لي أمنية واحدة..!

تم نشره السبت 25 كانون الثّاني / يناير 2020 12:29 صباحاً
لي أمنية واحدة..!
حسين الرواشدة

نودع عاما ثقيلا ، ونستقبل على ما يبدو عاما اثقل ، والمسافة بين العامين هي ذاتها المسافة بين غرفة واخرى ، فالاعوام في عالمنا العربي - مهما اختلفت ارقامها وايامها - تشبه تماما «حجرات» البيت الواحد ، تدخل اليه من البوابة فلا تحتاج الى استئذان حين تتجول في ممراته وغرفه ، وحين تألفه ويالفك تفقد الدهشة به مثلما يفقد الدهشة بك ، وتبدأ «مواسم» الرتابة ما لم تطاردك اشباح «الحوادث» الطارئة.. تلك التي تحمل التغيير ، ولكنها غالبا لا تحمل السعادة.
يا الله كم اشتقنا الى السعادة ، كم انتظرناها بلا جدوى ، كم طاردتنا «اوهامها» لكن بلا نتيجة ، كم اغمضنا اعيننا عن الهواجس التي اثارها المنجمون وقراء الكف لتخويفنا من القادم ، كم علمنا بعصور جديدة تفتح امامنا صناديق «الوحدة» والديمقراطية والحياة الفضلى ، كم راهنا على الوعي الذي ينتج التغيير ، على «المطر» الذي يبدد غبار الدروب على الامة التي تنتقل من الاطلس الى الحياة والفعل ، كما فتحنا اعيننا على امم تتقدم نحاول ان نكون مثلها ، على شعوب تتحرر من الخوف والقهر حتى نقف معها في طابور «صناع» الحضارة.
عام صعب وثقيل مر ، واخر قادم لا جديد فيه سوى «الوهم»: وهم الانفصال الذي يبدد «سيئات» الوحدة ، ووهم «الحروب» الجديدة التي تعيد لمّ الشمل ، ووهم «التقدم» الذي يفضي الى التخلف ، ووهم «الاصلاح» الذي لا ينتج الا الخراب.
وحده الامل ، يجعلنا نتطلع الى الامام ، يدفعنا الى انتظار قطار الاصلاح ، يشطب من ذاكرتنا الاحساس بالالم ، يحررنا من السقوط في اليأس ، يعيد لارواحنا توازنها ، ولابداننا قدرتها على الحركة.
مع كل نهاية سنة ، نعيد جردة حساباتنا ، وندقق في دفاترنا القديمة ، ثمة ارباح وخسائر ، وثمة حكايات تطمئننا على «عافيتنا» واخرى تسرق منا العافية ، ثمة احساس «بالفقر» هذا الذي يحاصر جيوبنا وقلوبنا معا ، واحساس «بالتعب» هذا الذي استعصى على «وصفات» الراحة وطول الاستجمام.
ما الذي يمكن للعربي ان يتفاءل به وهو يستقبل العام الجديد؟ وانا اكتب سمعت احدهم يسأل المفتي: هل يجوز اجهاض المولود اذا ما اكد الاطباء بانه سيولد «مشوها»؟ كان الجواب: حرام ان نفعل ذلك ، لماذا يا سماحة الشيخ؟ لانه نفس اكتملت ولا يجوز قتلها ، كما لا يجوز - تماما - قتل «انسان» ابتلي بعد الولادة «بالاعاقة».
اذن عام جديد لا بد ان نستقبله ، حتى وان كان مليئا «بالتشوهات» والأزمات والاخطار ، المهم كيف نستقبله ، كيف نجعله اكثر انسا ورحمة ، اكثر دفئا واحساسا بنا كبشر؟ يا لها من تساؤلات عجيبة، اولسنا من نصنع «اعوامنا» ، من نلونها بانفاسنا وافعالنا ، بايماننا وفجورنا ، اولسنا من «يدفعها» بالسعادة او الشقاء ، فلماذا نلومها ولا نلوم انفسنا اذن؟ لي امنية واحدة: ان ينتصر فينا منطق الانسان على منطق السياسة ، لكي نتحرر من الكراهية والخوف ونبدد «هواجس» الفرقة والانقسام.

الدستور 

الجمعة 24 كانون الثاني / يناير 2020.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات