امريكا وايران .. حرب أم سلام ؟

تم نشره الأحد 23rd حزيران / يونيو 2019 01:02 صباحاً
امريكا وايران .. حرب أم سلام ؟
د.فطين البداد

أحلام مزركشة ، تلك التي ارتسمت في أخيلة المبتدئين   والواهمين عندما أعلنت الولايات المتحدة بأن  طائرتها المسيرة اسقطت في الأجواء الدولية من قبل ايران التي سارعت الى تبني العملية وبكل جرأة .

  اعتقد كثيرون بأن ترامب لن يسمح بأن يمر هذا الفعل بدون رد عسكري قوي ورادع ، إلا أن المتبصرين والعارفين فهموا طبيعة الموقف الترامبي منذ أول هجوم شنه الحرس الثوري على البواخر في الخليج ، عندما اكتفت الادارة الأمريكية بتحميل ايران المسؤولية بسبب " وجود دلائل " وفق ما ذهبت اليه التصريحات الرسمية سواء الصادرة عن البيت الأبيض أو عن الخارجية ، ولما كان ذلك كذلك ، تشجع الملالي وأقدموا على ضرب ناقلتين وإشعال النار فيهما ، ليجيء الرد الأمريكي على شكل تسجيل فيديو يظهر قاربا للحرس الثوري ينتزع لغما لم ينفجر من جسم احدى الناقلتين ، وأيضا ، عندما لم يفعل الأمريكان شيئا تيقن الايرانيون بان ترامب الذي أعلن حملته الانتخابية رسميا قبل أيام لن يكون بمقدوره أن يفعل اي شيء ، حتى لو اجتازوا الخطوط الحمراء ، فأقدموا على اسقاط الطائرة العسكرية الامريكية  وإعلان ذلك على الملأ ، وهنا تأكد غير المتأكدين من هؤلاء  ،  بان ردا قاصفا ساحقا ماحقا سيقوم به ترامب لا محالة ، ولكن ،  وما أن مضت ساعات قليلة على اسقاط الطائرة حتى ظهر الرئيس  في مؤتمر صحفي ليقول بأنه يعتقد بان شخصا مجنونا قام بهذا العمل ،  وهنا تحديدا :  قطعت جهيزة قول كل خطيب ، كما يقول المثل المأثور  .  

ولكن : هل تعجز الولايات المتحدة عن مواجهة ايران عسكريا  ؟ ..

 الجواب : كلا بالطبع   ، ولكن  لترامب ، التاجر ، والمرشح ، حساباته التي فهمها الايرانيون الذين توصلوا إلى  اعتقاد راسخ الآن بأن الولايات المتحدة غير جاهزة ولا مستعدة لأية حرب ، وبأن الساحة باتت مكشوفة لهم  لأسباب تتعلق بالداخل الأمريكي :  فلا الكونجرس يريد الحرب ، ولا الشعب الامريكي يقبل بها ، ولا الظروف الاقتصادية الامريكية تسمح بخوضها ناهيك عن المفصل الأهم وهو الحملة الأنتخابية التي ستصيب الرئيس في مقتل في حال  قيامه  بإشعال حرب وهو الذي سبق ووعد ناخبيه بعدم خوضها مع اي كان ، فما بالك وهو يجهل نتائجها ومآلاتها .

  اسقاط الطائرة الأمريكية ، وحديث ترامب عن  أنه أوقف الرد العسكري  قبل عشر دقائق من تنفيذه ، وتسريب الواشنطن بوست عن أنه كان يعلم  بقضية عدد الضحايا المتوقعين قبل قرار وقف رده الهزلي ،  أثبت بأن الأمريكيين غير جاهزين فاقتنع الايرانيون كما قلنا  أن  بإمكانهم التصعيد المدروس  وخوض معركة  الحصار  والملف النووي وهم يضعون في بطونهم" بطيخة صيفي " .. وليس أدل على ذلك مما صرح به ترامب عن أنه مستعد للتفاوض مع خامنئي أو مع روحاني بدون  شروط ، وما قاله السبت عن أن ايران ستنعم بالرفاهية والامان والثراء  . 

ايران بعد  اسقاط الطائرة لم تعد ايران قبل اسقاطها ، ليس لأنها  تمتلك مقومات الأنتصار في اي مواجهة شاملة حيث ستخسرها بكل تأكيد لانعدام المقارنة بين القوتين ، بل لما قلناه آنفا ، أما ترامب  فسيظل في قادم الأيام  تحت ضغط التصعيد الايراني ،  وليس أمامه سوى  طريقين لا ثالث لهما : إما الثأر لكرامة أمريكا وخوض معركة محدودة مع الحرس الثوري  ، وبالتالي خسارة الأنتخابات بسبب رد هذا الاخير وجسامة الخسائر المتوقعة  ، وإما عدم الرد وتجرع العار وأيضا خسارة الأنتخابات  .. ولعل هذا ما دعاه الى التهديد بحرب " ابادة "  الامر الذي يعني بأنه سيستخدم اسلحة فتاكة ، وإذا فعلها فإنه  سيخسر أيضا الانتخابات لجسامة أعداد الضحايا بين المدنيين  في حرب مكلفة  مثل هذه لا نعتقد أنه تطرق اليها إلا من قلة  حيلة .

 هل سيفضي التصعيد الى انفراج ومفاوضات ؟؟ ..

 ربما .. فقد كشف الرئيس الفرنسي ماكرون بأن قمة العشرين التي ستعقد بعد اسبوع في اوساكا باليابان ستناقش الملف الايراني من خلال لقاءات ثنائية بين زعماء الدول المشاركة ، وهذا يكشف  بأن موفده الى طهران قبل ايام حمل  تحذيرا وتطمينا في آن : التحذير من مغبة الخروج الكامل من الاتفاق النووي ، أما التطمين فيتحدث عن أن الاوروبيين  سيجدون طريقة لتخفيف العقوبات عن طريق آلية محددة متفق عليها بين الشركاء  ومن الوارد أن  يكون هذا التخفيف بموافقة أمريكية مشروطة  تجنبا للحرب المتوقعة، دون أن نضع في اعتباراتنا بأن الحرب قد تشعلها شرارة غير محسوبة العواقب يقدحها احد الطرفين .

أيا كان الأمر ، فإن  الخاسر الوحيد هم العرب والسبب واضح ، هو أنهم لم يدركوا بعد بأنه ما حك جلدك غير ظفرك  ، وإلا فماذا قصد ترامب من مغازلته الايرانيين عن الرفاهية والثراء إذا جلسوا الى طاولة المفاوضات ، أليس هذا هو بالضبط ما كان يراه أوباما حينما خاطب العرب بأن عليهم تقبل أيران كلاعب في المنطقة وعليهم تقاسم النفوذ معه بالتراضي ؟؟ ..

إنها لحظة الحقيقة ، وآن لنا أن ندركها قبل فوات الأوان .

جى بي سي نيوز - الأحد 23-6-2019



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات