زحمة وساطات ومبادرات

تم نشره الجمعة 27 أيلول / سبتمبر 2019 01:23 صباحاً
زحمة وساطات ومبادرات
عريب الرنتاوي

يكشف رئيس الوزراء الباكستاني عن طلب أمريكي – سعودي من بلاده للقيام بدور الوسيط مع إيران، لتخفيف حدة التوتر ومنع الانزلاق إلى مواجهة عسكرية ابتداءً، وعلى أمل تذليل العقبات أمام الحل السياسي للأزمة الخليجية في نهاية المطاف ... الوسيط الباكستاني رحب بالطلب، وشرع في العمل عليه.
حلبة الوساطات بين إيران وكل من الولايات المتحدة والسعودية تبدو مكتظة للغاية ... الوسيط العُماني يعمل بصمت وبعيداً عن الأضواء ... رئيس الوزراء العراقي يتنقل بين الرياض وطهران لتحقيق الغرض ذاته ... وقبله كان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يعرض وساطة بين واشنطن وطهران ... أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد تصدر مشهد الوساطات من دون منازع وبقليل من الإنجاز حتى الآن على أقل تقدير ... ولا ندري إن كانت هناك أطراف أخرى تتحرك على هذا المسار، بصمت ومن خلف ستار، أو أنها بصدد فعل ذلك.
وفيما العقوبات الأمريكية على إيران تتجاوز «أقصى الضغوط» إلى ما يشبه «الحصار الكامل»، فإن إيران المكتوية بنيرانها، تذهب في تصعيدها الميداني حداً يلامس «حافة الهاوية»، فتضرب في شرايين الملاحة الدولية، وتتطاول على منابع انتاج النفط ومصافي تكريره في قلب السعودية، بصرف النظر عمّا إذا كان الفاعل في واقعة آرامكو هي إيران ذاتها، أو أحد حلفائها وأذرعتها ... الطرفان يذهبان إلى أقصى درجات التصعيد، وكل منهما بطريقته الخاصة، ودائماً بهدف إنضاح تسوية سياسية أو رزمة شاملة بشروط مواتية.
أفرز هذا الاحتقان والاحتباس حراكاً سياسياً موازياً لعمليات التصعيد الميداني المتبادل ... الرئيس حسن روحاني يعرض مبادرة «نحو منظومة خليجية للأمن والتعاون»، يعطيها اسما مختصراً «الأمل» ... وقبله، يطلق حليفه عبد الملك الحوثي مبادرة لوقف الهجمات الصاروخية و»المسيّرة» على السعودية من جانب واحد ... فيما جواد ظريف يتحدث عن استعداد للقبول بفتح الاتفاق النووي لتعديلات محدودة نظير رفع العقوبات ... أما دونالد ترامب، فما زال يتنقل بين أعلى درجات التصعيد اللفظي في خطابه من جهة، وأعلى درجات المرونة، بل والإشادة بالأمة الإيرانية العظمية من جهة ثانية ... وحدها الأطراف العربية، لا تعرف ما الذي يتيعن عليها فعله، فلا هي قادرة على التقدم بمبادرات سلام أو التجاوب مع المبادرات المعروضة.
رهان ترامب وإدارته ما زال منعقداً على الأثر الذي سيحدثه تكتيك «أقصى العقوبات» على إيران، وثمة ما يشي بوجود قناعة لدى واشنطن بأن طهران سترضخ لخيار التفاوض في نهاية المطاف ... هذا الطريق، لا يبدو مثيراً لاهتمام بعض دول الخليج العربية، المملكة السعودية خصوصاً بعد واقعة آرامكو ... بيد أن بديلها سيكون حرباً مدمرة، لن تكون السعودية بمعزل عن شراراتها وشظاياها ... أما إيران فهي تراقب مفاعيل واقعة آرامكو، ولا شك أنها تعمل على مراجعة خطوتها التصعيدية التالية، بعد أن يتم احتواء ارتدادات الهجوم على ابقيق وخريص، فإيران لن تستسلم للعقوبات والحصار، وهي تفضل عليها خيار المواجهة العسكرية، إن تعذر الوصول إلى حلول وتسويات سياسية ... «الستاتيكو» ليس خياراً بالنسبة لطهران، إنه موت بطيء واختناق متدرج.
الزحام على طريق الوساطات بين الفريقين، لم يُحدث الاختراق المطلوب، بيد أنه لم يصل إلى طريق مسدود بعد ... ثمة «ثغرات» تم فتحها في جدران المواقف المتصلبة لكلا الطرفين ... مجرد قبول طهران التفاوض لإدخال تعديلات على «النووي» هو ثغرة هامة، حتى وإن وصفتها إيران بالمحدودة ووضعتها في سياق مشروط برفع العقوبات ... ومجرد طلب واشنطن والرياض من إسلام آباد التوسط، يعني أن الرغبة بتفادي الانزلاق في أتون الحرب الشاملة، ما زالت هي القاعدة الحاكمة... ثمة من يتعين أن يوفر سلالم للأطراف لتمكينها من الهبوط الآمن من فوق قمم الأشجار التي صعدت إليها، وهي مهمة ليست سهلة على أية حال، ولا ندري أي من الوسطاء المتزاحمين سيتمكن من إنجازها أولاً.

الدستور - 

الجمعة 27 أيلول / سبتمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات