أطلقوا سراح الدين

تم نشره السبت 11 كانون الثّاني / يناير 2020 12:17 صباحاً
أطلقوا سراح الدين
حسين الرواشدة

تحت ذريعة الدفاع عن الاسلام والخوف عليه تواطأنا - كمسلمين- على تمرير وتبرير مقولات فقهية ودعوية جاهزة استهدفت اقناعنا بأن وضع( الدين) في غرفة مغلقة هو أفضل طريق لحمايته، وكدنا نصدق بأن هذا الدين هو - فقط- ما وجدنا عليه أباءنا، ولا يحق لنا أن ننتقدهم حتى لو أخطأوا، وحين صدمتنا صور التطرف التي يقوم بها بعض من ينتسبون للاسلام لم نصدق بأن ما فعلوه هو جزء مما تعلموه على أيدينا، ومع أننا سارعنا لإدانتهم إلا أنه لم يخطر في بالنا أن نطلق سراح إسلامنا الذي اعتقلناه واحتكرنا فهمه وخبأنا مفاتيحه في أدراجنا المغلقة.
لكي يتاح لنا أن نعرف الإسلام ونفهمه على حقيقته، لابدّ أن نتجاوز أولا فكرة الخوف على الاسلام وثانيا فكرة الخوف من الإسلام، ولابد ثالثا من تحرير الدين من قداسة التاريخ وإرث الاحكام الفقهية الجاهزة، ولابد رابعا من اعادة الاعتبار لوظيفة الدين الاساسية القائمة على الإرشاد و الهداية ورسالته الإنسانية المنفتحة على العالمين، ولابد خامسا من ترسيم علاقاته مع العلم والسياسة وغيرهما من المجالات التي اشتبكت معه، وأن نجدده ( بروح) الاخلاق التي هي مبتدؤه وخبره وجوهره، ثم نترك له حرية الحركة في حياتنا من دون ان يكون ثمة سلطة تحدد مساراته وخياراته، سواء أكانت هذه السلطة حركة أو حزبا أو دولة، فالدين ليس سلطة تفرض بالاكراه، ولا موعظة تلقى في المناسبات، وإنما هو روح يتحرك في أنفسنا، فيمنحنا ما نحتاجه من رضى وطمأنينه وما يجعلنا نعمر حياتنا وإنسانيتنا وآخرتنا، ويضمن سعادتنا أيضا.
إذن، لا خوف على الاسلام، يكفي أن نذكّر هؤلاء الخائفين بأن الرسول الأكرم تمكن في 13 عاما من بناء الانسان والمجتمع والدولة، وان العقيدة منذ ذلك الوقت استقرت في قلوب المسلمين ولا يمكن اقتلاعها فكيف نخشى بعد 1500 عام على هذا الدين الذي انتشر في كل بقعة على الأرض، لكن الخوف علينا نحن المسلمين من تضييع فرصة استلهام مقاصد الدين ووضعها في خدمتنا، فالدين ليس قانونا نرضخ له، أو رواية نقرؤها على أبنائنا وإنما هو آية نتفاعل معها، فتمنحنا الحياة الطيبة، وتدفعنا الى العمل و البناء، وتفتح أمامنا آفاق الحرية والكرامة والعدالة.
شجرة الدين قائمة ولن تزول ابدا، وجذورها ثابتة في أعماق تربتنا الحضارية، ولكنها مثل أي شجرة تنمو وتتمدد بحاجة إلى من يتعهدها بالرعاية والاهتمام والسقاية والتقليم، وأكاد أقول إنها بحاجة اليوم لمن يهزها برفق لكي تتساقط كل الأوراق الصفراء والفروع الميتة التي أعاقتها عن النمو، وشوهت صورتها، وأوهمت الآخرين بأنها لا تثمر إلا الشوك والحسك.

الدستور 

الجمعة 10 كانون الثاني / يناير 2020.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات