«مأتم» في إسرائيل

تم نشره الثلاثاء 12 تشرين الثّاني / نوفمبر 2019 12:51 صباحاً
«مأتم» في إسرائيل
عريب الرنتاوي

مزيج المشاعر والمواقف الذي يجتاح الطبقة السياسية الإسرائيلية بمناسبة استرداد الأردن لكامل سيادته على منطقتي الغمر والباقورة، بحاجة إلى تحليل وتفكيك ... ثمة «مأتم» في إسرائيل، لا تنقصه سوى حلقات الندب واللطم، تتخلله أحاسيس الغضب والخيبة، بل و»الصدمة» إن شئت ... مع أن الأردن، لم يفعل شيئاً سوى أنه استرد أراضي اعترفت إسرائيل ذاتها، بـ»أردنيتها»، وبوسائل من داخل معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية وليس من خارجها ... وبترتيبات، تمارسها بالعادة الدول التي تحترم القانون الدولي، وليس بوسائل «البلطجة» و»فرض الأمر الواقع» وسياسة «وضع اليد» التي اشتهرت بها إسرائيل، وربما تكون انفردت بها من دون سائر دول المعمورة.
الأردن أبلغ إسرائيل، رسمياً وخطياً، بأنه ليس بوارد تجديد «عقد الانتفاع» من هاتين المنطقتين، وفي الموعد المحدد، لكن رهان إسرائيل على «تراجع أردني» لم ينقطع ولم يتوقف حتى ربع الساعة الأخير ... هي إسرائيل التي خبرنا سياساتها القائمة على المماطلة والمراوغة، وتحويل المؤقت إلى دائم، والانتفاع إلى إجارة، والإجارة إلى ملكية ... إنها عقلية السطو والغزو والتعدي على حقوق الآخرين وممتلكاتهم، والتي تحكمت بالطبقة الحاكمة الإسرائيلية، منذ أن كانت إسرائيل فكرة ومشروعا، وقبل أن تصبح دولة وبعدها.
ولعل تاريخ الاحتلال الإسرائيلي للمنطقتين الأردنيتين، يعكس هذه العقلية العدوانية – التوسعية... الباقورة سقطت في قبضة الاحتلال بعد عامين من حرب 1948، والغمر بعد عام من حرب1967، وفي ظروف التهدئة ووقف إطلاق النار، ومن دون أي مسوّغ أمني من أي نوع ... اليوم، يبكي الإسرائيليون أرضاً ليست لهم، وباعتراف قائدهم الذي قتلوه بعد التوقيع على المعاهدة بفترة وجيزة: إسحق رابين.
المعلقون الإسرائيليون يخرجون عن أطوراهم، ويطلقون تحليلات وتفسيرات، تعكس حالة هذيان وعدم اتزان ... أحدهم لم يخجل من القول بأن إسرائيل تمد الأردن بالمياه والغاز، والأردن يتنكر لـ»مكارمها» ... وفي معرض تفسيره لقرار الملك استعادة الباقورة والغمر، يلقي باللائمة على «الإخوان المسلمين» و»مجمع النقابات»، لكأن الرجل في تيه معرفي عمّا يدور في الأردن من أحداث أو تطورات، أو لكأن «البروباغندا» تدفعه ليهرف بما لا يعرف.
ومما لا شك فيه، أن غطرسة نتنياهو وكبرياءه الزائفين، قد أصيبا في مقتل، مرتين لا مرة واحدة فقط: الأولى؛ بعودة هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي إلى ذويهما، من دون قيد أو شرط، والثانية؛ باستعادة الأردن لأرضه «المُنتفع بها»، ومرة أخرى، من دون قيد أو شرط ... هذا كثير على رجل اعتاد أن يختال بريش الطاووس في كل حركاته وإيماءاته.
المهم أن الأراضي الأردنية استعيدت بالكامل، وهي خضعت منذ الأمس، للسيادة والقانون الأردنيين، ولا ترتيبات خاصة لهاتين المنطقتين بعد اليوم: من كانت له «ملكية خاص» فليكن، ولكن تحت مظلة القانون الأردني، وحركة المعابر والحدود ونظام التأشيرات، ومن زرع أرضاً، سيُستَمهل لحصادها بضعة أشهر ولمرة واحدة، وفقاً لما انتهت إليه المفاوضات والتفاهمات، ولكن دائماً تحت مظلة القانون والإجراءات الأردنية المرعية ... لا معاملة تفضيلية ولا نظاما خاصا.
الأردن، لم يفعل شيئاً سوى أنه نفّذ معاهدة السلام بحذافيرها، لم يأت بشيء من خارجها، بخلاف ما يعتقده بعضنا الأكثر حماسة، وهو تفادى فكرة «الاستملاك» خشية أن تشكل سابقة لتبرير الاستيطان ووضع اليد على أراضي الفلسطينيين وأراضي الأردنيين في فلسطين ... صحيح أن إسرائيل لا تراعي قانوناً أو شرعية دولية، ولكن صانع القرار الأردني أراد ألا يسجل سابقة ويوفر لها المبرر والذريعة، أقله في المواجهات الحقوقية على الساحة الدولية.

الدستور - 

الاثنين 11 تشرين الثاني / نوفمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات