ما بعد البغدادي

تم نشره السبت 02nd تشرين الثّاني / نوفمبر 2019 12:34 صباحاً
ما بعد البغدادي
حسين الرواشدة

من هو المرشح لخلافة البغدادي..؟ الاسماء هنا قد تمنحنا بعض الاشارات لما سيكون عليه مصير التنظيم الارهابي، وخاصة فيما يتعلق بمسيرته الدموية، لكن الاهم من الاسماء هو قدرة داعش على «التكيف» مع الهزائم التي لحقتها والنهوض مجددا، السيناريوهات هنا متعددة، منها اشهار اسم الخليفة كرمزية للتوحد والاستمرار، او اخفاؤه كمخرج من الملاحقات الامنية، او استقلال الفروع، اوتشظي التنظيم الى تنظيمات مجهولة الهوية.
باختصار، نهاية داعش كدولة، وربما كتنظيم، أصبحت على مرمى العصى، لكن داعش ليست مقطوعة الجذور ولا النسب، فهي امتداد لتاريخ عميق وطويل من حركات التطرف، فمن ذات «التربة» خرج الخوارج قديما، كما خرجت القاعدة وطالبان وجماعة التكفير والهجرة، وفي العراق تحديداً كانت داعش «وريثاً» للإمارة الإسلامية في العراق التي «ذابت» لمدة عشر سنوات بعد ان انتصرت عليها (2008)الصحوات العراقية.
داعش، كفكرة باختلاف نسخها هنا ظلت «حية» لأسباب متعددة، منها ما يتعلق بالظروف الموضوعية التي افرزتها على صعيد الذات والمجتمعات العربية، ابتداءً من الاستبداد والظلم والتخلف، وانتهاءً بالصراعات والحروب التي دارت على حدود الدين الواحد والمذهب والطائفة، ومروراً بعلاقة الذات مع الآخر وما تولد من «قهر» واسئلة معلقة لم تجد اجوبتها الاّ في «مخيلة» البحث عن المخلص، مهما كان متوحشاً، وصولاً الى قدرة داعش – كطفرة في الحركات الإرهابية- على تطوير بنيتها الايدولوجية وادواتها في التسويق والاقناع والتجنيد ايضاً.
هنا على صعيد البنية يمكن الإشارة الى ثلاث مسائل على الأقل تضمن استمرار خطر داعش كفكرة، الأولى ما فعلته على صعيد «المرونة» الايدولوجية في استخدام المرأة والأطفال وفي «استغلال» النصوص الدينية لتبرير التوحش المطلق، او في استغلال الصراع الطائفي والمذهبي بشكل انتقائي، وفي التداخل السياسي تبعاً للمصالح مع مختلف الفاعلين في المنطقة، أما المسألة الثانية فهي ان داعش التي «تكفّر» الغرب نجحت في استخدام أحدث ما توصل اليه من تكنولوجيا في مجال الاتصال، وبذلك نقلت حروبها الى الفضاء الالكتروني، ووظفت «ماكينة» الاعلام بحرفية لتسويق فكرتها وتجنيد المقاتلين في صفوفها، وبالتالي أصبحت «ولاياتها» منتشرة في اكثر من (25) دولة وذئابها المنفردة في كل مكان.
تبقى المسألة الثالثة وهي «اللامركزية» التي اعتمدتها في تنفيذ عملياتها الإرهابية، وهي سمة مكنتها من تشكيل قوى نائمة وغير معروفة يمكن ان تتحرك بحرية وبدون «أوامر» لتنفيذ ما تفرضه الفكرة الداعشية من التزامات تتطابق تماماً مع الهدف الذي يريده التنظيم حتى وان فقد السيطرة او غاب من خرائط الجغرافيا ايضاً.
يبقى سؤال ما بعد داعش «معلقاً» أيضا بلا إجابات، ليس فقط لأن مصير داعش مازال ملتبساً وانما لأن مصير عالمنا العربي وخاصة العراق وسوريا مازال غامضاً أيضا، هنا تبرز قضايا مثل الاعمار لهذا الخراب الذي جرى على صعيد الانسان والعمران، والفراغ الذي ستملأه حركات وجماعات ربما تكون أسوأ من داعش، والمظلومية التي لم تنته وربما تولد سلسلة من «الانتقامات» المتبادلة، والصراع الدولي والإقليمي الذي لم يرد ان يطبق على المنطقة ويحدد مستقبلها، ودعوات الفصل التي تطل برأسها من كل مكان وآخرها إقليم كردستان الذي سيجرى التصويت على انفصاله في أيلول القادم.

الدستور -

الجمعة 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات