خلية للتحديات الاقتصادية

تم نشره الأربعاء 07 تشرين الأوّل / أكتوبر 2020 12:50 صباحاً
خلية للتحديات الاقتصادية
د. محمد حسين المومني

ثمة شبه إجماع على ان أيا كان الرئيس القادم فإن امامه من التحديات الوطنية ما تجعل مهمته غاية في الصعوبة والتعقيد. هذا الاجماع يترافق معه حالة من الشعور بالتعاطف مع الرئيس القادم، لأنه لن يمتلك عصا سحرية قادرة على تفكيك المشاكل المزمنة خاصة الاقتصادية في ضوء ما هو متاح من ادوات وما يمتلك من موارد محدودة، لذلك، فحتى لو أتى رئيس خارق، وجلب معه فريقا استثنائيا فلن يسعفه ذلك على اجتراح المعجزات، ولن يقوى على التعامل مع تحديات البطالة والفقر، وتراجع النمو وعجز الموازنة وتعاظم المديونية، لأن موارد البلد الاقتصادية محدودة وهوامش القرار مقيدة بظروف وحقائق موضوعية صعبة.
يبرز التحدي الاقتصادي بكافة تفرعاته كمعضلة اساس تواجه الحكومات، التي طالما اجتهدت ووضعت سياسات وقرارات مقنعة لكنها بقيت بلا نتائج يلمسها المواطن، فالبطالة في ارتفاع مقلق وخطير والفقر كذلك، وعجز الموازنة وحجم المديونية في ارتفاع. تحتاج اي حكومة قادمة، ويحتاج الوطن برمته، لخلية ازمة عابرة للحكومات تضع المشاكل والتحديات وتعرفها بصورة دقيقة، وتضع حلولا قابلة للتطبيق يلمس أثرها المجتمع. أي حكومة وأي فريق وزاري قادم سوف تغرق في تسيير الاعمال الادارية اليومية للوزارات، وسوف تستنزفها الازمات القطاعية التي لا تنتهي، وتضغط عليها واجباتها السياسية والاعلامية، ولن تجد الوقت لتعمل وتخطط استراتيجيا، ولن تقوى على متابعة التنفيذ لآخر خطواته. هذا هو واقع الحال الذي لا بد ان نقبله، وعليه فلا بد من خلية ازمة من اقتصاديي الميدان ورجال اعماله، تلتقي في مجلس مع صناع القرار، تناقش السياسات وتنضج القرارات، وتضع التوصيات، وتراقب تطبيقها ميدانيا، وتقيس النتائج. خليه تضم ذوات خبراء في العمل الميداني الاقتصادي تفهم المطلوب والممكن في آن معا.
صيغة خلية الازمة، يجب ان تتجاوز نماذج التشارك والتشاور السابقة بين القطاع العام والخاص، التي لم تحقق الغاية المطلوبة، فكانت عبارة عن جلسات عصف ذهني تنظيري يسعى اطرافها للحفاظ على مصالحهم. في هكذا جلسات، كان وزير المالية مثلا يجلس مدافعا ومنافحا عن موارد الخزينة، وكان قطاع الصناعة يسعى لمزيد من الاعفاءات، وقطاع الخدمات كذلك… فتنتهي القصة دون ان يكون هناك اجماع او توصل لقرار يحقق مصالح الاقتصاد الوطني. الحكومة تجلس لتقول انها شاورت القطاع الخاص وعملت ما عليها، والقطاع الخاص يجلس طمعا وطلبا لمزيد من القرارات التي تعزز عمله وربحيته دون الاعتبار لهواجس الخزينة ونفقاتها الضرورية.
الخلية المقترحة يجب ان تتجاوز هذه الصيغة، فلا بد ان يجلس حول الطاولة من يضعون الاقتصاد الوطني برمته وبإبعاده الاجتماعية كافة نصب اعينهم، لا الاكتفاء بالدفاع عن قطاعات معينة او التمترس خلف استمرار تدفق الايرادات حتى لو كان هناك صيغ وقرارات اقتصادية تتضمن اعفاءات ولكنها بالمحصلة تزيد عوائد الخزينة. هكذا خلية هي افضل ما يمكن ان نقدمه لأي حكومة قادمة.

الغد



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات