لو أن المحتجين فلسطينيون

تم نشره الأحد 07 تمّوز / يوليو 2019 12:28 صباحاً
لو أن المحتجين فلسطينيون
كمال زكارنة

الذين يطلقون عليهم يهود الفلاشا في فلسطين الـ48، ليسوا جميعهم يهودا، فمنهم اليهود والمسيحيون والمسلمون، لكنهم جرى تهويدهم بالهوية فقط وليس بالديانة، وتم تهويدهم اما من قبل عصابات الاحتلال الجاذبة للهجرة الى فلسطين المحتلة تحت اغراءات مالية وتوفير ظروف عمل وحياة افضل لهم وضمان مستقبل افضل لابنائهم في الكيان المحتل، او هم انفسهم ادعوا اليهودية للخلاص من واقع صعب يعيشونه لاسباب اقتصادية بالدرجة الاولى وغيرها، ومن اجل البحث عن اماكن اخرى للعيش فيها في ظروف اكثر ملاءمة توفر لهم الامن والدخل المرتفع كما يتمنون وكما وصلتهم الدعاية الصهيونية.
هذا النوع من اليهود ذوي البشرة السوداء المهوَدين الذين تم جلبهم الى فلسطين، يواجهون تمييزا عنصريا بغيضا من قبل العصابات الاخرى من اليهود ذوي البشرة البيضاء، الذين اتوا من الدول الاوروبية وروسيا وغيرها، وليس هؤلاء فقط الذين يتعرضون للتمييز العنصري والاضطهاد في الكيان المحتل فهناك اليهود الذين قدموا من الدول العربية يواجهون نفس الظروف وقد عانوا كثيرا قبل الفلاشا، لكنهم جميعا لا يستطيعون الفرار وعليهم التحمل والصبر وتقبل الواقع المرير الذي يعيشونه في كيان عنصري يمارس التمييز في ابشع صوره واشكاله.
كان سهلا على الصهاينة قتل يهودي اثيوبي اسود، لانهم يعتبرونه بلا قيمة، تماما كما يعامل الامريكان السود في الولايات المتحدة، ولم يتوقعوا ردة الفعل الفلاشية التي فاجأتهم بقوتها وحجمها وعنفها وعدد المشاركين فيها، وهي تجتاح شوارع تل ابيب وتضرم النيران وتهاجم شرطة الاحتلال، في احتجاج هو الاعنف منذ وصول الفلاشا الى الاراضي الفلسطينة المحتلة.
 انه كيان عنصري بامتياز، لا مكان للديمقراطية وحقوق الانسان فيه، سلوكه الارهابي والاجرامي لم يرحم فئات محددة اليهود انفسهم، ولا بد من الاشارة الى ان عملية قتل اليهودي الاثيوبي الاصل هي القشة التي قصمت ظهر البعير، ونفضت الغبار عن تراكمات كثيرة مخزنة في نفوس وصدور اليهود الفلاشا السود، تزدحم بها حلوقهم، وجدوا في هذه الجريمة العنصرية فرصة مناسبة للتعبير عنها وقذفها في وجوه الصهاينة العنصريين، فما يجري ضد يهود الفلاشا في فلسطين المحتلة، الذين أتوا للبحث عن السمن والعسل ولم يجدوا الا الاضطهاد والعنصرية والقمع، عمل ارهابي دموي عنصري ضد الانسانية لا يجوز السكوت عنه .
 رغم العنف الذي تعاملت به شرطة الاحتلال مع اليهود الاثيوبيين، الا انه لا يقارن مع الوحشية والقمع والانتقامية التي يتعامل بها الاحتلال مع الفلسطينيين في اي مكان من فلسطين التاريخية، ولو كان المحتجون فلسطينيون يحملون الجنسية الاسرائيلية في تل ابيب او حيفا او يافا او عكا، فان الاجرام الصهيوني سيفتك باجسادهم وارواحهم، وسوف نحصي العديد من الشهدا والجرحى والمعتقلين، صحيح ان الاحتلال يعتبر الاثيوبيين الفلاشا يهودا، فيما يعتبر الفلسطينيين اعداء، رغم ان الجميع يحملون الجنسية الاسرائيلية ويعتبرون مواطنين اسرائيليين قانونيا وعمليا، لكن شتّان بين هذا وذاك وقت الجد والحسم.
الكيان الصهيوني من الداخل متهتك متناثر ومتناحر، والمجتمع اليهودي ليس افضل حالا من غيره، تفرّقه النعرات والصراعات العرقية والانتماءات الاجتماعية والقومية، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، ولا يؤجل الصراعات الدامية داخل هذا المجتمع الا تخويف مكوناته بالاعداء الخارجيين الذين تصنعهم الماكنات الاستخبارية والاعلامية الصهيونيتان.

الدستور - 

السبت 6 تموز / يوليو 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات