مات البغدادي... ماذا عن «داعش»؟

تم نشره الثلاثاء 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2019 12:51 صباحاً
مات البغدادي... ماذا عن «داعش»؟
عريب الرنتاوي

قُتل أبو بكر البغدادي، هذه المرة لا مجال للشك في صحة الرواية ... الرجل مات وعاش قبل ذلك سبع مرات على الأقل، في كل مرة كانت التقارير اللاحقة تكذّب التقارير السابقة، وكان الرجل يعاود حضوره بالصوت غالباً وبالصورة لمرة واحدة فقط ... مات «الخليفة»، في نفق مظلم، بعد أن فجّر نفسه وتحصن بنسائه وأطفاله، مات كـ»جبان مرعوب» وقد علت صيحاته وعويله على أصوات الرصاص، هكذا يقول ترامب على الأقل، وهو يعد بنشر تسجيلات وأفلام مصورة تظهر العملية واللحظات الأخيرة للرجل الذي ارتبط اسمه بالرعب و»إدارة التوحش».
من تتبع المؤتمر الصحفي للرئيس الأمريكي، يلحظ أن عملاً استخبارياً عملاقاً، متعدد الجنسيات، كان وراء العملية: العراق، الأكراد، تركيا، روسيا وحتى سوريا لم يستثنها ترامب من قائمة المتعاونين بأشكال مختلفة ومراحل مختلفة ... ثمة تفاصيل كثيرة، لم تُعرف بعد، وقد لا تُعرف قريباً، وقد لا تُعرف أبداً ... لكن الأسئلة التي تحيط بوجود البغدادي في إدلب، لا تقل أهمية عن الأسئلة المحيطة بتفاصيل العملية وكيف تجمعت المعلومات بشأنها ومن أين وكيف جرى تنفيذها وبمساعدة مَن.
هو آخر مكان، كان يمكن أن يخطر ببال أحد: لماذا قرر البغدادي أن يهرب إلى إدلب؟ ... ولماذا اختار جماعة «حراس الدين» ليلجأ إلى منزل أحد قادتها «أبو البراء الحلبي»؟ ... وكيف يعقل أن يطمئن خصم القاعدة ووريثها وعدو النصرة اللدود لتنظيم انشق عن الجولاني وبايع الظواهري؟ ... كيف وصل إلى هناك، وبمساعدة من، وهل انتقل من أقصى شرق سوريا إلى أقصى غربها، متخطياً حواجز الأكراد والجيش السوري والدوريات الروسية ومتاريس النصرة، أم أنه جاءها عن طريق تركيا، قبل أن يستقر على مبعدة كيلومترات محدودة من حدودها مع سوريا؟
هل كان البغدادي يبحث عن «خلاص شخصي»، والنجاة بنفسه وعائلته؟ ... وفقاً لترامب، فإن الرجل الذي مات ميتة الجبناء يمكن ان يفكر على هذا النحو ... لكن أليس من المنطقي الافتراض أن لجوءه إلى حاضنة خصومه العقائديين، ربما جاء ثمرة لحوارات ومفاوضات فكرية وسياسية وتنظيمية، تسمح بالاعتقاد، بأنه وحراس الدين على الأقل، كانا على وشك، أو في طريقهما – ربما – لإطلاق موجة «جهادية – إرهابية» جديدة، تعوض الخسائر الفادحة التي مُنيت بها «الخلافة» وحالة الضيق التي تعتصر القاعدة بمسمياتها المختلفة في إدلب، والتي تقترب من «الحسم» يوماً إثر آخر؟
هل جاء الرجل وحيداً، بحثاً عن خلاص شخصي، أم أنه ربما استغل حاجة أطراف محلية وإقليمية، لتعزيز «جبهة إدلب» التي زارها قبل أيام الرئيس السوري بشار الأسد، وتوعد بأن ينزع عنها صفة «المخفر التركي المتقدم»، وأن يكون استردادها على رأس الأولويات السورية في المرحلة المقبلة؟ ... هل جاء الرجل ليعرض خدماته وخدمات من تبقى معه من مقاتلي التنظيم، بمن فيهم الهاربين حديثاً من سجون «قسد»، لمواجهة العدو الروسي – السوري المتربص بآخر معاقل «الجهاديين»؟ ... ما الذي جاء به إلى إدلب، وكيف؟
انتهى البغدادي، بيد أن من المؤكد أن «داعش» لم ينتهِ ... قضى أسامة بن لادن ونجله «الوسيم، الطويل، الكاريزمي» حمزة، والأوصاف من عند الرئيس الأمريكي، بيد أن القاعدة لم تنتهِ، وهي تفرخ وتتكاثر وتظهر بعدة أسماء ومسميات ... قضى الزرقاوي، بيد أن روحه تقمصت في «داعش»، والبغدادي حمل إرثه وطوّره، وزاده وحشية ودموية، فهل من سبب واحد يدعو للاعتقاد بأن «داعش» سيموت بموت البغدادي؟

الدستور -

الاثنين 28 تشرين الأول / أكتوبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات