التقاعس عن مواجهة نظام الملالي أمر لا يُغتفر

تم نشره الجمعة 04 أيلول / سبتمبر 2020 08:11 مساءً
التقاعس عن مواجهة نظام الملالي أمر لا يُغتفر
عبدالرحمن کورکی (مهابادي)

شنت الجماعات الإرهابية العراقية المنتمية لفيلق القدس الإرهابي التابع لقوات حرس نظام الملالي هجومًا في فجر يوم الأحد الموافق 1 سبتمبر 2013 على آخر مجموعة من سكان أشرف الأول في محافظة ديالى بالعراق، مما أسفر عن استشهاد 52 شخصًا من سكان أشرف واختطاف 7 أفراد آخرين.

وكان تركيز نظام الملالي الإرهابي الحاكم في إيران وحكومة نوري المالكي العميلة ينصب على أشرف الأول، على الرغم من الهجمات الصاروخية المستمرة على سكان أشرف الذين نُقلوا إلى معسكر ليبرتي (أشرف الثاني) في بغداد باستثناء مجموعة مكونة من 100 شخص بقيت في أشرف الأول، لأنه بناءً على تقديرات الملالي كانوا يعتقدون أن زعيم المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، كان من بين الـ 100 شخص الباقين في أشرف الأول. وتأكدت صحة تقديراتهم عندما لم يجدوا أي أثر للسيد مسعود رجوي أثناء انتقال ما يقرب من 3000 شخصًا من سكان أشرف الأول إلى أشرف الثاني.

فلطالما كان النيل من قيادة المقاومة الإيرانية، والسيد مسعود رجوي على وجه التحديد، هو الهدف الأساسي لنظام الملالي، ولهذا الغرض كلّف نظام الملالي عدة عناصر في المنطقة وبلدان أخرى باقتفاء أثر السيد مسعود رجوي.

ولذلك، اقتحم عدد من الإرهابيين الملثمين المدججين بالسلاح أشرف الأول في حراسة القوات العراقية، في فجر يوم الأحد الموافق 1 سبتمبر 2013 قبل صفاء الجو، وارتكبوا مذبحة بشعة في حق السكان العزل الذين كانوا قد ظلوا في أشرف الأول بموجب اتفاق رباعي الأطراف يضم سكان أشرف والأمم المتحدة وأمريكا والحكومة العراقية يرمي إلى تحديد ممتلكاتهم في أشرف الأول؛ وذلك بعد عملية استمرت عدة سنوات من إرسال عناصر وزارة استخبارات نظام الملالي لتحوم حول أشرف الأول وتهدد السكان بنصب مجزرة لهم وإبادتهم؛ من خلال 300 مكبرًا للصوت وفرتها لهم الحكومة العراقية، وكذلك بعد شن قوات حكومة المالكي عدة هجمات عسكرية على سكان أشرف الأول، مما أسفر عن أستشهاد وإصابة المئات.  

وبعد يومين من ارتكاب هذه الجريمة البشعة، أبلغ الحرسي المجرم، قاسم سليماني، مجلس الخبراء أن هذه العملية كانت أكبر من عملية مرصاد "الضياء الخالد". وفي الوقت نفسه، قال الحرسي حسين سلامي، القائد الحالي لقوات حرس نظام الملالي، في مقابلة مع التلفزة الحكومية : من المحتمل أن السيد مسعود رجوي قد قتل.

وتدل هذه التصريحات في حد ذاتها على أن أفضل القوات في نظام الملالي، وعلى وجه التحديد فيلق القدس التابع لقوات حرس نظام الملالي هم من ارتكبوا هذه الجريمة بالتواطؤ مع حكومة نوري المالكي العميلة.

بيد أنه لم يمض وقت طويل على استعراض القوة المزيف هذا حتى ادعى نظام الملالي في سيناريو غبي من خلال المسؤولين في حكومة المالكي العميلة وكذلك عناصر وزارة استخبارات الملالي خارج البلاد؛ أن سكان أشرف الأول هم من ارتكبوا هذه الجريمة في حق أنفسهم، حيث أن القضية ما هي إلا صراع داخلي بين السكان، والمتسبب الرئيسي فيه هو السيد مسعود رجوي، وهنا يقول المثل العربي (يقتل القتيل ويمشي في جنازته).

وبإلقاء نظرة عامة على هذه القضية الهزلية السخيفة المتعلقة بجريمة ضد الإنسانية، نجد أن نظام الملالي ظل لعدة سنوات يهدد سكان أشرف الأول بالإبادة. وبالتوازي مع الاغتيالات التدريجية لسكان أشرف، ارتكب نظام الملالي مذبحة بشعة في حق المجموعة الأخيرة من سكان أشرف الأول التي ظلت في معسكرها بموجب اتفاق رسمي تحت رعاية الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية. وفي البداية، اعترف نظام الملالي بشكل غير مباشر بأنه مرتكب هذه الجريمة، ثم عزاها إلى الصراع الداخلي بين سكان أشرف، ولكي يثبت هذا الادعاء، كلّف الحكومة العراقية وعملائه بهذه المهمة.

الاستنتاجات الصحيحة من هذا المشهد

أولًا: نستنتج من هذا المشهد أن نظام الملالي مُني بهزيمة منكرة من المقاومة الإيرانية بسبب هذه الجريمة المناهضة للبشرية، وأن جهازه الإرهابي الضخم، بما في ذلك جهاز الاستخبارات أو جهاز تنفيذ العمليات مهلهل وعقيم للغاية، إذ أنه لم يفشل في تحقيق هدفه الشيطاني فحسب، بل إنه ارتكب جريمة كبرى أخرى ضد البشرية.

ثانيًا: مدى خطورة دور قيادة هذه المقاومة في المضي قدمًا في مشروع الإطاحة بنظام الملالي ودور المقاومة الإيرانية باعتبارها البديل الشرعي والقوي والديمقراطي الوحيد، لدرجة أن نظام الملالي يشعر أمامها بالإذلال والعار ومستعد لدفع أي ثمن لإبادتها.

ثالثًا: إلى أي مدى تكون سياسات واستراتيجيات المنظمات الدولية والدول الغربية ضعيفة أمام نظام الملالي وفي الوقت نفسه  تكون متواضعة وهشة ومخزية فيما يتعلق بمدار الحقائق ومطالب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لدرجة أنهم لا يستطيعون ولا يريدون الدفاع عن اتفاقياتهم وقراراتهم. 

رابعًا: إن فتح ملف الجرائم التي ارتكبت في حق سكان أشرف، ولا سيما مذبحة 1 سبتمبر 2013، أمر هام وملح للغاية وضروري لاستتباب الاستقرار والأمن في المنطقة، نظرًا لأن سياسة التقاعس التي تبناها المجتمع الدولي تجاه جرائم نظام الملالي السابقة جعلت هذا النظام الفاشي أكثر جرأة بشكل غير مسبوق وسمح لنفسه بالتجرؤ على تفجير التجمع السنوي للمقاومة الإيرانية في عام 2018.

ودعت رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا إلى محاكمة زعماء نظام الملالي والمسؤولين عن هذه المذبحة والمسؤولين عن ارتكاب الجرائم المناهضة للبشرية على مدى 4 عقود، وطالبت بطرد جواسيس هذا النظام الفاشي ومرتزقته من الدول الغربية، وقطع علاقات الدول مع هذا النظام الإرهابي.

وخلاصة القول، هي أنه يكفي فتح ملف واحد من ملفات جرائم الملالي بشكل جاد وعملي، نظرًا لأن فتح أي قضية من قضايا جرائم هذا النظام الفاشي في محكمة محايدة سيؤدي فورًا إلى محاكمة زعماء هذا النظام وبالتالي إلى فتح القضايا الأخرى.

....................................

والجدير بالذكر أن نظام الملالي أطلق على أكبر هجوم (الضياء الخالد) شنه جيش التحرير الوطني على نظام الملالي في أواخر شهر يوليو عام 1988 والذي هز كيان هذا النظام اسم "مرصاد".

@m_abdorrahman

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات