«حرب الناقلات» وألغازها

تم نشره الثلاثاء 18 حزيران / يونيو 2019 12:45 صباحاً
«حرب الناقلات» وألغازها
عريب الرنتاوي

ثمة «ألغاز» كثيرة بحاجة للتفكيك حين يتصل الأمر بـ»حرب الناقلات» التي اندلعت مؤخراً في الخليج العربي وبحر عمان... معظم، إن لم نقل جميع الاتهامات التي توجه لهذا الطرف أو ذاك، تبدو من النوع السياسي، المتوقع سلفاً ... لا أحد لديه «رواية جازمة» تحدد المسؤول عن الاعتداءات التي طالت حتى الآن، ست ناقلات نفط من مختلف الجنسيات، ذلك أن «الفيديو» الذي أظهرته واشنطن بوصفه الدليل، لم يضف شيئاً، ولم يأت بأي حقيقة صلبة، حتى أن ألمانيا الاتحادية، شريكة الولايات المتحدة وحليفتها، قالت بلسان وزير خارجيتها بأن «الشريط إياه» لا يثبت شيئاً.
مصدر الالتباس و»الألغاز» المتناسلة، إنما يعود لتعدد الأطراف التي لها «مصلحة عليا» في تصعيد حدة التوتر ... إيران التي تختنق اقتصادياً بالعقوبات الأمريكية غير المسبوقة المفروضة عليها، لها مصلحة في إيصال الأزمة إلى حافة الانفجار، وأحسب أنها لن ترتضي بخيار «الموت جوعاً» وستفضل عليه خيار التصعيد والتوتر و»حافة الهاوية»... إسرائيل لها مصلحة «عليا» في التصعيد، فهي تخشى إيران وتخشى حرباً منفردة عليها، وتريد للأمريكيين أن يخوضوا غمار هذه الحرب نيابة عنها، حتى وإن اضطرت لخوضها من ورائهم وإلى جانبهم، ولكن ليس قبلهم ولا أمامهم.
وحدهم العرب «حائرون» في خياراتهم، إن كانت لديهم خيارات أصلاً ... هم لا يريدون الحرب لأن بلدانهم ستكون ساحتها الرئيسة، ممراً ومقراْ للصواريخ والطائرات من دون طيّار ... بيد أنهم لا يريدون المبادرة لتجريب خيار السلام والتفاوض وصولاً لبناء نظام إقليمي جديد للأمن والتعاون، سيما وأنهم هم أنفسهم عجزوا عن بناء نظام «قومي» صلب وفعّال لمواجهة الأخطار والتحديات، بدلالة حالة «الكساح» التي تصيب جامعتهم العربية، ومآلات الفشل التي انتهت إليها تجارب المجالس «الإقليمية»... كثيرون قرروا السير في ركاب واشنطن، حتى وإن قادتهم إلى قعر الهاوية وليس إلى حافتها فحسب.
لكن واشنطن على ما يبدو، ما زالت على موقفها المتردد في خوض غمار حرب خليجية ثالثة، والأرجح أنها تسعى في توظيف «حرب الناقلات» والاتهامات الفورية (السياسية حتى الآن) لإيران بالمسؤولية عن اندلاعها، لإجبار إيران على الجلوس إلى مائدة مفاوضات، حتى وإن بشروط أقل من تلك الاثنتي عشرة التي كشفها مايك بومبيو ... يبدو أن ترامب يريد اتفاقاً نووياً ثانياً مع إيران، يحمل اسمه بدل اسم سلفه باراك أوباما، الذي يسعى لشطبه نهائياً من «كتاب الرئاسات الأمريكية»، حتى وإن جاء الاتفاق معدلاً في بعض جزئيات و»مواقيته» لا أكثر ولا أقل.
لا ينبغي على دول المنطقة، العربية أساساً، إن تذهب بعيداً في رهاناتها على واشنطن، ولا أن تستمر في مساعيها لجرها إلى أتون حرب جديدة ... واشنطن لن تحارب من أجل أحد، وهي قد تفاجئ الجميع بإبرام صفقة شاملة مع طهران، لا نستبعد أبداً أن تكون على حساب العرب، والمؤكد أنها ستأتي – حال حصولها - من خلف ظهورهم.

الدستور - الاثنين 17 حزيران / يونيو 2019.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات