الفلسطينيون والمحنة المركبة

تم نشره السبت 01st شباط / فبراير 2020 12:11 صباحاً
الفلسطينيون والمحنة المركبة
د. صبري الربيحات

الفلسطينيون الذين امضوا اطول رحلة نضال عرفتها الانسانية وتابعوا القرارات والوعود الدولية التي ادانت الاحتلال لأرضهم وطالبت بالانسحاب منها يواجهون اليوم عقبة تاريخية جديدة وتلاعبا بحقوقهم المشروعة الثابتة من قبل ثلة يمينية متطرفة وجدت في الوضع العربي المتهاوي بيئة مناسبة لتحقيق مكاسب دعائية يمكن استثمارها في صناعة امجاد شخصية تساعد كل من ترامب ونتنياهو في حملاتهم الانتخابية في كل من الولايات المتحدة واسرائيل.
الخطة التي تقدم بها الرئيس الاميركي وتناوب على شرح مضامينها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي تعبر عن اعلى درجات الغطرسة وتظهر ابشع اشكال الممارسات الاستعمارية التي اخرجت الولايات المتحدة عن دورها كراع للمفاوضات واضعفت مصداقيتها واخلاقيات العمل السياسي امام العالم .
في فلسطين وخارجها لا أحد يتوقع ان تقبل القيادات الفلسطينية سرا او علنا بالخطة الاميركية. ايا كانت الضغوط ومصادرها فمن غير المعقول ان يقبل اي زعيم او تنظيم مهما كان لديه من تفويض او شعبية بـ70 % من الاراضي المحتلة العام 1967 بعد ان رفض عرفات القبول بما يزيد على 98 % من اراضي الضفة الغربية في آخر جولة مفاوضات له مع يهود باراك العام 2000.
الخطة التفصيلية التي عمل على إعدادها فريق من المقربين للرئيس ترامب والداعمين للمشروع الصهيوني تحتوي على بنود وشروط تتجاوز احلام وتوقعات اكثر الصهاينة تشددا. فهي تضيف الى تهويد القدس الاعتراف بالمستوطنات وتعطي للاحتلال الإذن بضم الأغوار ونزع سلاح الفلسطينيين وتحميلهم نفقات الدفاع عنهم من قبل الجيش الاسرائيلي.
بالمقابل تطلب الصفقة من الفلسطينيين الامتثال للإملاءات التي بنيت على افتراضات غير صحيحة ونظرة غير عادلة حيث افترضت الخطة بأنهم يعيشون على الاعانات ويلجؤون للعنف ويقلقون راحة اصدقاء اميركا واليهود لذا فحاجاتهم لتحسن اوضاعهم الاقتصادية دون اي اعتبار للحقوق والهوية واستقلال الإرادة والسيادة على الارض.
الأكثر إيلاما فيما حدث ان يجد الفلسطينيون انفسهم وللمرة الاولى في مواجهة الاعداء، وتخلي بعض الاصدقاء عنهم. فإلى جانب العدو الإسرائيلي وحلفائه الاميركيين يبدو الفلسطينيون وكأن بينهم وبين بعض الانظمة والكيانات العربية حالة جفاء مستترة. لقد اعتاد العرب ومنذ ان نشب الصراع العربي الاسرائيلي على الوقوف الى جانب الفلسطينيين وفي كل مناسبة ومحفل يصطف العرب خلفهم بلا اشتراطات او تردد ولم ينس اي زعيم او سياسي ان يعيد التأكيد في كل مرة ذكر فيها القضية على الجملة المشهورة “بأنه يقف الى جانب الفلسطينيين لنيل كامل حقوقهم على ترابهم الوطني وتأسيس دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس”.
اليوم وللمرة الاولى تتفكك الجبهة العربية ويعلن بعض أركانها التقليديين عن شكرهم للإدارة الاميركية على تقديمها الخطة. في إعلان بعض الدول العربية عن ترحيبها بالجهود الاميركية اشارة واضحة الى تغير اساسي في مواقفها وتراجع قياداتها عن الالتزام بالمبادرة العربية التي شكلت اطارا موحدا للمواقف العربية منذ 2002. من الواضح ان الجبهة الداعمة للحقوق الفلسطينية خسرت التأييد غير المشروط لبعض الانظمة العربية.
بعيدا عن المواقف الغامضة للدول العربية التي أثنت على الجهد الأميركي وحضرت مراسيم الاعلان، هناك العشرات من الدول الاسلامية والعربية الرافضة للصفقة والغاضبة من الغطرسة الاميركية والتمرد الاسرائيلي لكنها تحتاج الى استراتيجية وبرنامج للوقوف في وجه هذه الخطة الغاشمة.
حتى اليوم لا احد يعرف ما يمكن ان تقوم به الجبهة الرافضة لكن الخيارات واسعة، فما تزال الشرعية الدولية الى جانب الحقوق الفلسطينية ومن الضروري ان يؤكد العرب على رفضهم القاطع للصفقة وتنبيه العالم الى خطورة ما قام به ترامب كسابقة تاريخية تهدد الأمن والسلم العالميين فمن غير المقبول ان تتجاوز دولة القرارات الدولية وتتصرف بمعزل عنها.
من المهم للسلطة الوطنية التنسيق مع الاردن والإبقاء على خطاب موحد ثم التواصل مع تركيا وايران واندونيسيا وقطر وباكستان لتشكيل كتلة تخاطب العالم وقواه الحية. على الصعيد الفلسطيني لا بد من ان تختفي الخلافات الفلسطينية الفلسطينية ويعمل الجميع على التعلق بالاهداف القومية للشعب الفلسطيني.
لا أعتقد أن روسيا وفرنسا والصين ودول اميركا اللاتينية واوروبا ستوافق على هذه التعديات.

 

الغد - الجمعة 31-1-2020



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات