البخيت : القضية الفلسطينية هي قضية امن وطني اردني
المدينة ينوز- - قال رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت ان القضيّة الفلسطينيّة، بالنسبة لنا في الأردن، ليست ولا يجوز أن تكون، مجرّد قضيّة قوميّة عادلة وحسب وإنما هي، بالدرجة الأولى: قضيّة أمن وطني أردنيّ، يرتبط بحلها عددٌ من الملفات التي تشكل أولويّة وطنيّة وسياسيّة أردنيّة .. وفي مقدّمتها القدس واللاجئون.
كما اكد رئيس الوزراء ان الأردن سيواصل ، بقيادته الهاشميّة المبادرة، كلّ الجهود والمساعي لتأمين الدعم العربي والدوليّ للفلسطينيين في سبيل إقامة دولتهم المنشودة، وفق قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّات العمليّة السلميّة، وبما يضمن، وقبل أيّ اعتبار، إقرار الحلّ العادل لملف اللاجئين "ولن نسمح لأيّ كان بأن يحتكر تمثيل هذا الملف؛ فالدولة الأردنية هي مَن يمثّل مواطنيها. واللاجئون الفلسطينيّون، في غالبيّتهم، جزءٌ من الدولة الأردنية".
جاء حديث رئيس الوزراء هذا في محاضرة بعنوان "مستقبل القضية الفلسطينية في اقليم متحول " القاها في نادي الملك حسين بعمان مساء اليوم امام رئيس واعضاء جمعية الشؤون الدولية والنادي الدبلوماسي .
وقال البخيت ان الدولة الأردنيّة القادرة والمؤهّلة للدفاع عن حقوق مواطنيها، وعدم السماح بأيّ تنازلات قد يقدّمها أيّ كان، على حساب الحقوق التاريخيّة للمواطنين الأردنيين من اللاجئين، لا تقبل إلا بإقامة الدولة الفلسطينيّة وضمان حقّ العودة.. وبغير ذلك؛ فإن أيّ طريق لا تقود إلى تحقيق هذه الغاية هي طريق ضلال وضياع.
واكد رئيس الوزراء ان علاقة الأردن مع الأطراف المختلفة بما فيها الفلسطينية ليست علاقة عاطفيّة بل هي علاقة سياسيّة قائمة على اعتبارات المصالح الأردنيّة العليا؛" وكلّ ما يخدم هذه المصالح هو حليف للأردن، وكلّ مَن يحاول التفريط بهذه الاعتبارات، هو في الخندق المعادي، بغض النظر عن نواياه ومشاعره " .
واشار البخيت الى انه وبالرغم ان التحوّلات الكبرى والمداهمة على الساحة العربيّة ومع بروز تحدّيات جديدة، أعادت ترتيب أولويّات أكثر من دولة عربيّة، وعلى حساب الملف المركزيّ وهو القضية الفلسطينية الا ان بوادر نجاح الفلسطينيين بعقد اتفاق مصالحة، يفتح الطريق أمام إعادة الوحدة للصف الفلسطيني ويبشّر بإرادة تجاوز حالة الانقسام التي ألحقت ضرراً بالغا بالقضية الفلسطينية.. وهو ما من شأنه أن يسقط أحد أبرز الذرائع الإسرائيلية المتعلقة بالشرعية الفلسطينية وتمثيلها للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة..
وبشان مسألة الاعتراف بدولة فلسطينية وطرحه على مجلس الأمن في أيلول القادم اكد البخيت ان الأردن يدعم وبقوة الجهود الدولية لإعلان الدولة الفلسطينية التي تلبّي آمال وتطلعات الشعب الفلسطينيّ، وتكون على أساس واضح ومحدّد من الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّات العمليّة السلميّة، وبالأساس؛ هي الدولة التي تؤكد حق العودة، وتبدأ من التمسّك المبدئيّ بالحلّ العادل لمسألة اللاجئين.
وفيما يلي نص المحاضرة بسم الله الرحمن الرحيم أصحاب الدولة والمعالي والسعادة، أيّها الجمع الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛ فأرجو أن أتقدّم، ابتداءً من جمعيّة الشؤون الدوليّة والنادي الدبلوماسي ، بوافر الشكر والتقدير، على إتاحتها المجال أمامي، للقاء هذه النخبة المباركة من السياسيين والمثقفين الأردنيين وقادة الرأي، ممّن كان لهم وما يزال الباع الطويل، والإسهامات النوعيّة في خدمة الوطن ومسيرته المظفرة.
وهي فرصة ثمينة، كذلك، لتبادل الرؤى والأفكار، وأيضاً الإفادة من الخبرات العميقة، ليكون الحوارُ أساسَ هذا اللقاء، وهدفَه الرئيس، وصولاً إلى تشكيل تصوّر عام حول أولويّات جهود وحراك الدبلوماسيّة الأردنيّة، خلال الفترتين؛ القائمة والقادمة، وفي ضوء تشخيص سليم لأبرز التحدّيات والفرص.
وبنظرة عامّة إلى الواقع العربيّ، وتحوّلاته المفصليّة، والمتسارعة، منذ مطلع هذا العامّ؛ يتضح أن المفهوم التقليديّ للأمن القومي العربيّ، لم يعد كما كان منذ أقلّ من عام. بل إن أولويات الأمن الوطني، قد لا تكون متشابهة، من دولة عربيّة إلى أخرى، تبعاً للخصوصيّات وطبيعة التحدّيات التي تحكم سلوك وحسابات كلّ دولة منها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر باستحقاقات داخليّة، تأخذ صفة الأولويّة والاستعجال.. أو تطوّرات مجاورة، تفتح أبواب الأمن والاستقرار والتدخلات الخارجيّة، على كافة الاحتمالات.
وقد لا يكون من المفيد، في هذا المقام، التوسّع في قراءة وتحليل خلفيّات الظرف العربيّ الراهن والمتحرّك، وسيناريوهاته المفتوحة على كافة الاحتمال، حتى لا نقع في التكرار، أو الغرق في البدهيّات. وتكفي الإشارة إلى أن التحدّيات الجديدة، فرضت أولويات مختلفة على كلّ دولة عربيّة تبعاً لخصوصيّتها. في حين أن مراكز الحراك والثقل السياسيّ الإقليمي العربيّ، كانت الأكثر تأثّراً بالتغييرات أو تعرّضاً لآثارها واستحقاقاتها خارجيّاً وداخليّاً، على حدّ سواء.. ويمكن قراءة المشهد الإقليمي، موجزاً، على النحو الآتي: - التطوّرات المصريّة؛ وإن كانت مصر هي الأقرب إلى التعافي، واستعادة الدور والحضور، من بين الدول التي عصفت بها التغييرات الداخليّة، إلا أن عامل الوقت هو المؤثّر الحقيقي، وستحتاج التحوّلات الكبرى التي تشهدها مصر إلى زمن كافٍ لتأخذ شكلها وإطارها الجديدين، في ضوء التحوّلات المحيطة، والتي تمرّ بها المنطقة كلها. وستنشغل القاهرة بلا شك، بترتيب بيتها الداخلي، وصياغة ملامح نظامها الجديد، وربما تعيد تموضعها سياسيّاً. في حين أن خطوة بحجم دعم المصالحة الفلسطينيّة الأخيرة، لا تكفي للاستدلال على دور مصريّ نوعي، وقد تعبّر عن حاجة داخليّة مصريّة بإعادة ترتيب الأوراق، وفقاً لحسابات التحوّل وإعادة التموضع.
- سوريا؛ وهي اللاعب البارز على أكثر من ساحة وملف على مستوى الإقليم، والشريك الرئيس في ملفات التسوية الشاملة والحلّ النهائيّ، تدخل منذ شهر مرحلة جديدة، تعيد لاشكّ، ترتيب أولويّات دمشق، وتفتح الاحتمالات على أكثر من افتراض. وبالمحصلة؛ فإن للتحوّلات السوريّة تأثيراً مباشراً على الملف اللبناني وعلى الملف الفلسطينيّ، وتحديداً فيما يخصّ العلاقات الفلسطينيّة- الفلسطينيّة، بين السلطة والفصائل، وغيرها؛ كما تفتح باب العلاقة مع الأطراف الإقليميّة، على مصراعيه، وبما يؤثر كذلك على ملفات أخرى تمتدّ حتى أمن الخليج العربيّ.
- على المستوى السعودي، ومع ملاحظة الدور الكبير الذي لعبته الرياض خلال العقد الفائت، في دعم منطق الاعتدال، وتحفيز التضامن العربيّ، واجتراح المبادرات؛ فإن السعوديّة تواجه اليوم تحدّيات مهمّة تتعلق بأمن الخليج العربيّ، تبعاً للتحوّلات الأخيرة، وهي تجترح مبادرات وتبذل جهوداً كبرى على صعيد ما شهدته البحرين، كما تقود المبادرات على صعيد ملف الأزمة اليمنيّة وتحوّلاتها، وارتباطاتها العضويّة بالوضع الخليجيّ، عموماً. وتجابه المملكة الشقيقة محاولات التدخّل الإقليميّ، ومساعي التصعيد، بكل حكمة وإصرار على حماية الاستقرار الخليجيّ، كأساس لحماية الاستقرار العربيّ.
- في الطرف الآخر، تسود حالة من الإرباك والغموض، مستقبل ووجود التنظيمات المسلحة والجماعات السياسيّة التي استأثرت بالمشهد والتأثير في أكثر من بلد عربيّ، بانتظار ما ستفضي إليه التحوّلات واحتمالاتها المفتوحة.
- ضمن هذا الواقع المتحرّك؛ من الضروريّ والمهمّ أن نحدّد موقعنا الدقيق من التفاعلات، وضمن قراءات نتمكن من خلالها من تحديد كلّ ما يتّصل بالمصالح الوطنيّة الأردنيّة العليا، وثوابت هذا الحِمى ورسالته. وهو ما يتيح لنا، بالتالي، أن نحافظ، على امتلاك زمام المبادرة كطرف رئيس، وكشريك في أهمّ وأخطر الملفات الإقليميّة، وأيضاً كمدافع وداعم للعمل العربيّ المشترك، والتضامن العربيّ، حتى في أحلك الظروف وأصعبها..(بترا)
