الزراعة والتفكير بأسلوب غير تقليدي

تم نشره الإثنين 17 شباط / فبراير 2020 12:54 صباحاً
الزراعة والتفكير بأسلوب غير تقليدي
إبراهيم سيف

عندما يطرح موضوع الزراعة في الأردن يبرز إلى السطح عدد من المحددات التي تقف في طريق نمو القطاع، أولها محدودية الرقعة الزراعية، شح المياه، تدني كفاءة العاملين في القطاع وصعوبات تصدير المنتجات، إلى جانب الحيازات الزراعية الصغيرة وبالتالي صعوبة الاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير، يضاف إلى ذلك أن المؤسسات القائمة على القطاع الزراعي ضعيفة وتقليدية، والقطاع الخاص يغرد بعيدا عن المؤسسات الرسمية، كل تلك الأسباب تقود إلى الاستنتاج بأن القطاع الزراعي ذو مساهمة متواضعة في الناتج المحلي، والافق امامه محدود وليس بالإمكان أفضل مما كان.
إلى هنا تصبح مهمة القائمين على القطاع “تسليك” أموره كيفما كان، فتغيب الاستراتيجية التي تركز على النوعية، وتصبح السياسة والاستراتيجية الزراعية كالمنتجات موسمية، تعالج فائض زيت الزيتون تارة والبندورة والخيار تارة أخرى وتمنع دخول منتج او تبيحه حسب الظروف، ويظل السوق المركزي وإدارته لغزا عصيا على الحل.
لكن العالم يتغير زراعيا، ولا يمكن انكار المزايا التي يتمتع بها الأردن في هذا القطاع وقدرته على سد بعض الاحتياجات المتنامية في الأسواق الدولية في فترات معينة، وهذا بالضرورة يتطلب منظومة متكاملة تبدأ من التركيز على نوعية المنتجات التي يجب التركيز عليها إلى منظومات الدعم الأخرى، فالسلع التقليدية التي ينتجها الأردن ذات الاستخدام الكثيف للمياه يجب التخلي عنها، يتبع ذلك اتباع أنماط وتكنولوجيات جديدة باتت متاحة في السوق العالمي، وهذا يقتضي بالضرورة المزج بين المعرفة الفنية والتكنولوجية وبين المزارع المعتاد على نمط زراعي معين لم يعد صالحا، ويتطلب لضمان استمراريته تدخلا دائما لحمايته، وهذا النمط السائد لا يقارن بما تقوم به دول أخرى في مجال الزراعة الحديثة التي باتت تكثف استخدام التكنولوجيات وتستخدم الحد الأدنى من المياه، فالزراعة الحديثة خلافا لما نعرفه عن النمط التقليدي لم تعد مكثفة الاستخدام للأيدي العاملة، بل باتت العمالة ضرورية في المراحل اللاحقة للتغليف والتسويق والتصدير وليس في العملية الانتاجية وهو السائد حاليا في الأردن.
إن المبررات والمسوغات التي بدأنا فيها بحجة انها تحد من نمو المنتجات الزراعية تنتمي إلى عهد قديم تقليدي لم تكن فيه التكنولوجيا والأسواق وانماط الاستهلاك بلغت مداها، ومراجعة سريعة للمستجدات عالميا تؤشر بوضوح إلى ضرورة توحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص للاستفادة من الطلب المتنامي عالميا على سلع معينة وغالية الثمن والتي يمكن ان تعزز من الصادرات الأردنية. فعلى سبيل المثال فإن الدولة الأكثر تصديرا للسلع الزراعية في أوروبا هي هولندا والتي تقل مساحتها الكلية عن مساحة الأردن، وهي ذات كثافة سكانية عالية، ومع ذلك فإن صادرات هولندا الزراعية في العام 2018 بلغت حوالي 102 مليار دولار، ومساحتها الاجمالية 48 الف كيلو متر مربع يخصص منها فقط 25 في المائة للزراعة.
كل ذلك يعني ان هناك إمكانيات هائلة للاستفادة من التقنيات الجديدة وتجاوز المحددات التي ما تزال الكتب المدرسية البالية تستعرضها عند وصف القطاع الزراعي، وباختصار، إن قطاع الزراعة يستحق نظرة مختلفة واهتماما أكبر والاستفادة من العقول المتاحة ورأس المال الجاهز للاستثمار، فالقصة ليست حماية المزارع ليبقى على ما هو عليه، بل النهوض به وتعزيز انتاجيته المتدنية جدا وهو ما تسعى السياسات الحالية الحفاظ عليه، وهذا هدف لا يخدم أحدا بل يديم الوضع السيئ.

الغد 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات