"مجلس العدل".. مسرحية ببرلين تحاكي فساد القضاء في بلدان عربية
المدينة نيوز :- عُرضت بالعاصمة الألمانية برلين مسرحية "مجلس العدل" التي تحاكي فساد أحكام القضاء في بلدان عربية، وذلك على مدار يومين في إطار الجولة الرابعة التي تنظمها جمعية مسرح المدينة.
تجسد المسرحية مفهوم الظلم الذي تعيشه العديد من البلدان العربية عبر شخصية القاضي الذي تربطه علاقة رشوة وفساد بأحد الفرانيين الذي سرق إوزة من صاحبها، ثم قام بشوائها في الفرن ليتناصفها مع القاضي.
وجاء في المسرحية أنه أثناء هرب الفران من صاحب الإوزة ضرب شخصا فأفقده بصره، وارتطم بامرأة حامل فأسقط حملها، ثم وقع من على المئذنة على رقبة مصل شيخ فمات.
ولم يكتف القاضي في المسرحية بتخليص الفران من الذين أتوا للادعاء عليه، وإهدار حقوقهم، بل غرمهم بمبالغ مالية كبيرة تتراوح بين 1000 و5000 يورو ليتقاسمها لاحقا.
وحتى ذلك الفلاح الذي جاء المحكمة ثم تراجع عن الشكوى لإدراكه بواقع الظلم، لم يسلم هو الآخر، إذ جرى تغريمه بحجة أنه جاء دون سبب لقاعة المحكمة، مما جعله يردد ساخرا "بشكوى وبغير شكوى العدل يلاحق الجميع".
وتخلل العمل رقصات جسدت مفهوم الخير والشر في انسجام مع العرض المسرحي الذي طرح تساؤلات بين الجمهور عن مفهوم العدل والظلم الذي يتجسد بالشخصية الإنسانية.
يقول مخرج المسرحية ماهر دريدي "إن الهدف من تقديم هذا النص بالذات هو قراءتنا للواقع الحالي وما يحدث في العالم العربي، لا سيما في ظل الأزمات والحروب، التي خلقت لدى المواطن العادي حالة شعورية تستدعي تحقيق العدل والتخلص من ظروف الحروب التي مزقت الشعوب وزادت من معاناة الناس".
وأضاف دريدي "هذا ما جعلنا بعد تفكير عميق نستحضر النص المسرحي مجلس العدل، لنؤكد هذه الحالة التي يمكن أن تسميها استحضار العدالة في زمن تكاد تنعدم العدالة من حياة المواطن العربي".
ويوضح دريدي في حديث مع الجزيرة نت أن "مجلس العدل" هي مسرحية كلاسيكية كتبت عام 1972 ضمن المسرح الكلاسيكي، وصنفت أيضا بنص الكوميديا الساخرة من الطراز الأول، وذلك لأهمية النص، وتوازن القصص الموجودة فيها مما جعلها تشكل المشهد العام الذي يجعل السلطة العامة المطلقة بيد القاضي، في حين أن باقي الشخصيات ضحايا، مما جعلها تصلح لكل مكان وزمان، لا سيما إذا ما أردنا أن نتحدث عن مفهوم العدالة بزمننا الحالي.
استرداد العدالة
ولم يرق للمخرج الإيطالي من أصل فلسطيني أن تختتم المسرحية بانتصار القاضي بتقاسمه الغرامات مع الفران كما هو موجود بالنص الأصلي، بل أدخل عليها تعديلات بمشهد جديد يقضي باسترداد العدالة من القاضي، بمحاكمته هو والفران شريكه في اللعبة للتخلص من الظلم، وإيداعهما السجن لكي تتحقق العدالة.
وعن الممثلين في المسرحية يلفت دريدي إلى أن الفريق يتكون من شبان وشابات من القادمين الجدد لألمانيا، من بينهم لاجئون سوريون وفلسطينيون، الذين أدوا المهمة المطلوبة منهم بالشكل المطلوب رغم حداثة عهدهم بالمسرح وبعد تدريبات مكثفة.
ولم يخل العمل من صعوبات كثيرة واجهت الفريق كالتي تواجه أي طاقم عمل في أي عمل مسرحي، لا سيما في البدايات، كالعائق المادي كما يؤكد مخرج المسرحية، ولكن تذليل الصعوبات كان هو الأهم بالنسبة لهم، حيث قدموا عروضا مسرحية حازت على رضا وتفاعل الجمهور بإمكانيات ذاتية.
ولا تستهدف العروض التي تقدمها الغرفة المسرحية الكبار فحسب، بل تشمل الأطفال أيضا، كما يشير دريدي، إذ تم إنتاج "الثور فيردناند" من تأليفه وإخراجه، وعرضت ضمن جولة مسرحية في المدارس العربية الخاصة في برلين، بالإضافة لخمسة عروض استهدفت أكثر من 1200 طفل، لافتا إلى أن هناك جولة ثانية خلال سبتمبر/أيلول المقبل.
تعزيز التثقيف
تأسست جمعية "مسرح المدينة" وهي جمعية متخصصة بالفنون الأدائية والمسرح والرقص والموسيقى والفنون الشعبية قبل أشهر في برلين، من أجل سد احتياجات الجمهور العربي، خاصة في موضوع المسرح العربي، وهي المؤسسة الوحيدة التي توجه برامجها المتخصصة للجمهور العربي.
كما تتواصل الجمعية مع الجمهور الألماني بترجمة كامل أعمالها أثناء العرض للغة الألمانية كما يقول محمد الطويل رئيس الجمعية.
ويوضح الطويل في لقاء مع الجزيرة نت أن أهداف الجمعية تتمثل في تعزيز ذوق الجمهور العربي وإشراكه في كافة الأنشطة الفنية، وذلك من أجل زيادة التثقيف والوعي لديه، وخاصة بمفهوم المسرح العربي وطرح قضاياهم من خلاله.
كما تتمثل أهداف الجمعية بحسب الطويل في الحفاظ على اللغة العربية الأم، والاستمرار بإقامة النشاطات بها لتعزيزها، وخاصة لدى الأطفال العرب المولودين في ألمانيا.
ويطمح رئيس الجمعية في اهتمام وتعاون المؤسسات العربية، ودعم الرسمية منها للنشاطات التي يقيمونها للمساهمة بتعزيز ثقافة المسرح لدى الجمهور العربي في برلين.
المصدر : الجزيرة