نادي «الرؤساء» مغلق إلى إشعار آخر

تم نشره الإثنين 30 أيلول / سبتمبر 2019 12:44 صباحاً
نادي «الرؤساء» مغلق إلى إشعار آخر
حسين الرواشدة

فيما انشغل المجتمع الاردني طيلة الاسابيع المنصرفة ( ولا يزال) بأزمة المعلمين ،لم نسمع صوت كثير من رجالات الدولة ( رؤساء الوزراء السابقون تحديدا ) ، فقد غابوا عن النقاش العام، واختاروا ان يجلسوا على مقاعد المتفرجين. ليست هذه المرة الاولى التي ينحاز فيها هؤلاء « الكبار» للصمت، فقد سبق ان عزفوا عن المشاركة حين داهمتنا عواصف الربيع العربي، وقتها بلغت القلوب الحناجر، لكن قلوب كثير من هؤلاء الذين تربعوا على مقاعد القرار والنفوذ ظلت صامدة لم تتحرك.
يمكن ان نفهم هذا الغياب في اطار» ايثار» السلامة وعدم الرغبة في الدخول على خطوط التماس مع الحكومة، وربما مع الدولة، ويمكن ان نفسره في اطار الحفاظ على خط العودة للمواقع التي تقلدوها، او بسبب انسداد « القنوات « بينهم وبين مطابخ القرار، او ربما بسبب التغييب المتعمد، لكن مهما كانت الاسباب والمبررات، شخصية ام سياسية، فان هذا الغياب المتعمد والمتكرر، يضع علامة استفهام كبيرة على الدور والواجب الذي يفترض ان يقوم به هؤلاء الذين يمثلون «عصب» الدولة وخزانها السياسي في مواجهة القضايا والنوازل التي يتعرض لها بلدنا، صحيح انه قد يكون ليس مطلوبا منهم الدفاع عن المقررات الحكومية، او الانحياز لهذا الطرف او لغيره، لكن الصحيح ان الدولة بحاجة اليهم، اقلها لتنوير الرأي العام بالحقائق، وارشاد صانعي القرار الى الصواب.
للمقاربة هنا يمكن التذكير بما حدث في تركيا (2016) حين حاول بعض العسكر الانقلاب على حكومة اردوغان، وقتها تجاوز اعضاء « نادي النخبة « التركي، بما فيهم رجالات دولة وسياسيون واعلاميون خلافاتهم مع اردوغان وحكومته وانحازوا الى تركيا، لم يتأخر احد منهم ابدا، حصل ذلك لانهم استشعروا واجبهم الوطني والاخلاقي، ولم يترددوا عن اشهار مواقفهم رغم ان مبررات صمتهم ستكون مقبولة، كما ان انسحابهم من المشهد الذي لم تستمر فيه الاحداث الا ساعات قليلة كان متاحا وبدون ان يتعرضوا لاي انتقاد.
استدعاء ظاهرة غياب اعضاء « نادي كبار رجالات الدولة»، ناهيك عن النخب والشخصيات المعتبرة، ياتي في سياق تحولات كبرى واستحقاقات خطيرة يواجهها بلدنا، ليس فقط فيما يتعلق بما حدث من اشتباكات على صعيد ازمة المعلمين، وانما على صعيد الاسئلة التي ما تزال اجاباتها معلقة وابرزها: اين نضع اقدامنا وفي اي اتجاه نسير؟
من هو المعني بالاجابة عن هذه الاسئلة، الحكومة وحدها ام الدولة بكافة مكوناتها ومرجعياتها الفكرية والسياسية؟ اذا افترضنا ان رجالات الدولة، سواء حسبوا انفسهم رجال ادارة متقاعدين ام سياسيين، هم «بيت» الخبرة السياسي، وبالتالي فان استقالتهم من المشاركة العامة تبعث برسائل مفخخة بدلالات والاشارات، بعضها يتعلق بحساباتهم الخاصة وبعضها الاخر يتعلق بعلاقتهم مع الدولة، لكن مهما يكن فان مسؤوليتهم في الاجابة عن هذه الاسئلة، ليست مجالا للنقاش، كما انها لا يجوز ان تكون مدعاة لتقديم اي اعتذار.
كنت اشرت فيما مضى الى منطق « وانا مالي ؟» الذي انتقلت عدواه من الشارع الى النخب، ثم تحولت الى ثقافة عامة في المجتمع، هذه العدوى لا تعبر فقط عن موت السياسة، وانما عن شلل اصاب جسد المجتمع نتيجة غياب الرأس الذي تمثله هذه النخب، وفي تقديري ان وراء هذه الظاهرة ما شهده بلدنا من بروز طبقة من المسؤولين المحسوبين على خط الادارة لا السياسة، فهم مجرد مسؤولين كبار تنتهي مسؤولياتهم بانتهاء فترة وجودهم على مقاعدهم.
حين تفقد الدولة رجالاتها، او تبحث عنهم ( هل تبحث عنهم حقا ؟!) ولا تجدهم، او حين يصبح نادي «الرؤساء مغلقا لاشعار آخر»، فان ثمة خطأ ما قد حصل، ارجو ان لا يسألني القارئ الكريم عن هذا الخطأ، ومن يتحمل مسؤوليته؟ فقد انتهى هنا الكلام المباح.

الدستور - 

الأحد 29 أيلول / سبتمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات