هل ستؤثر جائحة كورونا على تماسك الاتحاد الأوروبي؟

تم نشره الخميس 02nd نيسان / أبريل 2020 12:56 مساءً
هل ستؤثر جائحة كورونا على تماسك الاتحاد الأوروبي؟
إيطاليون أحرقوا علم الاتحاد الأوروبي قبل أيام احتجاجا على ضعف المساعدات

المدينة نيوز:- منذ تفشي جائحة كورونا في أوروبا بدأت تعلو أصوات منتقدة للاتحاد، ومتهمة اياه بالتقصير في دعم بعض الدول كايطاليا وصربيا وغيرها.

وجاء عدد من هذه الأصوات المنتقدة على لسان مسؤولين سياسيين، حيث حذر رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي الاتحاد الأوروبي من أنه "قد يفقد سبب وجوده" في حال ارتكابه "خيارات مأساوية" في مكافحة فيروس كورونا، وتنبأ بحالة كساد غير متوقعة قد تغرق أوروبا.

وكشف كونتي عن أنه خلال اجتماع المجلس الأوروبي الخميس حصلت مواجهات "شديدة وصريحة" مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لأن بلاده تعيش أزمة أسفرت عن عدد كبير من الضحايا، وتسببت في ركود اقتصادي شديد ، وفق "عربي21" .

بدوره قال الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، الاتحاد الأوروبي لم يقدم المساعدة فيما يتعلق باحتواء فيروس كورونا ومنع انتشاره، ووصف التعاون الأوروبي بأنه "حبر على ورق".

وتزامنت هذه التصريحات مع حدوث قرصنة لبعض شحنات الأقنعة الواقية، حيث صادرت السلطات التشيكية شحنة أقنعة كانت في طريقها إلى إيطاليا قادمة من الصين، لمساعدتها في تجاوز أزمة فيروس كورونا التي استفحل انتشارها في البلاد.

إعادة النظر بالمنظومة الصحية

وأثارت هذه الأحداث تساؤلات عن مدى تأثير جائحة كورونا على تماسك ووحدة الاتحاد الأوروبي، وهل ستساهم في تفكيكه؟.

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الأردنية حسن البراري، بأن جائحة كورونا طرحت سؤالا صعبا على كل دول العالم وليس فقط بلدان الاتحاد الأوروبي حول مسألة المساعدات والوحدة.

وأضاف البراري : "بتقديري عدم تقديم المساعدة جاء بسبب تفشي الوباء في دول الاتحاد الكبرى أيضا، بمعنى أن السبب خلوها من الفيروس والبخل في مساعدة إيطاليا، بل إنها بالكاد تكفي نفسها".
وأشار إلى أن جائحة كورونا فاجأت النظام الصحي العالمي كاملا، وأظهرت عيوبه وافتقاره للقدرات اللازمة لمواجهة الفيروس.

وتابع البراري: "لكن من المبكر القول بأن جائحة كورونا ستعصف بالاتحاد الأوروبي، واعتقد أنه بعد انحسار سيعيد النظر في ملف التعاون الصحي بين بلدانه".

وشبه الحديث عن أن جائحة كورونا ستقضي على وحدة الاتحاد الأوروبي بـ"الرومانسيات والحديث غيرالواقعي"، لأن هذه الدول "بينها مصالح مشتركة، وبينها اعتمادية متبادلة لا تتوقف على ملف أو ملفين"، وفق قوله.

وأضاف: "اعتقد بأن جائحة كورونا لن تعصف بوحدة الاتحاد الأوروبي، بقدر ما ستؤدي به لإعادة النظر بالمنظومة الصحية وطريقة التعامل مع أي وباء قد يحدث في قادم الايام".

النزعات الفردية

وحول احتمالية تنامي النزعة الفردية بين دول الاتحاد الأوروبي، قال البراري: "لن نرى نزعة فردية، بل على العكس برأيي هذه الدول ستصل لنتيجة بأن هناك حاجة لجهد دولي لمقاومة أي وباء قد يتفشى في العالم، خاصة أن الأمراض التي تنتقل بالعدوى ستهدد جميع الدول، بالتالي هناك حاجة لإيجاد آلية لتبادل المعلومات، لأنه من المعروف بأنه تم اتهام الصين بالتكتم وهذا صحيح فهي تكتمت في البداية".

وأوضح بالتالي في تقديري هنالك قراءات متسرعة للأحداث، فنعم العولمة دخلت غرفة الانعاش حيث اغلقت الدول حدودها وزادت من الرقابة لكن بتقديري هو اجراء مؤقت إلى أن يخرج العالم من هذه الجائحة.

ولفت إلى أن النزعة الفردية السياسية موجودة حتى قبل جائحة كورونا، فمثلا بريطانيا خرجت من الاتحاد الأوروبي وأمريكا خرجت من كثير من الاتفاقيات الدولية، بالتالي هي موجودة حاليا.

وأردف: "لكن هل سيسرع كورونا هذه النزعة الفردية؟ أرى أنه من المبكر الاجابة على هذا السؤال، لكن أيضا ربما زاد هذا الوباء فهم العالم بأن التصدي له ليست مسؤولية دولة لوحدها بل مسؤولية المجتمع الدولي، وهذا يحتم على صناع القرار بأن يكون هناك مزيد من التنسيق وأن هناك حاجة لأن يفكر العالم بطريقة مختلفة، بمعنى سيكون هناك حاجة لتبادل المعلومات الاستخبارية كما يحدث في الحرب على الارهاب".

إرباك كبير

بدوره أشار الخبير في الشؤون الدولية، حسام شاكر، إلى أن جائحة كورونا كانت تجربة غير مسبوقة، وتسببت في ارباك كبير على مستوى الدول والأقاليم الأوروبية.

وأوضح شاكر، بأن منطق التعامل مع الجائحة في مرحلتها الأولى اعتمد على العزل وفصل المناطق عن بعضها، وهذا عطل جانبا مهما من الوحدة الأوروبية القائم على التواصل والانفتاح وإزالة الحدود، وهذا الأمر له آثر نفسي كبير.

وأضاف: "الدول الأوروبية تعاملت بأساليب مختلفة مع الجائحة لعدة اعتبارات، مثل مستوى تفشي الوباء أو الخشية على الصحة أكثر من الاقتصاد أو العكس أو لمقاربات متعجلة في التعامل مع هذه الجائحة غير المسبوقة، وهذا أظهر أن دول الاتحاد غير متساوية في منطق تعاملها مع الوباء، بمعنى كل دولة تعاملت معه بشكل منفرد واضطرت للعمل دون وجود مساندة كافية من الدول الأخرى".

وأردف: "لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن كل الدول كانت معرضة للجائحة، بالتالي يصعب القول أنه كان ممكن تقديم مساعدة خاصة لدولة معينة لأن الكل كان يشعر أنه تحت ضغط هذا الوباء والذي لم تكن الدول مهيأة له بشكل كافي".

وتسائل هل هذا سيضعف الوحدة الأوربية؟ في تقديري سوف يكون له آثر عميق جدا على مشاعر الناس وتفكيرهم في بعض المناطق في المرحلة الاولى، خاصة حول جدوى الوحدة لأن بعضهم استشعر بأن الاتحاد الأوروبي لم يقف بجانبهم.

وأكمل شاكر: "لكن في تقديري بالمرحلة اللاحقة ستتضخم هذه المشاعر وسوف تستفيد منها القوى المعارضة للوحدة الأوروبية مثل تيارات اقصى اليمين والقومية، وستزيد الشعور بأن علينا أن نتدبر أمرنا بمعزل عن بقية الدول الأوروبية، وبالفعل بدأت تنطلق بعض الاصوات والحملات الناقمة على الاتحاد وتحميله المسؤولية وكأنه خذل دولة أو أخرى وهذا واضح بشكل جلي في ايطاليا".

وأضاف:"لكن في الوقت ذاته ستكتشف الحكومات المعنية والاقتصاديون أن الاتحاد مطلوب في المرحلة اللاحقة أي بعد احتواء الفيروس لإنقاذ اقتصاديات منهارة، وسيكون ذلك تحديدا في البلدان التي تتوقع دعما اوروبيا، لكن في المقابل سيكون هناك ثمة مشكلة في البلدان التي واجهت صعوبات".

وعبر عن تصوره بأنه "في الأمد القريب لن تؤثر جائحة كورونا على وحدة الاتحاد الأوروبي، لكن إن أخفق اعضاءه في التوافق على خطة إنقاذ اقتصادي أو احتواء لمضاعفات الانهيارات الاقتصادية بعد انقضاء موسم كورونا، سيؤدي ذلك إلى ارتدادات شاقة جدا على تماسك الاتحاد، لانتفاء ما قد تبدو للدول جدوى اقتصادية منه".

وخلص بالقول: "أتوقّع أن تتصاعد مظاهر التمرد على الاتحاد من جانب بعض الدول الأعضاء، وأن يوضع الاتحاد في بؤرة النقد اللاذع من سياسيين شعبويين، لكن مع البقاء داخله الاتحاد، يوجد احتمال قائم لمراجعة أنظمة الوحدة تحت عنوان إصلاح الاتحاد الأوروبي مثلا وهذا مطلب تتبناه بعض القيادات في أوروبا منذ مدة أساسا".

الانفتاح على روسيا والصين

وفي ذروة انتشار جائحة كورونا في أوروبا قدمت الصين وروسيا مساعدات لعدد من الدول منها ايطاليا وصربيا، بالمقابل أمريكا لم تقدم لها الكثير، فهل سيؤدي ذلك لتقارب أوروبي روسي صيني أكثر، مع تباعد أوروبي أمريكي؟.

ورأى المحلل السياسي البراري بأنه لن يكون هناك تقارب بين بعض الدول الاوروبية وبين الصين وروسيا بالمعنى الجيوسياسي، مضيفا: "سيكون هناك انفتاح في العلاقات، على الرغم من أن البعض يريد من هذه الجائحة قلب التحالفات الدولية، لكن في الواقع هذه التحالفات مرتبطة بتاريخ وتهديدات استراتيجية جيوسياسية ولا علاقة للوباء بها".

وأوضح بأن هذه الدول تعلم بأنه لا غنى لها عن توحدها أو عن الولايات المتحدة، حيث لا يمكن لروسيا مساعدة دول الاتحاد الاوروبي بالمعنى الاستراتيجي، فهي دولة ضعيف، فحجم اقتصادها يساوي اقتصاد اسبانيا، ولا الصين يمكن أن تحل محل أمريكا خاصة أن هناك صراع بين الشرق والغرب.

وأضاف: "هناك بعد أخر يمنع هذا التقارب وهو أن هذه الدول ضاربة عبر التاريخ وعاقلة وهي تتعامل مع هذه الازمة بانفتاح على الجميع بما يساعدها على الخروج منها، ولكن في الحسابات الاستراتيجية والجيوسياسية العلاقة الأوروبية الداخلية أو مع واشنطن لن تتفتت، فكلفة انفكاك هذه الدول وانفتاحها على الصين وروسيا بشكل كامل باهظة جدا".



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات