واشنطن وطهران و«قواعد الاشتباك» الجديدة

تم نشره الإثنين 06 كانون الثّاني / يناير 2020 12:59 صباحاً
واشنطن وطهران و«قواعد الاشتباك» الجديدة
عريب الرنتاوي

ثمة ما يشي أن إدارة الرئيس ترامب، قررت «تغيير قواعد اللعبة» مع إيران ... ديبلوماسية «الضغط الأقصى» القائمة على سلاح الخنق الاقتصادي، لا يبدو أنها أعطت أوكلها ... «سياسة الصبر الاستراتيجي» المعتمدة منذ زمن أوباما، لم تحل دون مواصلة إيران لعمليات «التعرض الخشن» لمصالح واشنطن وحلفائها في المنطقة ... فهل جاء دور «الهراوة العسكرية»، علّها تنجح في تحقيق ما أخفقت الاستراتيجيات السابقة في تحقيقه؟
المؤشرات حتى الآن، تقول أن ثمة توجها أمريكيا لتغيير «قواعد الاشتباك» ... استهداف قاسم سليماني وقادة «الحشد الشعبي» محمّل بالدلالة الطافحة بالنوايا الأمريكية الجديدة ... لكن برغم ذلك،يجب توخي الحذر عند التكهن بوجهة السياسة الأمريكية الجديدة، سيما بعد أن تتالت الأنباء عن محاولات أمريكية لاحتواء موجة الغضب الإيراني، وتغريدات الرئيس ترامب نفسه، النافية لوجود أي نيّة لتغيير النظام الإيراني، وقوله إن إيران لم تكسب حرباً ولم تخسر مفاوضات.
ثم، إن هذه الحركة النشطة على القنوات الديبلوماسية الوسيطة بسويسرا والصين وغيرها، تشي بأنها تصدر عن «محرك واحد» ... وأنها تتكثف وتتفاعل بطلب أمريكي مباشر، يسعى في منع الانزلاق إلى مواجهات أوسع، أو حرب شاملة، لا أحد في واشنطن ولا في طهران يريدها.
نحن لا نعرف شيئاً حتى الآن، عن مضامين الرسائل الأمريكية التي يحملها الوسطاء، إذ لا يكفي أن تقول واشنطن «عفا الله عمّا مضى»، بعد أن وجهت ضربة موجعة لإيران ... لا يكفي أن تقتصر الرسائل على «عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل واقعة الاغتيال المزدوج لسليماني والمهندس»، ولا حتى «عرض الاستعداد لامتصاص ضربة إيرانية محدودة» نظير ما حصل في مطار بغداد، ومن باب «حفظ ماء وجه الإيرانيين» كما تقول المصادر.
إن لم تأت واشنطن بمبادرة سياسية كبيرة من النوع الذي يقنع الإيرانيين بأن دماء «رمزهم الجهادي الأبرز» لن تذهب هدراً، فلن تكون هناك استجابة إيرانية لهذه «العروض»، سيما بعد أن انهار «آخر مدماك» في جدار الثقة بين طهران وواشنطن ... ما لم تقبله إيران قبل اغتيال سليماني، لن تقبل به بعده.
ما الذي يمكن أن يقنع طهران بـ»ضبط النفس» والامتناع عن توجيه ردود أفعال مُزلزلة كما توعدت؟ ... ثمة خيارات عديدة يمكن أن تخطر بالبال... أحدها، أن تستجيب واشنطن لقرار محتمل عن الحكومة والبرلمان العراقيين بالانسحاب من العراق ... هنا، تكون إيران قد أنجزت معادلة «العراق مقابل سليماني»... أو أن تبدي واشنطن ليونة كبيرة في موضوع العقوبات المفروضة على طهران، أو أن تعود للتفاوض مع إيران في إطار مجموعة «5+1»، للوصول إلى نسخة شبيهة بالاتفاق النووي الذي انسحبت منه ... لا ندري ما الذي يمكن أن يرضي إيران ويهدئ من روعها... ولكن ربما كانت مبادرات من هذا النوع، كفيلة بامتصاص الغضب وخفض حدة التوتر وسحب فتيل الأزمة المتفجرة.
هل ستفعلها واشنطن؟ ... إن حصل ذلك، فإنها ستكون قد سجلت هزيمة نكراء لإدارة ترامب في سنة الانتخابات ... وإن لم تفعل، فإنها ستكون قد غامرت بالتورط في أزمة متدحرجة، قد تقضي على فرص ترامب في السباق الانتخابي ... هي معضلة بلا شك ... يزيدها تعقيداً، أن إيران على رأس ما «يسمى بمحور المقاومة»، ستسجل خسارة استراتيجية ماحقة، إن هي سمحت لواشنطن بتغيير قواعد الاشتباك من جانب واحد، فهل ستبتلع إيران هذه «الهزيمة» إم أنها ستعمل على ترميم صورتها الردعية وإعادة بناء قواعد اللعبة من جديد؟

الدستور - 

الأحد 5 كانون الثاني / يناير 2020.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات