«التحالف المدني»: هل مات الفقيد حقًا..؟

تم نشره الأربعاء 09 أيلول / سبتمبر 2020 12:51 صباحاً
«التحالف المدني»: هل مات الفقيد حقًا..؟
حسين الرواشدة

بأسرع مما نتصور انهار «التحالف المدني» الذي رفع شعار «مدنية الدولة «، وقبل ذلك تبادلت الأطراف المشاركة فيه التهم والانتقادات، ثم توالت الانشقاقات الى ان اعلن ابرز مؤسسيه امس الاول الانسحاب منه، ولم يبق فيه الا نحو (250) عضوا، السؤال الان : هل صار بوسعنا ان نشهر وفاة « الفقيد « ونشيعه الى المقبرة وندعو له بالرحمة (!) ولأصحابه بالصبر وحسن العزاء..؟

 بدأت القصة قبل نحو ثلاثة أعوام حيث تم  إشهار «التحالف المدني» في حفل كبير، ثم دبّت الصراعات الداخلية بين المؤسسين فأجهضت فكرة الحزب الذي بشرنا أصحابه بالخروج من الوضع القائم الى وضع قادم أساسه «الدولة المدنية»، المشكلة بالطبع لم تكن فقط في صراع الأشخاص ولعبة الكراسي وإنما ايضا في جدوى الفكرة والإيمان بها، وفي صدقيتها و « التربة « التي خرجت منها، ثم علاقة أصحابها بالمجتمع واحتياجاته وخياراته، فقد ثبت بان كثيرا من إخواننا اليساريين - على اختلاف تجاربهم - لا علاقة لهم بالمدنية ولا بالحرية والديمقراطية أيضا.

لكي نفهم ذلك لا بد ان ندرك ان فكرة «التحالف المدني» لم تخرج من رحم المجتمع كولادة طبيعية، وإنما جاءت في سياق المنافسة السياسية بين اليساريين والإسلاميين، في موسم الانتخابات تحديدا، ومن المفارقات ان الطرفين استخدما ورقة المدنية كشعار لهما، لكن اللافت هنا ان كثيرا منهما لا علاقة لهما «بالمدنية « سواء في إطار الفكرة او التطبيق، فكلاهما يستند الى تراث طويل من التحالفات والممارسات التي تتطابق مع « اللامدنية «، واللامدينة تعني هنا باختصار الاحتكام الى منطق الانتهازية وعدم الإيمان بالديمقراطية، والافتقار لأخلاقيات الخصومة السياسية، والانحياز الى الحكومات المستبدة والنظر الى الشعوب باستهانة، ومن يتابع تجربة اليساريين من دعاة مدنية الدولة سيكتشف على الفور حجم التناقض بين ما يدعون إليه وما فعلوه ويفعلونه، خاصة بعد الربيع العربي الذي كان بمثابة فضيحة لكل النخب التي أشبعتنا كلاما عن الحرية والديمقراطية فإذا بها أسوأ من الحكومات التي تدافع عنها.

لا خلاف مع دعاة « مدنية « الدولة في المبدأ، فنحن مع الدولة العادلة التي يتولى فيها الناس مسؤولياتهم تبعا لاختياراتهم، استنادا إلى التجارب الإنسانية التي توافقت على ان الديمقراطية أفضل وسيلة للوصول الى السلطة، فالدين لا يحكم من خلال سلطة تفرض على الناس باسم الله، وعلماء الدين لا يتولون الشأن العام إلا ضمن خبراتهم وتخصصاتهم، ولا يجوز أن يقحموا الدين في السياسة، او ان يمارسوا سلطاتهم الدينية خارج إطارهم الديني والدعوي، وبالتالي لا يوجد منطق سليم يمكن اعتباره لتصديق «كذبة» وجود الدولة الدينية في بلادنا، فهي غير موجودة وليس لها تجربة يمكن انتقادها او التحذير مما فعلته سابقا او ما ستفعله لاحقا.

لكن حين ندقق في خطاب معظم أتباع مذهب « المدنية « في نسخته الأردنية الجديدة نجد انه ينطلق في الأساس من موقف مضاد للدين، يتوارى خلف دعوى المدنية لإقصاء الدين وحذفه من حياتنا العامة، او لتحييده وحشره في الشأن الشخصي وفي المساجد فقط، وهو لا يفعل ذلك انتصارا لمبدأ المدنية، التي ينادي بها، وإنما لدوافع سياسية محضة، لا علاقة لها بقيم الديمقراطية والعدالة وحكم القانون، ولا بحاجات المجتمع وازدهاره، بقدر ما تعكس نوعا من « الفهلوه « السياسية والبحث عن المصالح الشخصية، والانتقام من القيم التي شكلت ثقافة المجتمع الأردني، وقامت على أساسها الدولة الأردنية.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات