العزاء الافتراضي ونبل المشاعر

تم نشره الأربعاء 02nd كانون الأوّل / ديسمبر 2020 12:42 صباحاً
العزاء الافتراضي ونبل المشاعر
رمزي الغزوي

قبل سنتين قال واحد من الأصدقاء بأن ثقافتنا ثقافة موت، وليست أبداً ثقافة للحياة المزدهرة العامرة. نحن لطميون ندّابون بدليل أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي لا يصبّون تعليقاتهم بغزارة مثيرة لافتة للنظر إلا على منشورات النعي والمصائب. ثمة من لا يكتب حرفاً واحداً لأجل الحياة وجمالها، ولكنه لا يترك نعياً إلا ويسجّل بصمته عليه. الناس قد تمر بوردة مبهجة أو بقصيدة باذخة الجمال أو بمقالة قوية دون أن تلفتهم أو تثير فيهم شيئاً.

تذكرت كلام صديقي هذا يوم أمس حين قرأت منشوراً يدعو رواد مواقع التواصل أن يخففوا من نشر نعي الأموات في هذه الأيام العصيبة. فالأمر بات مثيراً للهلع والخوف والسوداوية وبات يشيع طاقة سلبية تقصم ظهر الحياة والمجتمع وتضعفه. وطالب أن ينحصر النعي بأقارب الدرجة الأولى فقط كي لا تتحول حياتنا إلى سواد.

ربما يكون صديقي محقاً بعض الشيء فيما ذهب إليه من تحليل لثقافتنا المجتمعية. لكنه نسي أن بعض كلمات صغيرة تقال في مثل هذه المواقف قد تعني حياة بكامل أركانها ومداراتها وكواكبها. فالموت موتان في زمن الكورونا، بل هو سبع ميتات أو أكثر تتراكب فوق بعضها البعض وتتداخل وتتفاقم وتتشابك وتنشب أظفارها بتلابيب أشجاننا. لكن هذا الموت مع كل أسف قد غدا أسهل من كتابة منشور صغير على فيسبوك أو تويتر أو رسالة واتساب.

ثمة من لم نستطع أن نصدق موتهم ورحيلهم؛ لأننا لم نشيعهم ولم نحزن عليهم كما ينبغي. ثمة من لم نقدر على إلقاء نظرة وداع عليهم. وثمة من لم نستطع أن نقف معهم، ونسند حزنهم ونحضن وجعهم ونمسح دموعهم الحرى ونبكي معهم. يااااااااااه كم أوجعتنا هذه الكورونا.

في مقابل هذا البعد، وهذا العزاء الافتراضي يشتكي أحدهم بعد موت والده، مؤكداً أن فتح بيت للعزاء أرحم وأقل ضرراً من هذا الذي يحدث بعيداً عن قدرتنا على تقدير خطورة المخالطات ونشر الوباء. ويخبرنا هذا المكلوم أن الناس لم تتركهم أبداً. في أي ساعة من ساعات النهار والليل، رغم الدعوات المتتالية أن العزاء يكتفى به هاتفياً أو على مواقع التواصل. سيما أن البعض يعرفون أنهم مصابون ومع هذا يجيئون البيوت دون أدنى شعور بأنهم قد يقتلون الآخرين.

أشعر بنبل وصدق مشاعر المكلومين في هذه الأوقات العصيبة، وأحسُّ بدموعهم من خلال الكلمات وأشعر بثكلهم القوي وكسرتهم. ولا أستهجن أو أستغرب من بقية الناس أن تقف معهم حتى ولو افتراضيا.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات