معضلة الجمهور: غضب أم سلبية؟

تم نشره الجمعة 28 حزيران / يونيو 2019 12:48 صباحاً
معضلة الجمهور: غضب أم سلبية؟
د. مهند مبيضين

لا يُخفي عدد من أقطاب الحكومة، حيرتهم فيما يخص الناس وسياسات الإقناع، لكي يتفهم المجتمع ظروف البلد، في ظلّ هذه الظروف لجأت الحكومة للدفاع عن سياساتها والوضع الراهن، باننا «ربما نكون في طريق مغادرة عنق الزجاجة»، وهذا ما قالت به وزيرة الإعلام مؤخراً لجمع من الكتاب مع التشديد على كلمة «ربما».
في المقابل، هناك حاجة للاعتراف بوجود انجازات، مهما صغرت او كبرت، وهناك أخطاء أيضاً، فلا حكومة بدون اخطاء وتحديات، وربما من الصعب الحديث عن إدارة رشيدة اليوم بعد كل الحديث عن الإخفاقات وجملة النتائج التي أشارت إليها الجهات الرقابية في الدولة ومنها هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وكذلك ديوان المحاسبة الذي يوثق سنويا اوجه الخلل، وللإنصاف تعاملت معه حكومة الزراز بايجابية كبيرة.
مع ذلك، يقطع الجمهور بان هناك فسادا مؤسسا، وإخفاقات إدارية ونفقات في غير مكانها وترد الحكومة، فتنسب باحالة آلاف من الموظفين القدامى المستحقين للإحالة وفقا لقانون التقاعد، لعلّ ذلك ينشط القطاع العام، وتقول إنها تحاول المضي والعمل المستمر لأجل تطور استجابتها للتحديات وقيادة مبادرات كبيرة مثل مشروع الشقق السكنية الذي كشفت عنه وزيرة الإعلام والذي يؤمن اكثر من 4000 شقة. وهناك جهد في وزارة الشباب كبير لدعم مبادرات الشباب ومأسسة عملهم، بما يسهم بنقل الناس من حالة اليأس والسلبية إلى حالة القبول بالمعالجات الراهنة والاعتراف بأن ثمة انجازات تتحقق، لكن هذا دون اغفال بأن الحلول صعبة وليست دائمة.
الرأي العام الرسمي، يرى أن الجمهور يتسمّ بالسلبية، وان هناك حالة رفض وربما تجاهل لكل ما ينجز، علماً بأن الجمهور أيضا لم تجرِ مكاشفته بشيء من الصراحة المعقولة، ولا حتى الحوار كان معه جاداً أو مقنعاً او يحترم عقله .
لعلّ الأمثلة كثيرة على عدم الاحترام للعقل، وعلى فشل حكومات في إدارة حوار القناعات مع الناس، كما أن الأدوات المستخدم غير كافية لتوليد قناعات ايجابية لما يمكن البناء عليه أو القبول به، وهو ليس مسألة قناعات جديدة وليس إشاعات يجب دحرها بل هو اعتراف بالواقع وتقدير الظروف بعقلانية، وللعلم تجتاح الحراك الشعبي موجة من التعقل في القضايا المطلبية من ادوية وشقق وفوائد بنوك وكهرباء واستجابة للقانون وهيبة الدولة برغم بقاء حالات غضب وبث احباط يجب عدم التوقف عندها.
بيد أن السلبية التي يُطلب من المواطنين التخلي عنها، لا يمكن أن تغادرههم إلا إذا كان هناك صدقية في التعامل مع الناس وشعور حقيقي بأن هناك انجازات تمسّ حياة المجتمعات. وقد حدث ذات يوم في زمن الحكومة الراهنة أنّ ذهب وفد حكومي إلى الجنوب، وقال وزير صحة سابق، بأن الحكومة تنفق مبلغ مليار دينار على الخدمات الصحية، آنذاك تنبه الجمهور الحاضر ممن يوجد لديهم مراكز صحية بلا أدوية ولا خدمات في الحد الأدنى، وهم من الجنوب الذي يخلو من أطباء متخصصين في الاعصاب وجراحتها، فكيف لنا أن نقول للناس تفاعلوا ايجابًا في ظل مثل ذلك الخطاب؟

الدستور - 

الخميس 27 حزيران / يونيو 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات