العجارمة : تفويض صلاحيات رئيس الحكومة لوزرائه امر دستوري

تم نشره الجمعة 23rd تشرين الأوّل / أكتوبر 2020 09:52 مساءً
العجارمة :  تفويض صلاحيات رئيس الحكومة لوزرائه امر دستوري
نواف العجارمة
المدينة نيوز :- فند رئيس ديوان التشريع والرأي السابق الدكتور نوفان العجارمة بعض وجهات النظر التي خلصت بالقول بعدم دستورية قانون الإدارة العامة الذي أجاز عملية التفويض.
وتاليا نص منشور العجارمة على فيس بوك : 
 بعض وجهات النظر قالت بأن "ما أقدم عليه دولة رئيس الوزراء من تفويض لبعض صلاحياته لعدد من الوزراء إجراء غير قانوني ويخالف أحكام المادة (45) من الدستور على سند من القول بأن الفقرة (2) من تلك المادة أوجبت أن تعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها جلالة الملك، وبالتالي لا يجوز ان تتم بقانون أو بتفويض بناء على قانون، ويخلصون إلى القول بعدم دستورية قانون الإدارة العامة الذي أجاز عملية التفويض".
وأضاف العجارمة "مع الاحترام، فإن وجهة النظر هذه، لا تتوافق مع أبسط قواعد التفسير، فالقصص لا تقرأ من منتصفها، والدساتير لا تفسر نصوصها بمعزل عن بعضها البعض، فهي ليست جزر معزولة لا صلة ولا رابط بينها. وعليه، لابد من بيان ماهية التفويض وشروطه، ثم نعرج على موضوع مدى دستورية قانون الإدارة العامة".
وبين العجارمة أنه ومن حيث شروط التفويض وماهيته فإن من المبادئ المسلم بها فقهاً وقضاءً، مبدأ شخصية العمل، بمعنى أن من أسند إليه اختصاص معين بمقتضى النصوص الدستورية أو القانونية أو بمقتضى الأنظمة، وجب عليه ممارسة هذا الاختصاص بنفسه، باعتبار أن هذه الممارسة تمثل واجبا قانونيا عليه وليس حقا له يجوز أن يعهد به إلى غيره.
وشدد على أن التطبيق الجامد لمثل هذا المبدأ قد يؤدي في الواقع إلى إعاقة العمل الإداري وطبعه بالنمطية أو الروتين ويجعله بالتالي غير متلائم مع الاتساع والنمو الإداري المواكب لإتساع ونمو نشاط الدولة في مختلف المجالات. من هنا كان التفويض في الاختصاصات الإدارية عنصراَ فعالاً للتخفيف من غلو وجمود هذا المبدأ.
كما أشار إلى أن التفويض يتم بان يعهد صاحب الاختصاص الأصيل بممارسة جانب من اختصاصاته سواء في مسألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى أحد مرؤوسيه، وذلك استنادا إلى نص قانوني يجيز له ذلك، فالتفويض إذن لا يجوز إلا بنص قانوني ولهذا يجب أن يكون واضحا ومحددا ومعلنا، ويستمد المفوض إليه صلاحيته بممارسة الاختصاص من القرار الصادر - عن الأصيل- بالتفويض، لذلك يتوجب على المفوض إليه الالتزام في حدود ونطاق هذا التفويض وبخلاف ذلك فان قرار المفوض إليه يُعد فاقداً لمشروعيته لصدوره ممن لا يملك حق في إصداره، فالتفويض باعتباره أحد أشكال التوكيل يشترط لصحته أن يكون محله معلوماً ومحدداً والاّ اعتبر باطلاً.
ونوه بأن التفويض لا يتناول كافة اختصاصات الأصيل، بل جزء منها، وإلا عد ذلك تنازلا من جانبه عن وظيفته وهو أمر غير جائز قانونا.
وأوضح أنه يشترط في النص الآذن بالتفويض ألا تقل قوته الإلزامية عن مرتبة النص الذي يقرر الاختصاص الذي يريد صاحبه التفويض فيه، أي أن يكون بنص من قوة النص الذي قرر الاختصاص أصلا، وليس بنص أقل منه درجة، فالاختصاص الذي يتقرر بنص دستوري لا يجوز التفويض فيه إلا بنص دستوري، والاختصاص الذي يتقرر بنص قانوني أو تشريع عادي لا يجوز التفويض فيه، إلا بقانون أو بنص دستوري.
أما من حيث النص القانوني الذي أجاز لدولة رئيس الوزراء تفويض جانب من اختصاصاته، فقال العجارمة إنه بالرجوع الى احكام الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الإدارة العامة رقم (10) لسنة 1965 نجدها تنص على ما يلي:
1. لرئيس الوزراء ان يفوض أيا من نوابه أو اي وزير اي صلاحية من صلاحياته المنصوص عليها في اي قانون او نظام باستثناء الصلاحيات الممنوحة له بمقتضى أحكام الدستور.
2. لمجلس الوزراء، في حالات خاصة ومبررة، أن يعهد ببعض الصلاحيات المخولة للوزراء بموجب القوانين والأنظمة إلى الأمناء العامين للوزارات أو رؤساء الهيئات أو المؤسسات الرسمية العامة أو المؤسسات العامة وذلك بناء على تنسيب الوزير المختص.
3. للوزير ومن في رتبته أن يفوض أيا من الصلاحيات المخولة إليه بمقتضى القوانين والأنظمة إلى الأمين العام أو إلى أي من كبار موظفي الدائرة في المركز أو المحافظات والألوية.
4. للأمين العام ومن في رتبته أن يفوض أيا من الصلاحيات المخولة إليه بمقتضى القوانين والأنظمة إلى أي من كبار موظفي الدائرة في المركز أو المحافظات أو الألوية، ولا يكون التفويض نافذا إلا بعد تصديق الوزير عليه.
5. يجب أن يكون التفويض المنصوص عليه في هذه الفقرة خطيا ومحددا ويعمل به بعد نشره في الجريدة الرسمية.
وأشار العجارمة إلى أن تطبيق نص هذه المادة على تفويض الاختصاصات الصادر عن دولة رئيس الوزراء نجده يتفق وأحكام القانون ولا يخالفه وللاسباب التالية:
1- التفويض صادر من صاحب الاختصاص (هو رئيس الوزراء) إلى الوزراء وليس لأي شخص آخر.
2- التفويض انصب على بعض (وليس كل) صلاحيات رئيس الوزراء الواردة في القوانين والأنظمة ولم تتناول او تتطرق الى صلاحية رئيس الوزراء الواردة في الدستور.
3- التفويض كان محدداً من حيث موضعه (موضوعات محصورة على وجه الدقة) وكان خطياً أيضا وقد تم نشره في الجريدة الرسمية.
4- إن النص الذي أجاز التفويض هو نص المادة (6) من قانون الإدارة العامة وهو من نفس مرتبة النص الذي قرر الاختصاص لدولة الرئيس (وهي القوانين المختلفة)، بل واعلى منها درجة بالنسبة لاختصاصات دولة الرئيس الواردة في الأنظمة.
ومن حيث مدى اتفاق تفويض الاختصاص المنصوص عليه في قانون الإدارة العامة مع الدستور اوضح العجارمة ان قانون الإدارة العامة رقم (10) لسنة 1965 هو قانون نافذ وملزم لكافة الجهات بالدولة ورئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ احكام هذا القانون.
وأكد أن الأصل في النصوص التشريعية هو حملها على قرينة الدستورية بافتراض مطابقتها للدستور، ومن ثم لا يجوز أن يكون سريانها متراخياً، بل يكون إنفاذها، واعتباراً من تاريخ العمل بها لازماً.
وأضاف أنه لا يجوز بالتالي أن يكون مجرد الطعن عليها او الشكوى منها موقفاً لأحكامها، أو مانعاً من فرضها على المخاطبين بها، وذلك أن إبطالها لا يكون إلا بقرار من المحكمة الدستورية إذا ما قام لديها الدليل على مخالفتها للدستور، وهذا يوجب على الجهة التي تفحص دستوريتها أن تضع في اعتبارها ألا تقضي بعدم الدستورية إلا إذا كان التعارض بين النص التشريعي المطعون فيه والدستور تعارضاً واضحاً وصريحاً وقاطعاً بحيث ينعدم معه السبيل إلى التوفيق بينهما، بحيث لا يبقى مجالاً للشك في احتمال عدم دستورية هذا القانون.
كما أشار العجارمة إلى أن النصوص الدستورية يجب أن تفسر بالنظر إليها باعتبارها وحدة واحدة يكمل بعضها بعضاً، بحيث لا يفسر أي نص منها بمعزل عن النصوص الأخرى، بل يجب أن يكون تفسيره متسانداً بما يقيم بينها التوافق والنأي بها عن التعارض.
ولفت العجارمة إلى أن الأصل في النصوص الدستورية أنها تعمل في إطار وحدة عضوية تجعل من أحكامها نسيجا متآلفا مؤداه أن يكون لكل نص منها مضمون محدد يستقل به عن غيره من النصوص استقلالاً لا يعزلها عن بعضها البعض، وإنما يقيم منها في مجموعها ذلك البنيان الذي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوَم لدعم مصالحها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف العجارمة "لا يجوز بالتالي أن تفسر النصوص الدستورية بما يبتعد بها عن الغاية النهائية المقصودة منها ولا أن ينظر إليها بوصفها هائمة في الفراغ، أو باعتبارها قيما مثالية منفصلة عن محيطها الاجتماعي. لذلك لا يجوز لنا أن نفرد حكماً خاصاً للمادة (45/2) من الدستور وبشكل يعزلها عن باقي نصوص الدستور".
وقال العجارمة "لقد بين المشرع الدستوري الأردني في عشرات النصوص بأن كثير من المسائل يجب ان تنظم (بموجب قانون) أو (بناء على قانون) أو (وفق أحكام القانون) او (في الاحوال المبينة في القانون) أو (حسبما يعين في القانون) او (ضمن حدود القانون) أو (بالكيفية والشروط التي يعينها القانون) .... الخ، وقد صدرت مئات التشريعات ومنذ تأسيس الدولة الأردنية والتي منحت بموجبها كل من رئيس الوزراء والوزراء بعض الاختصاصات، وكلها جاءت تنفيذا لأحكام الدستور فهل يعقل ان تخالف هذه الاختصاصات أحكام الدستور وتحديدا الفقرة (2) من المادة (45) منه ؟؟".
وبين العجارمة أن نص الفقرة (1) من المادة (45) من ذات الدستور منح مجلس الوزراء الولاية العامة في إدارة شؤون الدولة بالقول (يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو اي قانون إلى أي شخص او هيئة أخرى))، وبالتالي أجازت تلك الفقرة منح الاختصاص بموجب القانون لأي جهة أخرى بما في ذلك الوزراء، وهذا ما تم بالفعل بالتشريعات المختلفة (من تربية وتعليم عالي وصناعة وتجارة وزراعة وطاقة ونقل واتصالات .... الخ ).
وقال العجارمة إن نص الفقرة (2) من المادة (45) من الدستور والتي جاءت بالقول: (تعين صلاحيات رئيس الوزراء والوزراء ومجلس الوزراء بأنظمة يضعها مجلس الوزراء ويصدق عليها الملك) لا تعني لا من قريب أو من بعيد حصر او تحديد تلك الصلاحيات بموجب نظام او أنظمة يضعها مجلس الوزراء، وبالتالي يتعذر على المشرع تناول هذا الامر، لأن القول بخلاف ذلك يؤدي الى نتائج غير منطقية قانونيا وغير مقبولة سياسياً لأن تحديد الاختصاصات من قبل المشرع هو نوع من الرقابة المسبقة على أعمال السلطة التنفيذية، فهو الذي يحدد الاختصاص وشروطه ونطاقة وكيفية ممارسته، وبالتالي فان القول بان المشرع لا يملك ذلك ، وان الحكومة هي من تحدد اختصاصها بنفسها دون معقب عليها ، رأي محل نظر كبير ، ولا يتوافق وطبيعة النظام البرلماني من أساسه.
وختم العجارمة "علاوة على ما تقدم، ان أحكام الفقرة (2) من المادة (45) مطبقة على أرض الواقع وبما يتوافق وأحكام الدستور، فهناك العديد من الأنظمة المستقلة التي حددت صلاحيات كل من مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء او الوزراء: كنظام الخدمة المدنية والمشتريات الحكومية والاشغال العامة، إضافة الى العشرات من الأنظمة التنفيذية التي صدرت تنفيذا لأحكام القوانين المختلفة. هذا بالإضافة الى الصلاحيات المنصوص عليها في القوانين المختلفة".


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات