سيدي الشرطي..شكراً!

تم نشره الأربعاء 01st كانون الثّاني / يناير 2020 12:39 صباحاً
سيدي الشرطي..شكراً!
رشاد ابو داود

الجنود المجهولون..مجهولون. لا يعرفهم أحد. وهم لم يسعوا لأن يعرفوا بأنفسهم. لم تهمهم الشهرة ولا النياشين ولا اللقطة. كتبوا بالحبر السري حكايات بطولة. حبرهم، احياناً سلاحهم وأحياناً فكرهم أو عرقهم أو سهرهم وأحياناً..دمهم.
لم يكن ذاك الشرطي يعلم أن ثمة من يلتقط له صورة.كل ما كان يعرفه أنه يؤدي واجبه. واجبه أن ينظم حركة السيارات في أحد شوارع عمان فيما المطر ينهمر بغزارة والكل في عجلة من أمره ليصل الى اولاده ودفء بيته، الا هو واقف في مكانه كجبل لا تهزه ريح ولا يبلل ارادته مطر.
لكنه بشر. يجوع ويبرد، يود لو أنه ينعم بدفء السيارات التي ينظم مرورها، يسرع الى أولاده بربطة خبز وتنكة كاز أو اسطوانة غاز، ان كان راتبه سمح له أن يشتري صوبة غاز. في ذهنه لمة الأهل حول الدفء وأكلات الأمهات في الشتاء، رز بحليب، قرفة بالجوز، سحلب بالمكسرات. وفي ذهنه حكايا الجدات عن أيام زمان، عن منقل الحطب في وسط الدار، الدار التي كانت تتسع للأبناء و زوجاتهم وأبنائهم. غرفة لكل عائلة والحوش يلم الجميع، سوره الأب واسورته الأم و..سقفه السماء.
ذاك اليوم، الشرطي النبيل في مكانه، حبات المطر تكثر و تكبر، تتراشق على وجهه المضيء، يرفع ذراعيه ليدل الناس الى الطريق، يشتد المطر فيضمهما الى صدره كما لو انه يخشى ان يبرد الوطن.
أذناه محمرتان، أنفه يكاد يتجمد وأسنانه لولا الحياء الرجولي لاصطكت.عيناه متقدتان كقنديلين ممتلئين بزيت من زيتون اربد والشوبك ومعان والسلط والمفرق.
« اصمد يا رجل، تحمل، لحم كتافك من خير هذا الوطن، أنت الحارس حين ينام الآخرون، تعلمت أن الشرطة في خدمة الشعب، المواطن ابنك واخوك و ابوك، وها هم يحتاجونك في هذا الطقس الماطر، اصمد تحمل « اتخيله يقول لنفسه في تلك الساعات الباردات القاسيات، وربما قال أكثر.
ليس وحده، بل مئات مثله من رجال الأمن العام كانوا في ذاك اليوم الماطر، يفتحون الطرقات التي أغرقتها الأمطار. كل شتاء نغرق في شبر ماء. وننسى بمجرد أن يتوقف المطر ويرحل الشتاء.
ثمة منا من لا ينسى الغرق ومنا من ينسى الوطن. الكل يدعو الى الاصلاح ولا أحد يعلم من يقف ضد الاصلاح. الكل يتحدث عن مصلحة المواطن ولا احد يتحدث عن من يغرق المواطن في الديون و القروض وفي...الأمطار!
أتأمل صورة الشرطي وأود لو أنحني أمامه، أقبل جبينه. وأن اختارها صورة العام.

الدستور 

الثلاثاء 31 كانون الأول / ديسمبر 2019.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات