جان بول دُوبْوَا الفائز بجائزة غونكور… أكتبُ لأشتري الوقت!

تم نشره الأربعاء 06 تشرين الثّاني / نوفمبر 2019 11:19 صباحاً
جان بول دُوبْوَا الفائز بجائزة غونكور… أكتبُ لأشتري الوقت!
جان بول

المدينة نيوز:- فاز الروائي الفرنسي جان بول دُوبْوَا (69 عامًا) بجائزة غونكور الأدبيّة الشهيرة التي يرأس لجنة تحكيمها الإعلامي والمثقّف الفرنسي برنار بيفو، وذلك عن روايته «كل الرجال لا يستوطنون العالم بالطريقة نفسِها» الصادرة عن دار لُولٍيفْيِيه بعد أن حظيَ بستة أصوات مقابل أربعة لزميلته آميلي نوتومب صاحبة رواية «عطش». وقد سَبَقَ لدُوبوا أن فاز عام 1997 بجائزة «فرانس تليفيزيون» عن روايته «كينيدي وأنا» التي تحوّلت إلى فيلم، كما نال جائزة «فيمينا» سنة 2004 عن روايته «حياة فرنسية». عمل هذا الروائيّ منذ شبابه في الصحافة الثقافية الفرنسية على غرار «لو ماتان دو باري» و»لو نوفيل أوبسيرفاتور»، وأصدر 22 كتابا بمعدّل كتاب كلّ سنة، يفعل ذلك بتحفُّظٍ كبير، وبعيدًا عن أضواء المشهد الثقافي الفرنسيّ.

وما يُميّز روايات دوبوا هو تماهي أحوالُ شخصياتها الرئيسة بأحواله هو، بل ومع تاريخه العائليّ ذاته، وذلك من حيث الإحساسُ بالوحدة، والنفورُ من الواقع، والهروبُ إلى الخيال نشدانًا للرّاحة النفسيّة، ناهيك عن الاستغراقِ في القلق على حدّ قوله في أحد حواراته: «إني أعيش حالة من القلق، وسأموت في حالة من القلق، لذلك أنا أكتب قلقي». هذا، إضافة إلى حرصِه في جلّ رواياته على تسمية أبطالِها اسمَ «بول» (وهو اسمه)، وتسمية بطلاتها اسمَ «آنّا»، ولكلّ هؤلاء شغفٌ بالسيّارات ذات الماركات العالميّة، وميلٌ إلى تربية الكلاب وركوب الطائرات الصغيرة، وهم يسعون دومًا إلى الاعتناء بحدائق بيوتهم وتأمّل عبثية الوجود البشريّ، والبحث عن سبيل إلى تحقيق سعادة ممكنة، وفي هذا يقول دوبوا: «الأمرُ الوحيد الذي يعنيني هو أن أعيش، الوظيفة الحقيقية الوحيدة هي أن أعيش، إنها أسوأ وظيفة، وهي أيضا أفضل وظيفة، وتستغرِقُ منّي بعض الوقتِ، لذلك أنا أكتب لأشتري الوقت»، ولذلك فقد اختار أن يكتب من الساعة العاشرة من كلّ يوم إلى الساعة الثالثة من اليوم القادم.
والسؤال المحوري لرواية دوبوا المتوَّجة بغونكور هو التالي: «كيف نظلّ إنسانيين في عالم غير إنساني؟» وهو سؤال وجوديّ حاول الكاتب الإجابة عنه عبر حكاية الشاب «بول هانسن» وهو من عائلة يسودها الاختلاف والخصام فأبوه قسّ دنماركي من جوتلاند فقد إيمانَه، وأمّه امرأة من مدينة تولوز الفرنسية متحرّرة ومحبّة للسينما، وقد توزّعت مشاهد هذه الحكاية على فضاءيْن: أما الفضاء الأول فهو داخل سجن مونتريال بكندا أين قضّى بول سنتيْن في عنبر ضيّق مع أحد أعضاء فرقة «ملائكة الجحيم» ويدعى باتريك هورتون، الذي وإن بدا في جلّ وقته مثل بركان يستعدّ للانفجار في أيّ لحظة فإنّ الحديث معه يكشف عن أنّ له قلبا طفوليًّا متسامحا.

السؤال المحوري لرواية دوبوا المتوَّجة بغونكور هو التالي: «كيف نظلّ إنسانيين في عالم غير إنساني؟» وهو سؤال وجوديّ حاول الكاتب الإجابة عنه عبر حكاية الشاب «بول هانسن» وهو من عائلة يسودها الاختلاف والخصام

وفي هذا السجن يستثمر بول كلّ وقته لتذكّر موت جدّه وجدّته اللذيْن توفيّا على إثر حادث مروري أليم. وأما الفضاء الثاني فهو خارج السجن، وفيه نتعرّف رحلةَ بول هانسن من تولوز إلى كندا مرورا بالدانمارك، إذِ نراه يقرّر بعد وفاة جدّه الالتحاق بوالده الذي استقرّ بكندا وتزوّج امرأة ثانية بعد أن تخلّى عن زوجته الفرنسية.
وفي بلدة صناعية صغيرة في كندا، يحضر بول موعظة والده الأخيرة بعد أن فقد إيمانه وعاد إلى حياته الدنيوية، وقد قال فيها: «سوف تعلمون عني، بلا شك، أشياء غير حميدة، وكلها حقيقيّة. […] لتعلموا أنه خلال كل هذه السنوات التي قضّيتها هنا في الكنيسة، تصرفت كموظف مخلص لمهنته. […] حتى وإن كان الإيمان قد تخلّى عني منذ فترة طويلة. قريباً سيكون لديكم متسع من الوقت للحكم عليّ وإدانتي والتشفّي مني. الآن أطلب منكم فقط أن تتذكّروا هذه العبارة البسيطة التي حفظتُها عن والدي الذي كان يستخدمها لتقليل أخطاء كل منّا إلى الحد الأدنى: «جميع الرجال لا يعيشون بالطريقة نفسها في العالم». وبسماعه لهذا الاعتراف، يفقد بول والده. ويبقى وحيدا في كندا، وقد صادف أن زار ديرا كبيرًا في مونتريال به حديقة وحمام سباحة يُستخدم كإقامة فاخرة للمتقاعدين الأثرياء، وهناك وجد عملا، إذْ تمّ تكليفه بحراسة الدّير والاعتناء بمَن فيه. وجرت أيامه هناك على أحسن ما يبتغي، إلى أن تعكّر جوّ الحكاية، فوجد بول نفسه في عنبر ضيّق بالسجن حيث تنتشر الظلمةُ وتشيعُ رائحة الأوساخ.
لا يُخفي بول أنه وجد في الدّير نوعًا من التوازن النفسي والاجتماعيّ، وعاش فيه حياة منظمة ومرفّهة، ومنّ عليه حظُّه بشابة هنديّة جميلة تُدعى «وينونا» فتزوّجها، وربّى كلبة ذكيّة تدعى «نوك»، غير أنّ هذه الهناءة سرعان ما انقطعت، حيث ماتت زوجته وكلبته في حادث تحطّم طائرة صغيرة، ثم نشأ لديه هوس بالأرباح المادية لم يعهده من قبل، وتنامت لهفته على الدنيا، وهو ما أدّى به إلى تدمير حياته الهادئة بالدّير ليكون السجن في انتظاره. وفي ضوء حالته هذه نسمعه يقول: «هناك طرق لا حصر لها ليدمر المرء حياته. كان جدي قد اختار الموت بسيارة ستروين DS19. واختار أبي التضحية بإيمانه من أجل دنياه. ومن ناحيتي، فضّلت الخروج من هذا الدّير بعد أن كان قد نظّم لي مجرى حياتي». ولا شكّ في أن سنتيْ السجن كانت بالنسبة إلى بول فرصة لإعادة النظر في العالم، وفي حياته، وفي التعايش مع فكرة الموت، والسكن في الماضي لفهم الكثير من الأشياء التي تقع في الحاضر المليء بالتناقضات والفوضى وبرودة العلائق وقلّة تثمين كلّ ما هو إنسانيّ في الإنسان.
وقد اتفقت الصحافة الثقافية الفرنسيّة على التنويه بالقيمة الفنية والمضمونية لرواية دوبوا، من ذلك أنّ برنار بيفو قد أشار إلى قلّة الاهتمام الفرنسيّ بروايات دوبوا، حيث قال ساخرا: «لو كانت روايات جان بول دوبوا مترجمة من اللغة الإنجليزية، لكانت لها في فرنسا مكانة مماثلة لروايات الأمريكي جون إيرفينج أو البريطاني وليام بويد».



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات