الأسد : أربح كل شيء أو لا شيء

تم نشره السبت 21st أيّار / مايو 2011 11:35 مساءً
الأسد : أربح كل شيء أو لا شيء

المدينة نيوز- اتكل النظام السوري في السنوات العشر الماضية على عدة عناصر قوة، أهمها: حزب الله، حركة حماس، الاستقرار الداخلي، إمساكه بالخيوط الأساسية لحركة الإسلاميين في المنطقة، ولا سيما المتنقلين بين لبنان والعراق، وسيطرة النظام على الاقتصاد السوري. بعد الهزة العنيفة التي تعرض لها الاستقرار الداخلي وعلاقة النظام مع حماس وإسلاميي المنطقة، ومطالبة المحتجين بإنهاء «زواج المتعة» بين رامي مخلوف والاقتصاد السوري، أخرج الرئيس بشار الأسد عنصر قوة، لطالما حرص النظام في سوريا على تخبئته ثلاث عقود: جبهة الجولان.
استفادت القيادة السورية في مواجهتها للاحتجاجات، التي اندلعت في البلاد، من تراكم خبرات منقطع النظير عند الحليف الأول لسوريا ــ إيران. وبعد التردد الذي أبدته هذه القيادة في البداية، إلا أنها في النهاية انصاعت لتنفيذ النصائح التي وردتها بحذافيرها، خصوصاً أن التجارب الإيرانية للاحتفاظ بالسلطة أثبتت نجاحاً باهراً مقارنة مع التجارب التونسية والمصرية والليبية واليمنية. وهكذا يمكن القول إن المحركين الأساسيين للحركة الاحتجاجية ضد «الولي الأمني» يبيتون اليوم في السجون، التي استقبلت آخرين أيضاً ممن يحتمل أن يحرضوا ضد النظام، وسرعان ما أطلق سراحهم بعد اطمئنان المحققين إلى دورهم في هذه المرحلة.
الأمن بالمرصاد
وبحكم انتشار الجيش، وخلفه أجهزة الاستخبارات، في مدن التوتر الأساسية، سيتمكن الأمن من اصطياد كل من قد يغامر ويخرج مجدداً في مسيرات احتجاج ضد النظام. فمن يزور السجون السورية ليس مثل الذي يروي عنها (أو بحسب القول الشائع: الحكي مش مثل الشوف)، بدليل تفضيل غالبية المسجونين السياسيين سابقاً متابعة الأحداث من شرفات منازلهم. مع العلم أن القيادة السورية ــ كما القيادة الإيرانية في الحالات المشابهة ــ ستحرص على تقديم الإصلاحات الضرورية من وجهة نظرها وستدفع باتجاه حوار تحت السقف الذي تضعه هي لا ضغط الشارع، ترتب بنوده (الحوار) وفق أولوياتها هي لا أولويات المحتجين.
إن عودة الحياة إلى شوارع دمشق، حتى خلال ساعات الليل المتأخرة، وانخفاض مستوى التوتر والغضب في أحاديث المواطنين، لا يؤثران في واقع خسارة النظام لما كان يعتبره ثوابت في أوراق قوته.
فعلى صعيد التحالف بين النظام السوري وحركة حماس، تشير المعلومات إلى توتر تحت الرماد كان يسود العلاقة. أسباب هذا التوتر بالنسبة لحماس، ثلاثة: الأول، استثناء القائد السياسي للحركة خالد مشعل من الصورة التي التقطها «ثلاثي الممانعة» في المنطقة (الرئيسان الإيراني والسوري والأمين العام لحزب الله). الثاني، دعوة القيادة الإيرانية حركة الجهاد الإسلامي، لا حركة حماس، إلى مؤتمر عقد في طهران لدعم حركات المقاومة في الأراضي الفلسطينية. الثالث، إيقاف القيادة الإيرانية المساعدات الشهرية التي تقدمها لحماس ثلاثة أشهر، احتجاجاً على موقف الأخيرة المؤيد للتهدئة في قطاع غزة. ولكن لاحقاً، وبعد تدخل مشعل عند القيادة الإيرانية، أعادت الأخيرة صرف المبلغ الكبير لكنها لم تدفع للحركة المتأخرات.
لا غنى عن «حماس»
بعد ذلك، بدأت مشكلة درعا، وهي منطقة نفوذ لحماس. إذ يئم مشعل المصلين في الجامع العمري مرة كل شهرين، ناهيك عن وجود متمولين درعاويين كبار يتبرعون بسخاء لحماس، كما أن المنطقة معبر أساسي للحركة إلى الأردن. وبالتالي، لا يمكن لحماس المخاطرة وتخريب علاقتها مع أهالي درعا وحوران بشكل عام.
وتشير معلومات إلى أن حماس، وبعد اندلاع الاحتجاجات، سعت للتواصل مع القيادة السورية وحزب الله بهدف معالجة الوضع بـ«التي هي أحسن»، أي «الحوار». لكن خطاب الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب سرعان ما خيب ظن حماس، فأوقف مشعل جولاته الميدانية التي كان بدأها في قرى محافظتي درعا وريف دمشق. وذهبت حركته إلى اجتماع استمر أكثر من 9 ساعات، كان يفترض أن يخرج المجتمعون منه ببيان تأييد واضح للقيادة السورية، لكن ذلك لم يحصل. وفي الموقف العام، يمكن القول إن القيادة السورية تعتبر أن الأحداث الأخيرة بينت لها من معها ومن عليها، وبالتأكيد فإن حركة حماس لم تكن معها.
وبحسب المعلومات المستقصاة  ، فإن القيادة السورية فوجئت باتفاق المصالحة الفلسطينية الذي وقع أخيراً في القاهرة، ولم تكن على علم بمضمونه ولا بتوقيته.
لكن كل ذلك لا يعني أبدا أن القيادة السورية ستدفع باتجاه مزيد من التوتر مع حماس. فليس ثمة شك في تمسك دمشق بحركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية، لأن من لديه حماس لا يتخلى عنها بهذه السهولة، خصوصا في ظل معلومات تؤكد أن خالد مشعل وحده، من دون الإطار الموسع لحركته، مرحب به في قطر، بينما السودان ــ الوجهة الثانية الوحيدة التي يمكن لحماس أن تقصدها ــ فمكشوف أمنياً.
إذاً، القيادة السورية ستسعى الى إعادة وصل ما انقطع بينها وحماس، مع أخذ القيادة السورية بالاعتبار العلاقة الوطيدة التي تجمع بين مشعل ووزير الخارجية التركي أحمد أوغلو، ومع التأكيد أن عودة المياه إلى مجاريها بين النظام السوري وحركة حماس يشكل مدخلاً لا بديلاً عنه بالنسبة للقيادة السورية للتواصل مجدداً مع المجموعات الإسلامية الموجودة في سوريا، التي فوجئت القيادة السورية بسحرها ينقلب عليها.
مخلوف الشخص.. والنظام
أما على صعيد رامي مخلوف، فما يفترض ذكره أن الأموال التي جمعها ابن خالة الرئيس ليست أبداً أمواله الخاصة، فهي أموال النظام، الذي وبحسب مطلعين، عمد إلى تثبيت سيطرته على السوق في ظل قراره الانفتاح الاقتصادي عبر إدخال شركات مخلوف «شريك» لكل من يرغب بالعمل في سوريا، سواء كان مصنعاً أو فندقاً أو متعهداً. وبالتالي، حين يسوق أنصار مخلوف أن الأخير عمل على تغذية الأسواق بملايين الدولارات، يكون الحديث عن مخلوف ــ الشخص لا مخلوف ــ النظام. في النتيجة، فان عدد المطلعين على خطة النظام السوري لمواجهة الحصار الاقتصادي، قليل. وأكثرية المحتجين يعتبرون أن مخلوف سرق البلد، وبالتالي ثمة وجهة نظر على أكثر من مستوى تقول إن أوان استغناء النظام السوري عن زعامة مخلوف الاقتصادية قد آن، ويمكنه إرساله في رحلة استجمام طويلة الأمد إلى اسبانيا أو إيطاليا.
حزب الله و«كل شيء»
تبقى رسالة 15 مايو الجاري. في المعلومات ما يشير إلى أن النظام السوري حين اعتبر أن إنهاء حزب الله في حرب تموز 2006 يشكل مقدمة لإنهائه، فتح الحدود أمام قوافل السلاح، وأقفل سماعة التفاوض مع الولايات المتحدة، من منطلق الراغب بخسارة كل شيء أو الفوز بكل شيء. وهو ما بدا للمراقبين بمنزلة افتراق كامل بين استراتيجية الرئيس حافظ الأسد (الأب) واستراتيجية الرئيس بشار الأسد (الابن). وسرعان ما اتضح أن الرئيس الابن لا ينتمي إلى مجموعة الرؤساء الدبلوماسيين أو المناورين. فقد توفي الأسد الأب ولم يلتق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ولا مرة. أما الأسد الابن فسمح بأن تلازم صور نصر الله صوره في مختلف أرجاء سوريا، حتى داخل المقرات الرسمية. والرئيس الأسد يستشير السيّد في كل تفصيل، ويقف على رأيه في قضايا سوريا المحلية والإقليمية والدولية. ولم يعد حزب الله بالتالي مجرد ورقة؛ فقد تطور أكثر من ذلك بكثير في استراتيجية الأسد الابن.
يوم الجولان ــ 15 مايو ــ وبعد استخدام الرئيس الأسد مختلف أسلحته، يشكل إعلاناً واضحاً وصريحاً للأخير: أربح كل شيء أو أخسر كل شيء. ( القبس )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات