واشنطن بوست: إسرائيل لا تستطيع احتواء إيران بدون التعاون مع إدارة بايدن

المدينة نيوز :- ناقش السفير الأمريكي السابق في إسرائيل والزميل البارز في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، دانيال شابيرو، في مقال بصحيفة “واشنطن بوست” أن إسرائيل لا تستطيع وحدها احتواء إيران وهي ليست بحاجة إلى هذا.
وقال شابيرو إن مقتل محسن فخري زاده الذي يعتبر الأب الحقيقي للمشروع النووي الإيراني نُسب إلى إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عن العملية. وتم تقديم عدة نظريات حول السبب للقيام بهذه العملية، منها محاولة إسرائيل وضع إدارة جوزيف بايدن أمام واقع لا تستطيع من خلاله إحياء الاتفاقية النووية التي تفاوضت عليها إدارة باراك أوباما ووقعتها عام 2015. أما النظرية الثانية فتقول إن عملية القتل تتناسب مع جهود إسرائيل لتأخير البرنامج النووي الإيراني وأن عملية كهذه تم التخطيط لها منذ وقت طويل ونفذت عندما سنحت الفرصة لذلك. وهناك نظرية ثالثة، وهي بين النظرتين الأولى والثانية وتقوم على أن إسرائيل حصلت على الضوء الأخضر من إدارة دونالد ترامب وهي بمثابة تحضير لمعركة مع إيران في ظل إدارة بايدن ، وفق "القدس العربي" .
ويعلق شابيرو أن هذه النظريات ليست قاطعة وربما صدّق مجموع هذه النظريات وما يهم هو للتحالف الأمريكي- الإسرائيلي إن كانت هناك فرصة لكي تعترف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن لديها فرصة رسم استراتيجية مشتركة مع إدارة بايدن بطريقة تكون إدارته منفتحة على المنظور والتحليلات الإسرائيلية لو كانت تريد العمل مع إسرائيل ضد التهديد الإيراني.
فإسرائيل لا تستطيع احتواء إيران لوحدها وهي ليست بحاجة لهذا. وفي مقابلة قريبة، عبّر بايدن عن رغبة بالعودة إلى الاتفاقية النووية المعروفة باسم “خطة العمل الشاملة المشتركة” في 2015 بين إيران من جهة والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا من جهة أخرى، والتي مزّقها دونالد ترامب في 2018. وفي الشهر الماضي أصدر نتنياهو تصريحا كان موجها ضد بايدن قال فيه: “لن تكون هناك عودة إلى الاتفاقية النووية السابقة”.
ولو نظرنا إلى التصريحين معا، فهناك إمكانية لخلق مأزق في بداية الإدارة الجديدة تضر بالحليفين. لكن الولايات المتحدة وإسرائيل توصلتا لطريقة أدارتا فيها علاقاتهما في السابق. صحيح أن صدعا بالعلاقات خطيرا حدث بشأن اتفاقية 2015 بما في ذلك خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في العام نفسه، إلا أن البلدين تعاونا لتطبيق استراتيجية إيران من قبل، بما في ذلك التشارك في المعلومات الأمنية والتنسيق في مجال تصميم العقوبات وتطبيقها والتحضير للعمليات السرية.
وحدث التباين في المنظورين الأمريكي والإسرائيلي في المراحل الأخيرة من المحادثات النووية. فالفروقات من ناحية الحجم والقدرات العسكرية والقرب الجغرافي، عنى أن أمريكا وإسرائيل لديهما مستويات تسامح مختلفة من ملامح وبنود الاتفاقية. لكن عددا من المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية كان لديهم فهم مختلف وبعيد عن رفض نتنياهو للاتفاقية.
فمدير الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين، رأى أن منافع الاتفاقية في حدها من نشاطات إيران بالسنوات الأولى منها. ولكنه أشار إلى سلبيات الاتفاقية في السنوات الأخيرة من ناحية أنها تعطي إيران الفرصة لتسريع برنامجها. ووجد نتنياهو في انتخاب ترامب عام 2016 شخصا يشاركه النقد للاتفاقية. وحتى استراتيجية أقصى ضغط التي مارستها إدارة الرئيس الأمريكي ضد إيران كانت نتائجها مختلطة، فمن ناحية شلت الاقتصاد الإيراني ومنحت إيران الفرصة لزيادة معدلات التخصيب بدرجة قال بايدن إنها “قريبة من بناء القدرة على امتلاك المواد الكافية للسلاح النووي”. ورقصت إسرائيل ودول الخليج لسياسة ترامب، لكنها أضرت بالتحالف الدولي الذي قامت عليه الاتفاقية.
ولكن فوز بايدن يعني التغير في النهج. وعلى إسرائيل أن تشرح موقفها بوضوح وتقوم بمشاورات على مستوى عال بين البلدين. ولن تكون قادرة على الإملاء على إدارة بايدن، ولهذا عليها أن تحضر نفسها لإمكانية عودته إلى الاتفاقية النووية. وهذا يعني التوافق على استراتيجية مشتركة لمواجهة إيران ومنعها من الحصول على سلاح نووي فيما تبقى من مدة الاتفاقية، ويجب استخدام كل ما لدى البلدين من وسائل، دبلوماسية واقتصادية وعمليات عسكرية سرية.
وعلى إدارة بايدن أن تأخذ بعين الاعتبار تعامل إسرائيل المستمر مع المشروع النووي الإسرائيلي كتهديد وجودي. ويعرف وزير الخارجية المرشح في إدارة بايدن، أنتوني بلنيكن هذا، وهو داعم طويل لأمن إسرائيل. ويجب أن يتوسع الحوار الأمريكي- الإسرائيلي أبعد من الاتفاقية النووية.
وربما لم يعد هناك مجال للعودة والتزام إيران بالاتفاقية مع وصول الإدارة الجديدة للحكم. وعلى بايدن التفكير عندها إن كانت العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب توفر له ورقة الضغط لإجبار إيران الموافقة على شروط جديدة. وحتى لو قرر بايدن رفع العقوبات، فسيحتفظ بالقدرة على فرضها من جديد. وعلى إسرائيل التفكير في شكل تمديد الاتفاقية وما يقدمه لها من ضمانات تمنع إيران من الحصول على قدرات نووية.
ويفهم فريق بايدن أن إيران تمثل تهديدا نوويا خطيرا محتملا، لكنها تمثل تهديدا من ناحية برامجها للصواريخ الباليستية التي تقدمها لحزب الله والحوثيين في اليمن، ومحاولتها إحاطة إسرائيل بمنظومة صواريخ دقيقة، ويجب معالجة هذا.
ودعا جاك سوليفان المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي بالإدارة الجديدة، ودانيال بنيم، مستشار بايدن للشرق الأوسط إلى “حوار عقلاني بنيوي” يعالج التهديدات الإيرانية غير النووية بالتوازي مع المحادثات النووية.
وبهذه الطريقة يتم تمثيل المصالح الإسرائيلية سواء جلست إسرائيل على الطاولة أم لا. ومن هنا يجب أن يكون هدف التعاون الأمريكي- الإسرائيلي التوصل لاتفاقية شاملة تمنع إيران على المدى البعيد من الحصول على القدرات النووية وفرض بروتوكول صارم للتفتيش ومعالجة البرامج الأخرى مثل الصواريخ الباليستية.
وعبّر بايدن عن عدم تسامحه مع نشاطات إيران بالمنطقة وتفهم حاجة إسرائيل التحرك ضد المنشآت العسكرية الإيرانية في سوريا. وسيكون لهذه المواقف والمزج بين الضغوط والحوافز للتأثير على الحسابات الإيرانية أثر على التداخل في المصالح الإسرائيلية مع بقية اللاعبين بالمنطقة.
ويجب ألا تتفق الولايات المتحدة وإسرائيل على كل شيء، ولكن من مصلحتهما التنسيق في مواقفهما ضد إيران. ولدى إسرائيل الجاهزية العسكرية والسياسية للقيام بعمليات مماثلة كاغتيال فخري زادة. ولكن عليها ألا تتصرف بدون حدود، مما سيضع استراتيجيتها على تضاد مع الإدارة الأمريكية التي تحاول تحقيق نفس الهدف وهو منع إيران من امتلاك السلاح النووي.
ومن يتوقعون تصادما بين البلدين عليهم التفكير ملياً، لأنهما سيواصلان التعاون على تحقيق نفس الهدف: إيران غير نووية وغير قادرة على تهديد جيرانها.