مخاوف من سقوط أمريكا وأوروبا في «الفخ الياباني»

تم نشره الإثنين 28 تشرين الأوّل / أكتوبر 2019 11:41 صباحاً
مخاوف من سقوط أمريكا وأوروبا في «الفخ الياباني»
اليابانيون

المدينة نيوز :-  عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية في عام 2008 كان لدى الولايات المتحدة وأوروبا أنموذج جاهز يحتذى به لكيفية عدم الاستجابة: اليابان.

قضى صناع السياسة، مثل بن برنانكي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك، أعواما في التفكير في انحدار اقتصاد اليابان نحو الانكماش بعد انفجار فقاعتها المالية في عام 1990. قرروا أن اليابان خفضت أسعار الفائدة بفتور وتراخ وكانت بطيئة في تنظيف مصارفها. بالتالي مع التحفيز القوي وإعادة رسملة المصارف سيحققون نتائج مختلفة.

بدا أن الأمر يسير بشكل جيد لبضعة أعوام، لكن بعد مرور عقد من الزمان على الأزمة أصبح التضخم دون المستوى المستهدف على جانبي الأطلسي، البنك المركزي الأوروبي غارق بعمق في أسعار الفائدة السلبية، والاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة من ذروة تراوح بين 2.25 و2.5 في المائة فقط. يطلق عديد من المستثمرين على هذه العملية "الفخ الياباني".

يخشى صناع السياسة في جميع أنحاء العالم من الوقوع في وضع مشابه لما حدث في اليابان من انخفاض التضخم وأسعار الفائدة بشكل دائم، الأمر الذي لا يترك مجالا لتحفيز الاقتصاد عندما تصبح الأوقات سيئة.

ويثير هذا تساؤلا حول ما إذا كان ما يجري في الولايات المتحدة وأوروبا هو بالفعل ما حدث في اليابان نفسه خلال تسعينيات القرن الماضي، لأن كثيرا من المحللين اليابانيين يقولون إن هناك علاقة قوية بين النتائج الاقتصادية للبلاد وشيخوخة سكانها المتسارعة.

قال كيوهيكو نيشيمورا الذي كان في واجهة مكافحة الانكماش باعتباره عضوا في مجلس إدارة بنك اليابان ونائب محافظ البنك من عام 2005 إلى عام 2013: "من وجهة نظري، ما حدث ليس له علاقة باليابان نفسها. المشكلة هنا ليست فريدة من نوعها، إنها مشكلة عالمية. ما حدث أمر لا مفر منه إلى حد ما وعلينا مواجهته".

بالنسبة إلى صانعي السياسة في بنك اليابان الذين تعرضوا لانتقادات شديدة من الأجانب في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي بسبب سلبيتهم في مواجهة الانكماش الاقتصادي، فإن حدوث مشكلات في أماكن أخرى من العالم على نحو ما حدث في اليابان يشكل تبرئة لهم ودفاعا عنهم. يعتقد نيشيمورا أن انخفاض التضخم وأسعار الفائدة في اليابان كان في النهاية بسبب التركيبة السكانية وأن شيئا مشابها يحدث الآن في بلدان أخرى.

وقال إن اليابان استغرقت عقودا لتتقبل مستقبل التركيبة السكانية لديها، مع توقعات متكررة بأن عودة ارتفاع معدلات المواليد كانت وشيكة. وأدى ذلك إلى طاقة إنتاجية فائضة وانكماش لأن الشركات أقدمت، بصورة خاطئة، على الإفراط في الاستثمار على أمل زيادة عدد السكان.

ويرى نيشيمورا "أنها مشكلة هيكلية بالفعل. هذه هي المرة الأولى في تاريخ البشرية التي يواجه فيها كثير من الأشخاص تقاعدا طويلا للغاية. اليابان في طليعة ذلك التغيير".

مع ذلك، لا تزال حجة التركيبة السكانية مثيرة للجدل في اليابان. ولأنها مسألة بسيطة تتعلق بالأرقام، فمن المسلم به على نطاق واسع أن قلة عدد الأشخاص في سن العمل تعني نموا أبطأ واقتصادا أصغر، لكن هناك نقاشا حول ما إذا كان الانخفاض الحاد في معدلات التضخم وأسعار الفائدة إحدى النتائج الحتمية.

هيزو تاكيناكا، الذي نفذ عملية التنظيف المتأخرة للمصارف اليابانية باعتباره وزيرا للاقتصاد من عام 2001 إلى عام 2005، أوضح أن السياسات النقدية والمالية الخاطئة كانت سببا مهما خلال انحدار الاقتصاد الأولي نحو الانكماش. وجادل بأن الولايات المتحدة وأوروبا واليابان تعاني جميعا انخفاضا في سعر الفائدة الحقيقي، لكن التركيبة السكانية ليست هي السبب الأساسي.

قال: "أنا لا أؤيد هذه الفكرة. تشهد نحو 24 دولة حول العالم انخفاضا في عدد السكان، لكن اليابان وحدها هي التي تعاني الانكماش. إذا كان اقتصادنا معولما بالكامل، عندها حتى لو انخفض عدد السكان المحليين، فإن عدد سكان العالم يتزايد. هذا ليس هو العامل الحاسم".

واعتبر تاكيناكا أن مشكلة اليابان الحقيقية هي الفشل في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية لفتح فرص نمو جديدة. وجادل بأن الاقتصاد الأمريكي الأقل تنظيما كان أفضل في تجنب ما حدث لليابان، بينما كانت أوروبا أسوأ.

بالنسبة لنيشيمورا، المسألة ليست انخفاض عدد السكان بل الشيخوخة السكانية. أشار إلى أن نسبة السكان البالغين في سن العمل في اليابان بلغت ذروتها في عام 1991، بينما بلغت الذروة في الولايات المتحدة في عام 2008 - متزامنة تقريبا مع أزماتها المالية. وسيتضمن العقدان المقبلان شيخوخة سكانية حادة في البلدان المتقدمة، مع مرور كوريا والصين أيضا بمنعطف مهم.

وجادل نيشيمورا بأن على الولايات المتحدة أن تستفيد من ذلك لأنها ستواجه شيخوخة سكانية أبطأ من اليابان، لكن في المقابل لديها أيضا مدخرات خاصة أقل تستند إليها. كان لدى اليابان احتياطي في تسعينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي لأن بقية دول العالم كانت تنمو بسرعة ولا تزال تقدم عوائد استثمار عالية، بالتالي كان يمكنها تصدير رأس المال. هذا الأمر أصعب بكثير بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا اليوم.

لا يزال كثير من الاقتصاديين يعتقدون أن من الممكن مقاومة "الفخ الياباني" - أو الركود طويل الأجل كما يسميه لورانس سمرز وزير الخزانة الأمريكية الأسبق – بالنظر إلى سياسة نقدية ومالية قوية بدرجة مناسبة. لكن إذا كان أمثال نيشيمورا على حق، وكانت الأسباب الجذرية لها تتعلق بالتركيبة السكانية، فإن مشكلة "الفخ الياباني" العالمية تكون قد بدأت للتو فقط.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات