ادري كيف يمكن «لأخ» أن يتنازل عن اخوته ويقتل شقيقه دون ان يرفّ له جفن، او «لأم» ان تتخلى عن أمومتها وتطوع لها نفسها قتل ابنائها فلذة كبدها، أو كيف يمكن «لابن» أن يوجه رصاصاته القاتلة تجاه والده الذي رباه، او لزوج ان يتجرأ بقتل زوجته وامها ويكاد يلحق بهما حماه لولا قدر الله، كيف يمكن لأحدنا أن يتصور هذه الجرائم التي غالبا ما ترتكب في اطار الاسرة الواحدة بدم بارد، وتسجل في اروقة القضاء برسم «المحاكمة» دون ان تهز موازيننا الاجتماعية وتطرق بقوة على جدراننا التي ما تزال صامتة.

لا أفهم لماذا يحدث هذا، هل هو «الجنون»، ولو كان كذلك لوجدنا له في «قواميس» علم النفس ما يفسره، هل هو القسوة التي اجتاحت مجتمعاتنا فولدت فيها الاحقاد والضغائن وفسائل الكراهية، هل هو اليأس الذي أطبق على بعضنا فانتهى به الى الانتقام من كل شي، حتى ولو كان اعز ما نملك، حقا لا ادري لأن هذه «الجرائم» أكبر من ان تدرج في سياقات الفهم والتفسير وفق قواعد «الانحرافات» السلوكية التي عرفناها.

الصور التي عهدناها للامراض النفسية والعقلية - كما يقول د. محمد المخزنجي طبيب الامراض النفسية - يبدو انها تغيرت جدا عما ألفناه في العقود الماضية، كيف؟ هنالك اعراض اختفت تماما من ساحة هذه الامراض وظهرت اعراض اخرى، هذه اصبحت مزيجا غير متجانس من الذهانات المختلطة والاكتئابات وحالات الهلع، كيف مرة أخرى؟ طغيان الاكتئاب والهلع وفقر النسيج البلاغي في الامراض النفسية مؤشرات على «تدهور» الجنون، حتى الجنون في مجتمعاتنا تدهور؟

 تساءلت: هل نحن امام حالة من تدهور أو انحدار الجنون، وهل يستدعي ذلك استنفار قوانا العلمية والاجتماعية ومراصدنا السياسية والاقتصادية لقراءتها والاجابة عن اسئلتها الخطيرة.. وهل معاقبة «الجناة» تكفي أم ان ثمة حقا للمجتمع لا يسقط بمجرد المحاكمة؟ نحن لا نتحدث عن جرائم قتل عادية، وانما عن جرائم غير طبيعية اصبحت تتصاعد في مجتمعنا - للاسف - ومن واجبنا ان ندق ناقوس الخطر لأنه لا يعرف احد منا فيما اذا كان في يوم من الايام «ضحية» لمثل هذه الجرائم، سواء كان قاتلا أم مقتولا، كما ان من حقنا ان نفهم لماذا يحدث ذلك، وكيف، وهذا الحق ليس متعلقا بالعقاب وتفاصيل الجريمة، وانما في المعرفة النفسية والاجتماعية، وفي معرفة كيف يمكن ان «نقي» أنفسنا منها، او نواجهها بما يلزم من معالجات.

هذا يحتاج الى انشاء «مرصد نفسي واجتماعي» يتولى بحث واستقصاء هذه الظاهرة الغريبة، ويضع للمسؤول - حيثما كان - ما يلزم من قصورات واجراءات، لفهمها والتعامل معها.. فما يحدث - كما قلت سلفا - يبدو خارج سياق القصور والتفسير والادراك.. واخطر ما فيه انه يعبر عن تحولات أصابت مجتمعنا وأوصلته الى هذا المصير.

الدستور - 

الخميس 13 حزيران / يونيو 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات