مناشير الحطابين تجتث الاحراج وأزيزها لا يبالي بالرقابة

تم نشره الإثنين 18 تشرين الثّاني / نوفمبر 2019 01:51 مساءً
مناشير الحطابين تجتث الاحراج وأزيزها لا يبالي بالرقابة
تعبيرية

المدينة نيوز:- يشق صوت المنشار الكهربائي بيد الحطاب احمد محمود، عنان السماء، وهو يجتث عددا من الاشجار الحرجية المعمرة، غير آبه برقابة تقول وزارة الزراعة انها تفرضها على مليون دونم هي مساحة الغابات تشكل ما نسبته 1- 5ر1 بالمئة من مساحة المملكة. وفيما تؤكد أوساط رسمية ذات علاقة وجود رقابة عالية لمنع هذه التجارة الحرام، تواصل مافيا التحطيب أساليبها الملتوية لتقتطع اشجار الغابات للاتجار شبه المعلن بها، وسط ادعاءات البعض الآخر من هؤلاء بـ "تعاون بعض الطوافين معهم وأنهم يواصلون عملهم غير المشروع على الرغم من رقابة الطوافين"، لكن مدير الحراج في وزارة الزراعة المهندس خالد القضاة ينفي بشدة هذه الادعاءات ويصفها بأنها محض "افتراءات".
وبين هذا وذاك، يفاخر حطابون بما يصفونه بـ "حنكة" يتحلون بها للإفلات من هذه الرقابة التي يبدو انها لا تسيطر على مساحة الغابات، في حين يكتفي آخرون بتبرير فعلتهم بالقول إن دافعهم هو عدم كفاية دخلهم من راتب الوظيفة لتغطية الحد الأدنى من مستلزمات أسرهم، فيما هناك صنف ثالث من هؤلاء يتذاكى بالقول إنه "إنه لم يسبق أن تم ضبطه لأنه يمارس التحطيب في الوقت الصح".
وبحسب قانون العقوبات الأردني في المادة 369 "يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من أضرم النار قصداً، فيما لغيره من حراج أو غابات للاحتطاب، أو في بساتين أو مزروعات قبل حصادها، وكذلك يعاقب من يضرم النار في ملك له ويسري الحريق إلى ملك غيره فيضر به"، فيما يحظر قانون الزراعة إشعال النار في مناطق الحراج الحكومية وفي المناطق المجاورة لها حتى 300 متر، ويعاقب كل من يقوم بذلك بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وبغرامة مقدارها ثلاثة أضعاف القيمة المادية عن كل شجرة أو شجيرة حرجية أتلفها الحريق، ويلزم بدفع تكاليف إطفاء الحريق.
والحراج الحكومي بحسب القانون هو الاشجار والشجيرات والنباتات النامية على الاراضي الحرجية والاشجار والشجيرات والنباتات الحرجية النامية على الاراضي المسجلة باسم الخزينة العامة بما في ذلك النامية على حرم الطرق والشوارع ومجاري الاودية والسيول الرئيسة.
كما يحظر القانون قطع أي من الأشجار الحرجية المعمرة أو النادرة والنباتات البرية المهددة بالانقراض أو إتلافها او الاعتداء عليها بأي شكل من الأشكال، كما يحظر قطع الأشجار المثمرة النادرة والمهددة بالانقراض او اتلافها إلا بموافقة من الوزير . والأشجار الحرجية المعمرة بحسب القانون هي أشجار الصنوبر الحلبي أو ما يعرف باللزاب والتي يزيد عمرها على 200 سنة، وأشجار الملّول التي يزيد عمدها على 350 سنة، وأشجار السنديان التي يزيد عمرها على 300 سنة، وأشجار البطم التي يزيد عمرها على 150 سنة.
الحطاب احمد محمود يقول: راتبي من وظيفتي لا يغطي لأسرتي أبسط الاحتياجات الأساسية، وهذا ما دفعني للجوء إلى تحطيب الأشجار، ويضيف متفاخرا، "الحمد لله ما انمسكت ولا مرّة لحد الآن، أنا بشتغل لحالي مش مع ناس، وبختار الأوقات الصح".
أما الأوقات "الصح" فهي بحسب ما يقول أحمد "أفضل وقت للتحطيب بالنسبة لي ولمن أعرفهم من الحطابين هو عند نشوب حريق في مكان قريب من الأرض التي ننشد أشجارها، إذ ينشغل المسؤولون بإطفاء الحريق بينما نقطع الأشجار براحتنا في مكان مجاور"، مشيرا الى أنه ورغم أنهم "شددوا الرقابة في السنوات الأخيرة، إلا أنه ما يزال بإمكاننا ممارسة التحطيب، ولو بحرية أقل".
أما الحطاب يوسف درويش، فيعمل بالتحطيب منذ 3 سنوات تقريباً، ويقول "في البداية كنت أرفض الفكرة، لكن ظروف الحياة الصعبة والعائد المادي المجزي الذي تدره هذه المهنة، دفعني لأن أخوض غمار هذه التجربة بمساعدة متعاونين من جهات رسمية ذات علاقة".
المهندس القضاة اوضح لوكالة الأنباء (بترا) إنه "لا علاقة بين الحرائق المفتعلة وقطع الأشجار بقصد التحطيب إذ إن الأولى تكثر في فصل الصيف ولا يمكن أن تفتعل في الشتاء بسبب رطوبة الأرض، في حين يبدأ التحطيب مع بداية فصل الشتاء".
وأضاف، "في العادة يتبلى الحطابون على طوافي الحراج بادعاء أنهم متعاونون معهم، وهذا غير ممكن إذ إن الحطابين مراقبون بأجهزة لاسلكية، وإن كان هناك بعض التجاوزات فهي بسيطة ولا يمكن تعميمها أبدا، وفي حال القبض على حطاب ينظم فيه ضبط حرجي ويُحوّل إلى المحكمة ويحاكم وفقاً لقانون الزراعة".
وأشار الى أن التحطيب يكون عادة في المناطق ذات الكثافة الحرجية العالية في عجلون وجرش والبلقاء وإربد، لافتا مشيراً إلى أن بعض الحطابين تكررت الضبوطات بحقهم أكثر من مرة.
وتشير إحصائيات الادارة الملكية لحماية البيئة الى أن أكبر عدد من الضبوطات المسجلة كانت من نوع تعدي "التحطيب" وبمجموع 930 مخالفة سجلت بين عامي 2008 إلى عام 2016.
مدير إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي في المديرية العامة للدفاع المدني المقدم إياد العمرو يقول، إن عدد حوادث حرائق الأعشاب الجافة والأشجار الحرجية التي تعاملت معها كوادر المديرية منذ بداية العام وحتى نهاية أيلول بلغ 23797 حريقاً، فيما "بلغت حرائق الأعشاب الجافة النسبة الأكبر بعدد 18593 حريقاً، تليها بعدد أقل حرائق الأشجار الحرجية والمثمرة (2223 حريقاً)، أما حرائق المحاصيل الحقلية فقد بلغت 972 حريقاً".
ولفت العمرو إلى أن أسباب الحرائق في الغابات والأعشاب والمزروعات يعود في الغالب إلى "السلوكيات غير المسؤولة لبعض الأفراد، كالتدخين ورمي أعقاب السجائر، أو التنزه وإشعال النيران وعدم التأكد من إطفائها بشكل تام، إضافة لحرق مخلفات المزروعات، وعبث الأطفال، والحرائق المتعمدة".
فيما أوضح المهندس خالد القضاة أنه ولغاية الأول من تشرين الماضي "أتت الحرائق على نحو 2000 شجرة حرجية بما مساحته 4000 دونم في كل المحافظات وتركزت في عجلون وجرش والبلقاء، وفي العام 2018 بلغ عدد الأشجار المحروقة 420 شجرة موزعة على ما مساحته 336 دونما"، عازيا الارتفاع في عدد الأشجار والمساحة في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي إلى أن كميات الأمطار في الموسم المطري الماضي كانت عالية، ما أدى إلى نمو أعشاب بشكل كبير، وجفافها في الصيف مع عدم توفر ثروة حيوانية ورعي يخفف من كمية هذه الأعشاب وهو ما يدفع الى ازدياد مسببات الحرائق خصوصاً في المناطق التي تحتم طبيعتها الطبوغرافية المتمثلة بالمنحدرات والجبال، صعوبة مكافحة الحرائق فيها.
وأشار القضاة إلى أن المديرية تعمل وفق خطة سنوية لزيادة التحريج في المناطق المتضررة وتعويض الأشجار المحروقة بنسبة تفوق 100 بالمئة، مضيفاً أن المناطق التي تتضرر بشكل يمنع إعادة زراعتها؛ يستعاض عنها بمناطق أخرى، حيث عوضت المديرية في العام 2019 نحو 3500 دونم والعمل جار للوصول إلى 7000 دونم أو أكثر قبل نهاية العام، في حين حث القضاة المواطنين على ضرورة اتخاذ كافة الاجراءات الوقائية في أراضيهم الخاصة حتى لا تحدث فيها حرائق وتمتد للغابات.
وفي تقرير صادر عن اللجنة الوطنية للتنوع الحيوي- حصلت (بترا) على نسخة منه من وزارة البيئة، فإن مساحة الاراضي المصنفة أراضي حرجية لا تزيد على 5ر1 بالمئة من مساحة المملكة، 26 بالمئة فقط منها تتجاوز كثافة الغطاء الشجري فيه 10 في المائة فقط.
وفي الأردن بحسب التقرير أربعة أنماط رئيسية من الغابات؛ هي الصنوبر الحلبي والسنديان دائم الخضرة والبلوط متساقط الأوراق (ملّول) والعرعر؛ ويعد قطع الأشجار والتحطيب أبرز ما يهدد هذه الغابات، وتقسم عمليات قطع الأشجار إلى قطع محدودة من المجتمعات المحيطة بها نتيجة للظروف المعيشية الصعبة وارتفاع أسعار الوقود، والقطع الممنهج من تجار الأخشاب، إضافة الى مشكلة رئيسية مرتبطة غالباً بالقطع وهي الحرائق المفتعلة وغيرها.
ويفنّد التقرير التحديات التي تعيق حماية وإدارة قطاع الغابات إلى عدة أمور، أهمها؛ ضعف الوعي لدى صنّاع القرار والمجتمعات المحلية بأهمية حماية الغابات وفوائدها المباشرة وغير المباشرة، إضافة إلى ضعف إدماج حماية الغابات في الخطط و الاستراتيجيات التنموية المختلفة .
--(بترا) -  عائشة عناني



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات