تفشي ظاهرة فوضى السلاح في فلسطين تثير مخاوف المواطنين

المدينة نيوز :- مع تفاقم أعمال العنف والجريمة في الضفة الغربية أضحى القتل مشهداً اعتيادياً، فالسنوات الأخيرة شهدت ازدياداً في أعداد الضحايا، وتجاوزت نسبة القتل عام 2018 لدى العرب في البلدات العربية داخل إسرائيل أضعاف نسبة القتل في الضفة الغربية، وثمانية أضعاف نسبتها في أوساط اليهود. وتعتبر ظاهرة فوضى السلاح من أهم الأسباب لجرائم القتل المتزايدة، فمنذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أيلول/سبتمبر سجلت 43 ضحية في الضفة الغربية بجرائم قتل محلية، أغلبها تمت بإطلاق نار من أسلحة مشبوهة غير مرخصة أو مسروقة، وذلك بزيادة مرتفعة وصلت إلى 45 في المئة عن عام 2019 الذي شهد 25 جريمة قتل.

وبحسب تقرير جمعية الشباب العرب الفلسطينية، فقد سجل بين الأعوام 2013 حتى نهاية هذا العام قرابة 500 ضحية أي بمعدل 64 جريمة سنوياً، فيما شهد عام 2019 تسجيل 94 جريمة أي بمعدل جريمتين كل أسبوع، في حين أن 74 في المئة من تلك الجرائم نفذت باستخدام السلاح وإطلاق النار، يليها استعمال السلاح الأبيض والطعن بنسبة 14 في المئة ، وفق "القدس العربي" .

وقال المحلل السياسي خليل شاهين، إن الجريمة في فلسطين آخذة بالتصاعد بأشكال وأساليب متنوعة ومتعددة، ولجمها وإن كان صعباً فلا يمكن أن يصل حد الفلتان الأمني، فالجريمة ظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات ولها أسباب ودوافع وليس فقط في فلسطين، في حين أن فوضى السلاح في الضفة الغربية والمتزايدة باستمرار جاءت بسبب عدم سيطرة الأجهزة الأمنية على الحدود، وخاصة في مناطق جيم التابعة للسيطرة الإسرائيلية، حيث يتم تهريب السلاح والذخيرة بكافة الأشكال والأنواع من تلك المناطق ومن داخل إسرائيل إلى الضفة الغربية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الجرائم واستخدام السلاح في الشجارات والنزاعات العائلية، وهذه الفوضى أدت إلى استسهال القتل الذي أصبح ظاهرة لدى الشباب في المجتمع الفلسطيني.

وأضاف شاهين لـ”القدس العربي” أن “هناك يومياً عمليات ضبط وملاحقة لتجار السلاح في الضفة الغربية، وإذا ما جمعت الأرقام من مختلف الأجهزة الاستخباراتية والعسكرية التي تلاحق المجرمين، فهناك مئات آلاف القطع والأسلحة والذخائر تضبط سنوياً، ونتيجة الارتفاع الكبير بسبب استخدام السلاح في الضفة الغربية، صدر قرار بقانون يجرم تجارة السلاح ومطلقي النار بعقوبات مغلظة، تصل لعشر سنوات سجن وغرامات مالية تفوق 30 ألف دولار، حيث نأمل أن تساهم هذه العقوبات بالحد من انتشار السلاح الذي يشكل خطراً على أمن وسلامة المواطنين ويهدد السلم المجتمعي”.

جرائم الشرف

وقالت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في بيان لها، إن حياة المواطنين وأمنهم ستظل مهددة في ظل انتشار الأسلحة بينهم، وتساهل جهات إنفاذ القانون مع مستخدمي الأسلحة في التجمعات والمناسبات الاجتماعية يهدد السلم الأهلي وسلامة وحياة المواطنين، ونظراً لارتفاع جرائم قتل النساء في المجتمع الفلسطيني على خلفية ما يسمى شرف العائلة، طالبت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية، بضرورة إقرار قانون لحماية الأسرة من العنف ومحاسبة وردع كل من يرتكب ويحرض على جرائم العنف ضد النساء.

وبحسب مصادر فلسطينية، فإن 80 في المئة من السلاح الذي يصل إلى أيدي الشباب في البلدات العربية مصدره من الجيش الإسرائيلي الذي يقوم ببيعه في السوق السوداء، وطالما أن سلوك المجرم العربي يدخل في باب الجريمة داخل الوسط العربي، فإن الشرطة وقوى الأمن لا يتعرضون له ولا يلاحقونه، فجرائم القتل في البلدات العربية الأن أصبحت منظمة من قبل عصابات الإجرام التي تريد بسط السيطرة والنفوذ، ولكن المطلوب من الجهات الفلسطينية ذات الاختصاص، حل هذا العنف المتصاعد وكبح جرائم القتل، بالأخص ضد النساء من خلال التوعية في مراكز الإصلاح والأهالي والمدارس والجامعات.

وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأول من أيلول/سبتمبر 2020 قراراً يتم بموجبه تعظيم العقوبة المفروضة على حيازة السلاح غير المرخص أو استعماله أو تصنيعه أو تهريبه، بفرض غرامات مالية والسجن لمن يثبت تورطه في هذه الجرائم، الأمر الذي يعكس خطورة ما تمر به الضفة الغربية من تفشي السلاح غير المرخص، وقلق المجتمع الفلسطيني والجهات الأمنية من خطورة هذا الوضع.