الخلوة والثقة بالاقتصاد

تم نشره الأربعاء 08 تمّوز / يوليو 2020 12:29 صباحاً
الخلوة والثقة بالاقتصاد
د. محمد حسين المومني

اجتمعت الحكومة مطولا لمراجعة الاولويات التي سبق وان أعلنتها، ولإعادة النظر بالمشاريع المدرجة بالموازنة وبأوجه الانفاق، وللتذاكر بالتراجع الكبير بالإيرادات جراء ظروف الإغلاق التي يشهدها الأردن والعالم. الاجتماع يأتي ضمن ضرورات مستجدة وتغيرات طارئة غير مسبوقة فرضها وباء كورونا الذي غير بشكل جوهري كل خطط عمل الحكومة والوزارات فكان لا بد من إعادة توجيه الإنفاق لما هو ضروري وتأجيل كل ما يمكن تأجيله. لن تحتاج الحكومة تعديلا على قانون الموازنة فهي لن تزيد من الانفاق وإنما ستسعى لإجراء مناقلات مالية من البنود غير الضرورية او التي يمكن تأخيرها لتلك الملحة والتي تحتاج لإنفاق لا يمكن الا إنفاذه. المناقلات المالية شأن روتيني حكومي عادي لكن صعوبته في هذه المرحلة انه يأتي في ضوء تراجع حاد بالايرادات ما سيضطر الحكومة ان تؤجل الكثير من المشاريع والالتزامات حتى وان بدت ضرورية.
بالتزامن مع اعادة ترتيب الاولويات، تحاول وزارة المالية جاهدة تعزيز الايرادات والاقتراض من أجل دفع المستحقات الضرورية وجزء منها مستحقات القطاع الخاص وهذا بدوره سيضخ سيولة بالاقتصاد ما سيدعم عجلة النمو من خلال الانفاق او على الاقل يخفف من درجة انكماش الاقتصاد المتوقعة. من هنا يأتي طرح اليوروبوند الاخير المهم والضروري ليس فقط لجهة دفع المستحقات الملتزم بها، ولكن ايضا كشهادة على ثقة المجتمع الدولي المالي والاقتصادي بقدرة ونجاعة وصواب توجه الأردن الاصلاحي الاقتصادي لاسيما ان حجم الطلب على البوندز زاد بأضعاف عن المبلغ المستهدف. يأتي هذا في حين تعاني دول بالاقليم مثل لبنان من ضائقة اقتصادية عميقة ادت لوقف المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي تعتبر شهادته باقتصاديات الدول مفتاحا لكثير من الفرص التي لن تأتي دون هذه الشهادات. في الأردن نستمر بل ونعزز من تفاعلنا الاقتصادي الدولي لأنه مهم لفتح الفرص، ونستمر بقيادة دفة الاقتصاد بحكمة في ضوء اوضاع عالمية اقتصادية ومالية ضاغطة على الجميع. في ذلك كثير من الحكمة الاقتصادية ودلالة على وضوح ونجاعة الرؤية الاقتصادية الاردنية التي تسعى استراتيجيا لخفض النفقات وزيادة الايرادات من خلال مكافحة التهرب الضريبي وبالتالي السيطرة على العجز والمديونية. هذا توجه صائب استراتيجيا وان كان موجعا مرحليا، وسيستمر ضيقنا الاقتصادي الى ان نعبر من مرحلة التحول من حالة الدولة الريعية الى ان نصبح دولة متوازنة ماليا ومعتمدة على ذاتها؛ نفقاتها بقدر ايراداتها وليس اكثر.
ما يزال امامنا الكثير من العمل الاقتصادي الضروري لكي ننهض بمؤشراتنا المالية والاقتصادية والذي يعد تراجعها من اهم واخطر التحديات التي تواجهنا كمجتمع. وتبرز هنا ضرورة وجود نظرة شمولية للاقتصاد تبني على النجاحات وتركز الجهود لقطاعات بعينها بدل من اسلوب العمل الحالي. من مشاكلنا الاقتصادية اننا نريد النهوض بكل القطاعات ونحن لا نقوى على ذلك فينتهي بنا الامر دون مساعدة اي قطاع. نحتاج لقرار اقتصادي استراتيجي يحدد قطاعات ذات اولوية تحظى برعاية ودعم حتى تكون داعمة وقائدة للنمو الاقتصادي، فهل نبدأ بتحديد ميزاتنا النسبية ونقويها ونبني عليها ام نستمر بالأسلوب التقليدي ذاته؟

الغد 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات