نحو مجتمع العدالة والإنجاز

تم نشره الإثنين 11 أيّار / مايو 2020 11:56 مساءً
نحو مجتمع العدالة والإنجاز
د. صبري ربيحات

التجربة الإنسانية تعلمنا عاما بعد عام أن لا شيء أقدر على تحصين المجتمعات والحفاظ على استقرارها وديمومتها من حسن التنظيم وتوفير العدالة وتحقيق الإنجازات واستثمار الطاقات والموارد بكفاءة وفعالية ورشاد. في الأردن اليوم تبدو الحاجة أقوى مما كانت عليه إلى إعادة البناء والتنظيم والسير بخطى ثابتة وسريعة نحو مجتمع العدالة والإنجاز حيث يشعر الناس بالراحة والرغد والأمن ويفخر الجميع بالدور والمكانة التي ينعم بها مجتمعهم والسمعة التي ترتبط بهويتهم.
خلال المائة عام التي مضت من عمر الدولة الأردنية لم تكن الظروف مهيأة لإحداث مراجعة وتغيير للممارسات وأساليب التفكير والتنظيم والإدارة والعمل والإنتاج كما هي مهيأة اليوم. فقد استعاد الشعب ثقته بالحكومات ومؤسسات الدولة وأصبح مدركا لقدرتها على العمل كما انتعشت الآمال بالتغيير وتنامت المشاعر الوطنية وبدى الناس أكثر تعلقا بموطنهم واستعدادا للمشاركة في تنفيذ الخطط وخدمة البرامج الضرورية للنهوض والبناء.
الحظر والحجر وانشغال العالم بأزمة الكورونا منح الدول والمجتمعات فرصا ذهبية لتنفيذ الأفكار والخطط والتطلعات التي يحملها القادة والمنظرون للنهوض بالبلاد وأوضاعها الاقتصادية والسياسية والإدارية التي طالما تعطل تنفيذها لأسباب تنظيمية أو غياب الثقة الشعبية والتأييد الذي تحتاج له السلطة.
في حالات كثيرة تأخر تنفيذ العديد من البرامج والمشروعات الطموحة بسبب معوقات وعراقيل وضعها الأعداء أو قوى مقاومة التغيير والشد العكسي. اليوم تنشغل الكثير من القوى المعادية بشؤونها الداخلية وتختل تدريجيا موازين القوى ويتطلع الجميع إلى فرص جديدة للخلاص والانطلاق إلى آفاق جديدة تتماشى مع التطلعات والآمال والنظرة التي يحملها الناس لأنفسهم ومستقبلهم.
الإصلاح السياسي الذي اعتبره الأردن هدفا لأكثر من عقدين يحتاج إلى قفزة نوعية تمكن القوى والأحزاب الفاعلة من المنافسة على نيل ثقة المواطنين على أسس برامجية تضع حدا للانتخابات الخالية من أي نكهة سياسية أو فكرية وتعبر عن الاستعداد الجدي للعمل. العوائق المتخيلة والفعلية يمكن إزالتها بتقديم تشريع انتخابي يشجع القوى الاجتماعية على تنظيم نفسها وطرح برامجها وتحمل مسؤولياتها.
في الجانب الاقتصادي لا بد من تجاوز التشخيص والتفكير إلى اتخاذ خطوات أساسية باتجاه تطوير وتنمية الموارد الطبيعية واستغلالها فمن غير المجدي أن يبقى الأردن تحت رحمة الكيان الإسرائيلي في موضوع المياه والطاقة حيث يحتاج الأردن إلى خطة شاملة لتوفير احتياجاته المائية واستخدام الطاقة الشمسية والرياح بشكل أوسع للتحلية والنقل.
في جوانب التعدين والأسمدة لا يلمس المزارع الأردني آثارا مهمة لوجود هذه الأسمدة ولا تأثيرها على الزراعة في الأردن. اليوم أصبح من الضروري التوجه إلى إنتاج أنواع أسمدة لإغناء التربة وتطوير الزراعات الأردنية في ميادين الحبوب والبقوليات والسلع الإستراتيجية التي كان الأردن ينتج حاجاته منها قبل أن تتدهور كفاءة التربة وتنحصر أراضي الزراعات الحقلية.
الترهل والتسيب الإداري وسوء استخدام الموارد والمحسوبية وغياب مؤشرات الأداء عوامل يحتاج الأردن إلى التصدي لها بجرأة وموضوعية بدون تسويف او تبرير. فلا حاجة الى هذه الاعداد من المؤسسات والهيئات والمجالس التي تتقاسم مهام مع الوزارات والدوائر التي كانت تقوم بها.
اليوم ووسط انشغال القوى العالمية والمواطنين بالأزمة وتداعياتها تبدو الظروف مهيأة لإحداث تغيير شامل وإطلاق طاقات المجتمع المكبلة وتوجيهها نحو أهداف وأولويات جديدة تخلص المجتمع من إرث الاستحقاقات والامتيازات والغنائم وتؤسس لمجتمع الإنجاز والعدالة.
الحديث الذي يظهر من وقت لآخر عن تهيئة البلاد واقتصادها الى ما بعد الكورونا يتطلب خطة نهوض شاملة يتم صياغتها والمباشرة بتنفيذها فورا. فالمجتمع جاهز اليوم إلى خطة إنقاذ وطني تتجاوز الإجراءات الجزئية والخواطر التي تظهر بين فينة وأخرى. التاريخ والظروف تمنح الأردن فرصة نادرة لإعادة الترتيب والتأسيس لمرحلة انطلاق جديدة تخلص البلاد من أعباء الماضي وتستثمر الاستعداد الوافر عند الجميع للصعود على عربات قطار التغيير.

 الغد 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات