الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي

تم نشره الخميس 20 آب / أغسطس 2020 12:50 صباحاً
الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي
د. محمد حسين المومني

ترحيب دولي كبير، وتأييد من الغالبية العربية الرسمية، للإعلان عن الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي الذي سيوقع لاحقا في واشنطن، هذا التأييد لم يكن شبيها بمواقف كثير من القوى الشعبية العربية والرسمية الايرانية والتركية التي نددت بالاتفاق، في اجواء تذكرنا بما جرى إبان الاتفاقيات المصرية والاردنية والفلسطينية مع اسرائيل، هذه القوى اعتبرت الاتفاق تطبيعا مجانيا ومنافيا لمصلحة القضية الفلسطينية، وهو موقف متوقع منها متسق مع العدمية غير المنتجة في التعاطي مع القضية الفلسطينية التي لم تجلب لنا إلا الخراب والخسارة.
الموقف الفلسطيني وهو الأهم في هذا الشأن شابه التوتر، وصل لحدود وصف بعض القيادات الفلسطينية الاتفاق انه طعنة في الظهر، والسبب ان هذا الاتفاق يعاكس الاستراتيجية السياسية الفلسطينية، التي تعتمد على عدم سير العرب قبل الفلسطينيين بخطوات للتفاهم مع الاسرائيليين ما يكسب الفلسطينيين قوة سياسية تفاوضية كبيرة وتجعلهم قادرين على انتزاع حقوقهم بما أن العرب يسيرون خلفهم وليس امامهم. هذا الموقف متسرع لأنه يفترض ان الامارات أو أي دولة عربية تفاهمت مع اسرائيل تكون قد تناست ضمنا أو تجاهلت الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها استعادة الارض واقامة الدولة، فهل هذا فعلا ما فعله الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي؟ الاتفاق لا يقول ذلك، ولا يمنع الامارات كما لم يمنع مصر او الاردن ان توقع اتفاقات سلام وتعاون مع اسرائيل وتبقى على موقفها الداعم والمطالب بإقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية المحتلة العام 1967. بل ان علاقات مصر والاردن مع اسرائيل وظفت دوما لكي تساعد الفلسطينيين على نيل حقوقهم، وهذا ايضا متوقع في حالة العلاقات الاماراتية الاسرائيلية ولا يوجد ما يوجب افتراض العكس. لنا ان نتنبأ مثلا بأثر عودة اسرائيل لضم الاراضي على العلاقات مع الامارات او الاردن او مصر.
الدول ليست كالشعوب لا تفكر بعواطفها بل بمصالحها، والمصلحة الاماراتية من الاتفاق واضحة ترتبط بالأبعاد السياسية الدولية والعلاقات مع اميركا، وبمنظومة توازن القوى الاقليمية والتهديد الايراني المستمر لأمن الخليج، وبانحسار الدور والفعالية الأميركية في المنطقة ما يتركها مكشوفة امام الاخطار الامنية المحدقة واسلوب ايران بتصدير عدم الاستقرار والعبث من خلال اذرعها الممتدة. تحقيق هذه المصالح لا يعني القفز عن مصلحة العرب ومنهم الامارات من قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية كحل عادل قابل للحياة يحقق الامن والاستقرار، فبدون هذا الحل ستبقى مشاكل الاقليم مستمرة والاحباط سائد والفلسطينيون غير الذاهبين الى اي مكان تحت الاحتلال.
الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي متسق مع اعادة التموضع العربي الاستراتيجي الذي بدأ منذ مؤتمر مدريد، حيث تحولت المواجهة مع اسرائيل لسياسية دبلوماسية من خلال اتفاقات سلام، وليس عسكرية وكفاحا مسلحا كما كان معلنا سابقا مع وقف التنفيذ. من هنا، فالموقف الأردني من الاتفاق يأتي متسقا مع قناعته الاستراتيجية بالسلام، وبضرورات العدالة للشعب الفلسطيني من خلال اقامة دولته، رغم ان صياغة هذا الموقف جاءت لتحاول تجنب سهام النقد الشعبي من اقصى اليمين واقصى اليسار في سعي لإرضاء الجميع.

الغد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات