تضامن : صحة النساء العاملات في خطر
المدينة نيوز:- أصدرت جمعية معهد تضامن تقريرا صحفيا وصل المدينة نيوز نسخة منه تاليا نصه :
أكد التقرير السنوي لعام 2018 والصادر عن ديوان الخدمة المدنية على أن عدد الموظفين والموظفات في القطاع العام الذين حصلوا على إجازات مرضية لوائية (أكثر من أسبوع وأقل من شهر) خلال عام 2018 بلغ 5377 موظفاً من بينهم 3412 موظفة، حيث كانت حصة الإناث منها 63%. فمن بين كل 3 موظفين حصلوا على إجازات مرضية تراوحت بين أسبوع وشهر كان هنالك موظفتين إثنتين.
وتشير جمعية معهد تضامن الى أن هذه النسبة المرتفعة من النساء العاملات في القطاع الحكومي بشكل عام واللاتي يمرضن لفترات تتراوح ما بين أسبوع وشهر بشكل خاص، تعود الى عدد من الأسباب الاجتماعية والثقافية وعلاقات القوة بين الجنسين التي تجعل من الموائمة ما بين أعمال الرعاية والعناية غير مدفوعة الأجر وما بين المهام الوظيفية من الصعوبة بمكان ما لم تتخذ الإجراءات والتدابير المناسبة لمعالجتها، مما يؤثر سلباً على إنتاجيتهن لا بل وقد يؤدي الى إنسحابهن من سوق العمل وبالتالي حرمانهن من الوصول الى مواقع صنع القرار ويعصف بكافة الجهود الرامية الى تمكينهن اقتصادياً ودفع عجلة التنمية المستدامة الى الأمام.
وتشدد "تضامن" على أهمية تحسين صحة الأردنيات وقاية وعلاجاً، ولأسباب متعددة من بينها الطبيعة البيولوجية للنساء والأطفال ذكوراً وإنائاً، على إعتبار أن هذه الفئة هي الأكثر عرضة للأمراض، لذلك فإن التدابير والإجراءات التي تهدف الى معالجة تلك الفوارق بين الذكور والإناث، إضافة الى الحد من عدم المساواة بين الجنسين في مختلف المجالات بما فيها الإجتماعية، وإتاحة فرص التعليم والعمل والصحة للنساء ووصولهن وأطفالهن للخدمات الصحية ومواقع صنع القرار، ستعمل جميعها على خفض الأمراض بين النساء والأطفال على وجه الخصوص وما يترتب عليها من آثار.
في الأردن... واحدة من كل 4 زوجات تتخذ لوحدها القرارات المتعلقة بصحتها
كما أكد مسح السكان والصحة الأسرية (2017-2018) والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة على أهمية القرارات التي تتخذ داخل الأسرة ودور الزوجات في إتخاذها، وحدد المسح ثلاثة قرارات هامة تم سؤال المتزوجات عنها من بينها القرارات المتعلقة بصحتهن.
ويبين المسح بأن 25% من المتزوجات الأردنيات واللاتي أعمارهن ما بين (15-49) عاماً يقررن لوحدهن فيما يتعلق برعايتهن الصحية (كانت النسبة 40% في مسح عام 2012)، و 7% من المتزوجات أفدن بأن الأزواج يتخذون لوحدهم القرارات المتعلقة بصحتهن (كانت النسبة 11% في مسح عام 2012)، وأفادت 67% بأنهن يتخذن بالتشارك مع أزواجهن القرارات المتعلقة بصحتهن (كانت النسبة 49% في مسح عام 2012).
وفي المقابل فقد بين المسح بأن 40% من الأزواج يتخذون لوحدهم القرارات الخاصة برعايتهم الصحية، و 56% منهم يتخذون القرارات بالتشارك مع زوجاتهم، و 3% منهم تتخذ زواجتهم القرار الخاصة بصحتهم.
وتؤكد "تضامن" على أهمية أن تكون القرارات المتعلقة بصحة الزوجات أو الأزواج قرارات مشتركة، إلا أنها في ذات الوقت تجد بأن تحكم الأزواج أو الزوجات بالقرارات الصحية للطرف الآخر أمر غير مقبول على كل المستويات.
على الدولة تحمل مسؤولياتها بتأمين الخدمات الاجتماعية وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين وذوي الإعاقة
إن التمكين الاقتصادي للنساء يستلزم الحد من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وإعادة توزيع هذه الأعمال عن طريق الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين وذوي الإعاقة، وكلها أعمال غير مدفوعة الأجر ولا تتوزع فيها المسؤوليات بالتساوي بين الرجال والنساء اللاتي يتحملن الجزء الأكبر منها. وعلى الرغم من أهميته في مجال التنمية البشرية إلا أنه يشكل عائقاً جدياً أمام قيامهن بالأعمال مدفوعة الأجر، ويأخذ حيزاً كبيراً من الأوقات اليومية الحرة المخصصة لراحتهن ورفاههن مما يدخلهن في الفقر وفقر الوقت.
وتشير "تضامن" الى تقرير التنمية البشرية لعام 2015 والذي حمل عنوان "التنمية في كل عمل"، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والذي أكد على أن العمل غير مدفوع الأجر والذي تقوم به النساء يشمل ضروريات الحياة اليومية للأسر كالتنظيف والطهو، إلا أن جزءاً كبيراً منه يتعلق برعاية الأطفال (2 مليار طفل)، ورعاية المسنين والمسنات (120 مليون مسن/مسنة فوق 80 عاماً)، ورعاية ذوي وذوات الإعاقة (مليار شخص)، ورعاية المرضى (أعدادهم كبيرة منهم 37 مليون مريض/مريضة بمرض الإيدز). أكد تقرير للأمين العام للأمم المتحدة صدر عام 2017 وحمل عنوان “تمكين المرأة إقتصادياً في عالم العمل الآخذ في التغير”، على الروابط الحيوية بين التمكين الاقتصادي للمرأة وحقها في العمل اللائق وفي العمالة الكاملة والمنتجة.
ويقع على النساء العبء الأكبر من الأعمال غير المدفوعة الأجر وبشكل مجحف بما فيها الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية، وهما في كثير من الأحيان يعوضان النقص في الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية، كما أنهما تدعمان الاقتصاد وإن كانا في الواقع يشكلا نقلاً للموارد من النساء الى آخرين في الاقتصاد.
وتعتبر زيادة الوظائف المدفوعة الأجر في إقتصاد الرعاية عاملاً حاسماً في المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للنساء، والذي يتسم أيضاً بغياب العمل اللائق وإنتقاصاً من حقوق العاملين والعاملات. علماً بأن أغلب العاملين في هذا المجال هم من النساء والفتيات.
عالمياً، فإن هنالك حاجة الى 10.3 ملايين عامل إضافي في قطاع الصحة (أطباء وطبيبات وممرضات وقابلات)، و 27 مليون مدرس/معلم إضافي لتحقيق تعميم التعليم الإبتدائي بحلول عام 2030، مما يشكل فرصة إيجاد عمل لائق للنساء في هذين المجالين وفي قطاع خدمات رعاية الأطفال وكبار السن.
كما أكد التقرير على أن إستثمار 2% من الناتج المحلي الإجمالي في إقتصاد الرعاية في 7 دول فقط، سيعمل على توفير 21 مليون وظيفة تساعد على مواجهة التحدي المتعلق برعاية كبار السن وتحدي الركود الاقتصادي. كما أن الإستثمار في إقتصاد الرعاية سيعمل على ردم الفجوة في الأجور بين الجنسين، حيث يمكن أن تشغل النساء هذه الوظائف بنسبة تصل الى 70%.
يجب إزالة المعيقات التي تحول دون تمتع النساء في الأردن بالخدمات الصحية الجيدة
وتشير "تضامن" الى أن تمكين النساء وقدرتهن على تحديد الفرص والخيارات المتاحة أمامهن داخل الأسرة ستنعكس إيجاباً على تعزيز المساواة بين الجنسين وعدم التمييز، وستحد من العنف الممارس ضدهن بأشكاله وأنواعه وأساليبه، وسيجعل أصواتهن مسموعة ومدعومة بالثقة بالنفس وبتحمل المسؤولية وبأن لهن أدوار هامة داخل أسرهن، كما وسيعزز من آفاق التنمية المحلية للوصول الى تنمية مستدامة ومجتمعات خالية من العنف والتمييز.
وفي هذا الإطار تؤكد منظمة الصحة العالمية بأن إنتشار الأمراض يبلغ أعلى مستوياته في الدول النامية وذات الدخل المنخفض، وإزدياد إحتمالات تعرض النساء والفتيات للأمراض بسبب الإختلافات البيولوجية وبسبب عوامل إجتماعية وثقافية متعددة، فالحمل والولادة والأمومة والإعباء والضغوط النفسية الناتجة عن العمل داخل المنزل وخارجه، وعدم القدرة على الوصول الى الخدمات الصحية، والفقر كون (70%) من الفقراء هم من النساء، والتمييز والحرمان والعنف بأنواعه وأشكاله وأساليبه، جميعها أمثلة صارخة على عدم كفاية إلتزام النساء والفتيات بإجراءات الوقاية ليتفادين الإصابة بالأمراض.
من بين العوامل الإجتماعية والثقافية التي تحول دون تمتع النساء والفتيات بالخدمات الصحية الجيدة عدم تساوي علاقات القوة بين الرجل والمرأة، والقواعد الاجتماعية التي تحدّ من فرص التعليم والإستفادة من عمل مدفوع الأجر، والتركيز بشكل حصري على الأدوار الإنجابية التي تؤديها النساء، والتعرّض المحتمل أو الفعلي للعنف الجسدي أو الجنسي أو الانفعالي.
وتؤكد حقائق صادرة عن نفس المنظمة على الآثار الصحية المدمرة التي تتعرض لها النساء والفتيات، كالتدخين بإعتباره سبباً من أسباب إرتفاع ضغط الدم حيث تشير التقديرات الى أن معدلات التدخين بين الرجال تتجاوز معدلات التدخين بين النساء بنحو (10) أضعاف، ومع ذلك فإن حملات التسويق الضخمة التي إستهدفت النساء والفتيات في السنوات الأخيرة أدّت إلى إرتفاع سريع في نسبة التدخين بين نساء وفتيات الدول النامية ومن بينها الدول العربية ، وأن نسبة نجاح النساء والفتيات في الإقلاع عن التدخين أقلّ من نسبة نجاح الرجال في ذلك، وأنّ النساء أكثر عرضة من الرجال للعودة إلى التعاطي ، كما أن المعالجة الاستعاضية قد تكون أقلّ فعالية لدى النساء.
ومن حيث العنف الذي يؤثر في الصحة بشكل كبير، فتعاني نحو (15%) إلى (71%) من النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم من عنف جسدي أو جنسي من قبل الرجال الذين يعاشرونهن في مرحلة ما من حياتهن. وتُسجّل حالات إساءة معاملة النساء والفتيات في جميع الأوساط الإجتماعية والإقتصادية، ممّا يخلّف آثاراً وخيمة على صحتهن. وتبيّن بعض الدراسات أنّ خُمس النساء يبلّغن عن تعرّضهن لعنف جنسي قبل بلوغهن سنّ الخامسة عشرة.
وفيما يتعلق بالأعمال المنزلية فتتولى النساء في معظم البلدان مهمة الطبخ، وعندما يطبخن أمام نيران مكشوفة أو مواقد تقليدية ، فإنّهن يستنشقن يومياً مئات الملوّثات ويتسبّب ذلك الدخان المنبعث داخل المباني في وفاة نصف مليون إمرأة من أصل مجموع النساء اللائي يتوفين سنوياً في جميع أنحاء العالم بسبب مرض الرئة الانسدادي المزمن والبالغ عددهن (1.3) مليون إمرأة. وعلى سبيل المقارنة، لا تبلغ نسبة الرجال الذين يقضون نحبهم سنوياً بسبب ذلك المرض الناجم عن الدخان المنبعث داخل المباني إلاّ نحو (12%). وقد يتسبّب تعرّض الجنين لتلك الملوّثات الضارة أثناء فترة الحمل في إنخفاض وزنه عند الميلاد بل وحتى في وفاته.
وتواجه النساء في جميع أنحاء العالم ومن جميع الفئات العمرية، خطر التعرّض للعمى وضعف البصر بنسبة تفوق تعرّض الرجال لتلك المخاطر. وعلى الرغم من ذلك فإنّهن لا يستفدن من خدمات الرعاية الصحية على قدم المساواة لعلاج أمراض العين التي تصيبهن وذلك بسبب عوامل تعود في كثير من الأحيان إلى عدم قدرتهن على التردّد بمفردهن على المرافق الصحية، والإختلافات الثقافية القائمة بين المجتمعات فيما يخص أهمية خدمات الجراحة والعلاج الخاصة بالنساء والفتيات.
14% فقط من النساء في الأردن اللاتي سبق لهن الزواج عاملات و 85.5% منهن لم يعملن مطلقاً
وأظهر مسح السكان والصحة الأسرية 2017-2018 والصادر عن دائرة الإحصاءات العامة، بأن 85.5% من النساء في الأردن واللاتي سبق لهن الزواج لم يعملن مطلقاً، مقابل 13.8% يعملن و 0.7% يبحثن عن عمل. وقد كان للعمر والحالة الزواجية وعدد الأطفال والوضع المادي ومكان السكن والمستوى التعليمي والجنسية آثار مباشرة على النساء من حيث مشاركتهن الاقتصادية.
وتشير "تضامن" الى أن 99% من النساء اللاتي سبق لهن الزواج وأعمارهن ما بين 15-19 عاماً لم يعملن إطلاقاً مقابل 1% منهن يعملن حالياً، وكانت أعلى نسبة للنساء العاملات حالياً في الفئة العمرية 30-34 عاماً (19.4%) حيث تبدأ بعدها بالإنخفاض لتصل الى 10% في الفئة العمرية 45-49 عاماً.
وأظهرت النتائج بأن 12.8% من النساء المتزوجات حالياً يعملن مقابل 26.5% من النساء "المطلقات" و "المنفصلات" و "الأرامل"، ومن حيث تأثير وجود الأطفال على عمل النساء، فقد تبين بأنه كلما زاد عدد الأطفال كلما إنخفضت مشاركة النساء الاقتصادية، فحوالي 17.8% من النساء اللاتي ليس لديهن أطفال يعملن وتنخفض النسبة الى 7.2% لدى النساء اللاتي لديهن 5 أطفال فأكثر.
إلتحاق الأطفال في برامج التعليم للطفولة المبكرة يساهم في زيادة المشاركة الإقتصادية للنساء المتزوجات
وأكد المسح على أن 13% فقط من الأطفال الصغار ذكوراً وإناثاً والذين تتراوح أعمارهم ما بين 3-4 أعوام في الأردن ملتحقون في البرامج التعليمية للطفولة المبكرة، والتي من شأنها المساهمة بشكل كبير في زيادة المشاركة الاقتصادية للنساء المتزوجات، وفي تحسين الإستعداد للمدرسة، وشكل ذلك إنخفاضاً حاداً بمقدار 9% مقارنة مع النسبة التي خرج بها مسح السكان والصجة الأسرية لعام 2012 والبالغة 22%.
وتضيف "تضامن" بأن للمستوى التعليمي للأمهات أثر مباشر على إلتحاق الأطفال ببرامج تعليمية منتظمة، حيث أظهرت النتائج بأن أطفال 23% من الأمهات اللاتي تعليمهن أعلى من الثانوي ملتحقون بهذه البرامج، مقابل 4%-7% من أطفال الأمهات اللاتي تعليمهن أقل. كما أن نسبة الأطفال الملتحقين ببرامج التعليم خلال مرحلة الطفولة المبكرة كانت الأعلى في محافظة العاصمة (18%) وأقلها في محافظة معان (3%).
إن تنمية الطفولة المبكرة تتضمن برامج تعليمية منظمة ومنتظمة من شأنها تهيئة الأطفال الصغار بشكل سليم إستعداداً لدخول المدرسة بمرحلتها الإبتدائية، ولا يدخل في نطاق ذلك مجالسة الأطفال أو العناية المنزلية بهم.