مجتمع يتحكم به الزعران

تم نشره الأربعاء 14 تشرين الأوّل / أكتوبر 2020 11:51 مساءً
مجتمع يتحكم به الزعران
فايز الفايز

مرّ على هذه الأرض الكثير من الجرائم البشعة، فمن استفتح بها كان ولد آدم منذ بدء الخليقة، فقتل قابيل الطالح أخاه هابيل الصالح، ومنذ ذلك الزمن البعيد تشربت النفس البشرية وساوس الشيطان، ومن يفتح باب قلبه للشيطان فإنه لا يرى سوى نفسه ويبدع في البشاعة، ليس البشر فقط بل حتى منظومات الحكم يتلبسها الشيطان فتتحول من إدارة الحياة العامة للأفضل إلى سيف يقطع رؤوس من يشذ عن عقيدتها ويقطع أرزاق الناس ويقض مضاجعهم، ولهذا لا نستغرب أن تقع الجرائم المروعة على أيدي أسفل البشر ممن لا يحملون أي أخلاق تردعهم.

جريمة الزرقاء التي روعت المجتمع الأردني، وذهب ضحيتها فتى لا ذنب له، ففقد يديه وتضررت عينه، ليس سوى ضحية مجتمع تخلى عن مسؤوليته الأصلية المأمور بها الإنسان وهي الأمرّ بالمعروف والنهي عن المنكر، فنرى الكثير من التصرفات التي تقع في باب الجرائم الصغرى، ليس للمواطن العادي فقط بل وحتى عند المسؤول الذي لا يملك الشجاعة ليضبط أمور العامة أو يتدخل في حماية حقوق الناس، فتحولت عصابات الإجرام والبلطجية إلى فئة مهابة ويخشاها البعض ممن يملكون الأمر، بل إن بعضهم يلجأ اليه أصحاب الأمر ليتدخل في حل نزاعات وتهدئة حلبات الجريمة المنظمة.

ذات يوم قديم كنت عند مسؤول أمني، واعترض الحديث عن شخص مغامر صنعوا منه رقماً، ثم سُجن بتهمة لا علاقة لها بنصب ولا إجرام ولا ترويع، فقال لي المسؤول المتقاعد اليوم مستهجنا: تخيل أن فلان «شخصية برلمانية» جاءني وجلس على هذا الكرسي وناشدني التدخل للافراج عن الشخص أعلاه، فاستغربت طلبه وقلت له ما الذي يجبرك على أن تتدخل في قضية الرجل وانت أشبعته شتما، فرد علي: إنه كلب نطلقه أحياناً لينهش خصومنا، والحديث كله للسيد المتقاعد، وللعلم لم يطلق سراحه إلا بعد تنفيذ الحكم. اليوم لا يمكن ردع الناس عن ارتكاب الجرائم بناء على حسن النوايا وأدب الأخلاق، فالقوانين المغلظة والتي لا تعالج الأسباب والنتائج فقط بل تقطع دابر من يفكر بارتكاب القوة باستخدام يديه هي التي تفرض هيبة القانون والدولة، والقانون ليس سوى نصوص محفوظة ولكن التطبيق الفعلي والشجاع يقع على عاتق المسؤول القضائي والأمني، وإلا لماذا بقي نظام منع الجرائم مفعلا بحده الضيق إلا لتلك الفئة الخارجة عن القانون والأخلاق.

هناك عالم سفلي مظلم يعمل في الليل والنهار لم نر منه سوى رأس جبل النار، وهو يضم أكثر من زعران وبلطجية ومروجي المخدرات واللصوص يديرون شؤون مناطقهم، بل هناك فئة نراهم متأنقين ويزاحمون الناس على مقاعد العمل العام متزاوجين مع تلك الفئة الضالة التي باتت في بعض المدن والأحياء أقوى من سلطة القانون ورجاله، وهم مستخدمون افتراضيون لشخصيات عامة أحياناً، وهناك قصص يندى لها الجبين، ولهذا يجب دعم قوة الحكام الإداريين في كبح جماح المجرمين والانفتاح على الدعاة والسياسيين ليرشدوا الناس للطريق الصحيح، ودعم القوة الأمنية باتجاه الخطر الحقيقي على أمن المجتمع لا مطاردة مواطن متعثر مالي والاحتفاء بالقبض عليه.

الرأي 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات