موسم الهجرة إلى ليبيا

تم نشره الثلاثاء 21st كانون الثّاني / يناير 2020 07:35 صباحاً
موسم الهجرة إلى ليبيا
عريب الرنتاوي

وفقاً للمرصد السوري لحقوق الانسان، فإن أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل سوري «معارض» باتوا يتموضعون الآن في خنادق طرابلس الغرب في مواجهة مع قوات الجنرال العجوز خليفة حفتر ... دوافع أنقرة لفعل ذلك معروفة تماماً، فهي ترغب في خوض معاركها في ليبيا وشرق المتوسط حتى «آخر سوري»، لكن السؤال عن دوافع هؤلاء المقاتلين وتنظيماتهم، هي ما يستوجب البحث والتأمل.
في ظني أن ثمة محركين اثنين، يدفعان مقاتلي المعارضة السورية للانتقال إلى ليبيا، وترك خطوط التماس أمام تقدم القوات السورية و»الرديفة» في جبهات الشمال السوري: أولهما؛ ذو طابع عقائدي ديني، فـ»الجهاد لا وطن له»، وكل أوطان المسلمين ساحات مشروعة له، يبدو أن من بين المقاتلين من ذهب بدافع إيديولوجي، ولا بأس إن جاء مغمساً بقليل أو كثير من المال.
وثانيهما؛ ذو طابع «ارتزاقي» محض، وفي البازار المفتوح حول رواتب «المقاتلين/المرتزقة» بلغت قيمة العرض الأفضل ألفي دولار شهرياً للمقاتل الواحد، وهذا يعادل راتب سرية كاملة من الجيش السوري، وقبضة من رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ... السؤال حول مصدر هذا المال الوفير، بحاجة لتحقيقات أمنية لا قبل لنا بها أو عليها، لكن الحلف الذي يدعم حكومة فايز سراج، بات معروفاً على أية حال، ولكم أن تطلقوا العنان لمخيلاتكم.
لا أجد دافعاً آخر يمكن أن يحرك جحافل المعارضة ويذهب بها قرابة ألفي كيلومتر بعيداً عن ساحة حربها الرئيسة، ضد العدو «الأسدي/النصيري/الفارسي/ الصفوي/ الشيعي/الروسي/ الإيراني» إلى آخر «المعزوفة» التي لم تكف جحافل المعارضة عن إرهاق مسامعنا بها لفرط تكرارها طوال سنوات تسع مضت... لا أجد تفسيراً آخر لانتعاش «موسم الهجرة إلى ليبيا».
يطرح ذلك سؤالاً حول دور المليشيات و»اللاعبين اللا-دولاتيين – Non State Actors» في بلادنا، سيما بعد أن نشطت مراكز إقليمية طامعة وتوسعية، في تشكيل هذه الميليشيات وتدعيم هؤلاء اللاعبين ... وإذا كانت إيران قد سبقت غيرها، واشتهرت أكثر من غيرها، في تعميم التجربة المليشياوية على عدد من الدول العربية، فإن تركيا، لحقت بها بكفاءة وتسارع مع اندلاع ثورات الربيع، من تجربة الفصائل المنضوية تحت ما يسمى «الجيش الوطني» في سوريا، إلى التنظيمات «الاسلاموية» التي تقاتل تحت مظلة «الشرعية» في ليبيا.
ومثلما توسعت طهران في استقدام ميليشيات «آسيوية» لتدعيم مشروعها الإقليمي في سوريا على وجه الخصوص، معتمدة على الشيعة الأفغان «الفاطميون» والشيعة الباكستانيون «الزينبيون»، فإن تركيا فعلت الشيء ذاته في سوريا، وقد تكرره في ليبيا كذلك، والمعارك الدائرة اليوم في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، أعادت التذكير بتنظيم «أجناد القوقاز»، وقبلها تسهيل وصول «المجاهدين الإيغور» وغيرهم من الميليشيات الجهادية المنتقاة على أساس مذهبي سنّي.
قبل أيام، وفي هذه الزاوية بالذات، دعونا إيران لاعتماد «القوة الناعمة» لاستعادة علاقاتها مع العرب و»تطبيعها»، والابتعاد على الأساليب والوسائل الخشنة كالسلاح والميليشيات ... وقبل سنوات، وفي هذه الزاوية أيضاً، رحبنا بميل تركيا لاستخدام «القوة الناعمة» و»قوة النموذج» و»صفر مشاكل» في تسجيل اختراقات في العالم العربي ... يبدو أن القوتين الإقليميتين المتعايشتين والمتنافستين، تخلتا في لحظة الاستقطاب واحتدام صراع المحاور، عن كل ما هو «ناعم» من أدواتهما، وقررتا خوض حروبهما ومعاركهما، بالوسائط الخشنة، يشجعهما على فعل ذلك والاستمرار فيه، «رخص» الدم العربي، فما الذي يضيرهما الاستمرار في توسيع نفوذهما الإقليمي ومجاليهما الحيويين، طالما أن القاتل والقتيل في حروبهما متعددة الجبهات، هم من الناطقين بـ «لسان الضاد»؟!

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات