الأردن يطلق حوارا اقتصاديا لمعالجة تحديات الاقتصاد الوطني
المدينة نيوز - أطلق الأردن اليوم الخميس حوارا اقتصاديا لوضع خارطة طريق تعالج تحديات اقتصاده الوطني بما يعزز دوره بعملية التنمية الشاملة وتحسين مستوى معيشة المواطنين واقتناص الفرص المتاحة.
وبدات لجنة الحوار الاقتصادي التي شكلها رئيس الوزراء بداية الأسبوع الحالي ورشة عمل لوضع مخطط شمولي للإصلاح الاقتصادي للتعامل مع مختلف التحديات الراهنة سواء المتعلق منها بالعجز المزمن في موازنة الدولة وتغول المديونية وانفلات أسعار النفط ونقص المياه وتعدد المرجعيات وعدم استقرار التشريعات.
ويشارك في لجنة الحوار أعضاء لجنة التنمية الاقتصادية في الحكومة ويدير الحوار رئيس الفريق الاقتصادي وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاني الملقي، وتتألف اللجنة من38 شخصية يمثلون القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وتسعى اللجنة للبحث في الفرص المتاحة لتنمية الاقتصاد الوطني ولمواجهة التحديات في مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية على قاعدة الشراكة الوطنية بين القطاعين العام والخاص ووضع خطط قصيرة ومتوسطة المدى لهذه الغاية.
وحددت اللجنة التي ستناقش على مدى الأسبوع المقبل محاور عملها بست قطاعات مختلفة هي قطاع الإنتاج والتصدير (صناعة وتعدين وسياحة وتعليم ...وأخرى) وترأسه الدكتور جواد العناني والقطاع النقدي والمالي والمصرفي وترأسه النائب أيمن المجالي فيما ترأس مروان بشناق قطاع الطاقة والمياه والطرق.
وترأس قطاع الخدمات بما فيه التجارة والنقل والقطاع اللوجستي وخدمات مالية وتكنولوجية الدكتور شبيب عماري فيما ترأس الدكتور عمر الرزاز قطاع القوى البشرية والعاملة والإدارة الحكومية وقطاع الاقتصاد الاجتماعي وترأسه سامي قموه.
وقال وزير الصناعة والتجارة الدكتور هاني الملقي الذي أدار الحوار أن أسس اختيار أعضاء اللجنة وفق معايير محددة وهم أصحاب الكفاءات الاقتصادية العالية ومدارس اقتصادية متنوعة إضافة إلى تمثيل مختلف القطاعات الاقتصادية المحلية.
وأشار الملقي إلى الدور المقترح لعمل اللجنة والمتمثل على المدى القصير بوضع آليات ومقترحات تنظيمية لتحفيز الاقتصاد واتخاذ إجراءات سريعة لتنفيذها خلال العام الحالي، واقتراح التشريعات والاتفاقيات الاقتصادية الدولية الواجب مراجعتها ووضع السياسات الاقتصادية المناسبة على المدى المتوسط ولتظهر نتائجها بعد السنة الأولى.
أما على المدى الطويل فستعمل اللجنة على وضع المرجعيات والاستراتيجيات التي يجب أن نستند إليها للحد من تذبذب الاقتصاد والعمل على تحفيزه (ما هي التوجهات الإستراتيجية) وتظهر نتائجها بعد سنتين أو أكثر.
وعرض الملقي التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني والمتمثلة بالعجز المزمن في الميزان التجاري والذي وصل إلى67ر4 مليار دينار في2010 مقارنة مع45ر4 مليار دينار في2009 ، كما أن الفائض في ميزان تجارة الخدمات لم يغط العجز في الميزان التجاري إضافة إلى حركة التجارة وتحديات التصدير وانعكاسات التغييرات الإقليمية على أسواق مهمة للأردن (ليبيا واليمن وأخرى) وعدم استغلال الاتفاقيات التجارية بالشكل الأمثل.
وأشار الملقي إلى تحدي العجز المزمن في الموازنة العامة والتوقعات بازدياده خلال المرحلة المقبلة بالإضافة إلى المديونية المتراكمة والتي تجاوزت10 مليارات دينار العام الماضي بارتفاع بنسبة2ر14 بالمئة خلال عام2009 وارتفاع معدل التضخم إلى 1ر6 بالمئة في نهاية العام2010 .
وأشار كذلك إلى تحدي الطاقة والمتمثل في كلف الطاقة وتذبذبها وما صاحبها من ارتفاع غير مسبوق والاعتماد على مصدر واحد للغاز ومصفاة واحدة بإنتاجية متدنية تحملت كلفتها النشاطات الاقتصادية إضافة إلى انعدام القدرة التصديرية للطاقة الكهربائية رغم أن الأردن كان مصدر للطاقة الكهربائية عام1980.
ولفت الملقي إلى تحدي المياه والشح المستمر في المياه وطرق معالجته في ظل تزايد الطلب على المياه سنوياً واستمرار زيادة الطلب تاريخيا عن العرض إضافة إلى التباطؤ في المسعى لإيجاد مصادر بديلة. وبين تحدي السوق المالي وما صاحبه من هبوط وتذبذب حيث انخفض المؤشر بنسبة43 بالمئة من عام2008 حتي شهر أيار من العام الحالي جراء التوسع غير المدروس في النشاطات الاقتصادية ما أدى إلى تعثر الشركات وتراجع الأرباح إضافة إلى عدم اتخاذ إجراءات مناسبة للحد من آثار الأزمة المالية العالمية وأحجام البنوك عن التمويل لشراء الأسهم والخروج من السوق والإقبال على البيع خصوصاً المستثمر الأجنبي.
وعن التحديات أشار الملقي إلى تراجع الاستثمارات خصوصاً الأجنبية خلال السنوات الأربعة الماضية وبنسبة48 بالمئة منذ عام2006 وحتي العام الماضي وكان ليس بالمطلق فقط وإنما القيمة المضافة لهذه الاستثمارات إضافة إلى تدني الاستثمارات بالمحافظات. وأشار الملقي إلى عوامل أخري تواجه الاقتصاد الوطني منها الظروف السياسية بالمنطقة والأزمة الاقتصادية العالمية وتضخيم المشاكل الداخلية من قبل وسائل الأعلام المحلي والخارجي وتجميل الواقع من خلال التقارير الدولية والذي لا يعكس واقع الحال حيث اصطدام المستثمر بعقبات مغايرة لما يظهر بالتقارير.
وتحدث الملقي عن عوامل داخلية ما زالت تواجه الاقتصاد الوطني تتمثل بالبطء في البت بقضايا الفساد سلباً أو إيجابا وترك المجال لجلد الذات ما بعث برسائل خاطئة للخارج تفيد بأن الفساد أمر شامل علاوة على عدم استقرار التشريعات وتناقضها وعدم معالجة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية والتستر تحت حجة انها بعيدة عن المملكة وانتظار معالجتها عالمياً.
وأشار الملقي إلى تحدي البيئة التشريعية الناظمة للأعمال وعدم استقرار القوانين والتشريعات الاقتصادية مشيرا إلى إصدار471 تشريعا خلال السنوات الثلاث الأخيرة إضافة إلى التناقض والتضارب ببعض التشريعات لكثرة أعدادها وتغييرها المستمر وكثير من التشريعات تصاغ كقوانين مما يفقدها المرونة المطلوبة عند الحاجة للتغيير أو التعديل. وعن التحديات الداخلية أشار الملقي إلى تحدي المجتمع والتعليم والتدريب لافتا إلى ازدياد معدلات جيوب الفقر وتمركزها بالمحافظات وهناك25 بالمئة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر بالإضافة إلى ازدياد معدلات البطالة وصولاً إلى5ر12 بالمئة العام الماضي.
ومن التحديات الداخلية كذلك حسب الملقي تدني مستوى الدخل في ظل ارتفاع الأسعار والأمن الغذائي بظل التوقعات بأزمة غذائية عالمية محتملة، والتعليم والموائمة مع احتياجات القطاعات الاقتصادية، حيث أن85 بالمئة من خريجي المدارس يلتحقون بالجامعات ما يولد فائضا عاليا ومتزايدا من خريجي الجامعات.
وعرض الملقي الفرص التي يتمتع بها الأردن مقارنه مع دول الجوار، مشيرا إلى أن الاقتصاد الأردني يتمتع بسيولة فائضة في القطاع المصرفي تعزز من جاذبيته للاستثمار وتزيد من ميزته النسبية إضافة لفرص اقتصادية مع دول الخليج العربي وخاصة في مجال قطاع الخدمات.
وبين أن الأردن أثبت في وسط ما يجري من تطورات عربية وعالمية أنه دولة نظام مستقر، حيث يبادر الحكم فيه للإصلاح وأن الخلاف الموجود فيه هو أفقي وليس رأسي، بمعنى أنه خلاف على توزيع الأدوار والمكتسبات بين الناس وليس خلاف على القيادة ونظام الحكم. وقال لم يحظ هذا الاستقرار الذي يتمتع به الأردن بالاستغلال الإعلامي الأمثل وبشكل كاف لتشجيع وجذب الاستثمار من خلال بيان الميزة النسبية للاستقرار السياسي مقارنة مع ما يحصل في المنطقة.
ووفق الملقي يتمتع الأردن بفرص جيدة لإحلال العمالة الوافدة بعمالة محلية، متسائلا لا يعقل أن عدد المتعطلين عن العمل في المملكة يشكل تقريباً50 بالمئة من عدد العمالة الوافدة إضافة إلى عدم استغلال فرص السماح الموجودة في الاتفاقيات الاقتصادية والتي لم تستغل حتى الآن بالشكل الأمثل من قبل القطاع الخاص وكذلك غياب الآلية الحكومية الداعمه للصادرات مع وجودها لحماية الاستيراد.
من جهته عرض وزير المالية الدكتور محمد أبو حمور أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني ومنها، النمو الاقتصادي والفقر والبطالة وندرة الموارد الطبيعية، كالطاقة والمياه، وتنافسية الاقتصاد وجذب الاستثمارات وصغر حجم السوق ودور القطاعين العام والخاص.
وأشار أبو حمور إلى ابرز المؤشرات الاقتصادية المتوقعة خلال المدى المتوسط، مبينا أن معدل النمو الحقيقي سيتراوح خلال العام الحالي بين5ر3 و4 بالمئة وقد يصل إلى5ر4 بالمئة العام المقبل و5 بالمئة في 2013 .
أما بالنسبة لمعدل التضخم فقد يبلغ وفق أبو حمور خلال العام الحالي حوالي5ر5 بالمئة و5ر4 بالمئة العام المقبل و4 بالمئة في2013، فيما بين ان عجز الموازنة كنسبة من الناتج المحلي يبلغ العام الحالي سالب5ر5 بالمئة وسالب5ر4 بالمئة العام المقبل وسالب5ر3 بالمئة عام2013 .
وتوقعت المؤشرات التي عرضها أبو حمور زيادة معدل النمو في الصادرات السلعية من8 بالمئة العام الحالي إلى11 بالمئة خلال العاميين المقبلين وكذلك بالنسبة لمعدل النمو في المستوردات السلعية من7 بالمئة العام الحالي إلى5ر8 بالمئة في 2012 و2013 .
وأشار ابو حمور إلى أن ابرز تحديات السياسة المالية تتمثل في عجز الموازنة والمديونية العامة وكفاءة الأنفاق العام (فاتورة الدعم) التي تصل إلى045ر1 مليار دينار العام الحالي، علاوة على الرقابة على المال العام، موضحا أرقام تاشيرية عن الملامح الرئيسية لموازنة عام2012 حيث قدرت الإيرادات المحلية بحوالي2ر5 مليار دينار قد تصل إلى7ر5 مليار دينار في2013 . وحسب الارقام التاشيرية لموازنة عام2012 فمن المتوقع ان ترتفع النفقات الرأسمالية الى181ر1 مليار دينار مقابل024ر1 مليار دينار العام الحالي وقد تصل الى 341ر1 مليار دينار في2013 .
من جهته قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور جعفر حسان أن تحقيق النمو الاقتصادي في المملكة يتوقف على قدرة الأردن في مواجهة الظروف الإقليمية، مشيرا إلى محاور تعمل الوزارة على تنفيذها لمواجهة التحديات الاقتصادية. وأشار حسان إلى أن الوزارة بصدد أنشاء صندوق لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالمحافظات بالتعاون مع الجهات المانحة، ولتطوير المشاريع القائمة وتمويل مشروعات جديدة تكون ذات جدوى اقتصادية، وتوفر فرص عمل لأبناء المحافظات وتعود بالنفع على المجتمع المحلي والاقتصاد الوطني.
وأكد أن تمويل الصندوق لن يحمل الخزينة أي أعباء جديدة بل سيتم استخدام مصادر التمويل المتوفرة في البنوك المحلية، إضافة لضمانات للقروض ومنح من الجهات المانحة لتخفيض كلفة القروض والضمانات المطلوبة من المقترضين ومن خلال البنوك.
ولفت إلى وجود إستراتيجية شاملة للتشغيل ومصفوفة متكاملة لتنمية الأعمال وبيئة الاستثمار بالمشاركة مع القطاع الخاص لوضع إجراءات مناسبة لتحسين مكانة المملكة في تقارير التنافسية العالمية لعام2012 كونه يؤثر على قرار المستثمر الأجنبي.
وأكد حسان ضرورة الإسراع في تنفيذ المشروعات الكبرى، مشيرا إلى مباحثات تجري مع الولايات المتحدة والصين للحصول على ضمانات قروض ثنائية من دون ضمانات سيادية ووجود تفهم كبير من الدول المانحة لحاجة المملكة لهذه المشروعات، إضافة إلى زيادة المنح الخارجية ومبادلة الدين نظرا للظروف الحالية ودور الأردن في الإقليم. بدوره أكد محافظ البنك المركزي الشريف فارس شرف أن الاستقرار النقدي والمالي ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، مشيرا إلى دور البنك في تحقيق ذلك.
وأشار إلى أهمية معالجة المخاطر المترتبة على الاقتصاد الوطني بخاصة الأحداث التي السياسية التي تجري بالمنطقة وأثرها على ميزان المدفوعات الذي يتم تمويله من الاستثمارات الخارجية وحوالات المغتربين الأردنيين بالخارج.(بترا)
