أوقفوا «ماكينة» الاستفزاز فقط

تم نشره الخميس 07 كانون الثّاني / يناير 2021 12:43 صباحاً
أوقفوا «ماكينة» الاستفزاز فقط
حسين الرواشدة

كان لدينا فيما مضى «حساسات» سياسية واجتماعية مكنتنا من تجاوز الأزمات، كما ساعدتنا على استشراف ما يمكن ان يحدث، كان لدينا -ايضاً- وسائط اجتماعية ساهمت في ضبط إيقاع الغضب والاحتجاج، وكان لدينا -ثالثاً- منطق «فليسعد النطق إن لم تسعد الحال» نستخدمه للمصارحة أحياناً، وتطييب الخواطر وتهدئة النفوس أحياناً أخرى، كان لدينا -رابعاً- مسئولون يستطيعون ان يواجهوا الناس ويقنعوهم، بالفعل لا بمجرد التصريحات المسلوقة، كان لدينا – خامسا - مفهوم للأسرة الواحدة وخطوط حمراء «للوحدة الوطنية» وأمل في غد أفضل.
لا أريد ان اسأل الآن : ماذا جرى ، ولماذا تبدلت أحوالنا ، الإجابات بعضها مفهوم وبعضها  ما يزال في «بطن الحوت « ، لكن استطيع ان أقول وبصراحة انه لا بد من ان  نفكر في مسألتين: الأولى ان رضي الأردنيين على واقعهم «الصعب» هو جزء من شخصيتهم التي تميل للصبر والتحمل والحكمة، وهي سمات ليست ثابتة بالمطلق، لكنها أصيلة، ويمكن الاستثمار فيها، لكن نفادها بأي صورة يجب ألا يفاجئنا، لأن معنى ذلك وكذلك نتائجه، سيكون مفزعا بامتياز.
أما المسألة الثانية، وهي متصلة بالأولى، فهي ان أسوأ ما يمكن ان نفعله، اقصد الحكومات والنخب، هو ان تتعامل مع هذه الشخصية بمنطق الاستفزاز، هنا سنقع في الخطأ، وسندفع الناس -بقصد او دون قصد- لاختبار صعب لا طاقة لهم على اجتيازه، لماذا؟ لأنه يتعلق «بالكرامة» التي يحرصون على حمايتها من أي جراحات، والكرامة لا تتعلق بالذات وانما بالوطن الذي تشكل في وعيهم باعتباره قيمة مقدسة وملاذاً ليس لديهم غيره.
منطق الاستفزاز يفهمه الناس في إطار «الاستهانة» بهم، وعدم احترام وعيهم وتضحياتهم، أو تقدير وطنيتهم التي جعلتهم حريصين على بلدهم، ومستعدين لتحمل كل شيء حتى لا يمسه اذى مهما كان.
لا يخطر في بالي ان اقلّب المواجع، أريد فقط ان أصارح ما تبقى من عقلاء في بلادنا  بأنه يجب ان نتوقف تماماً عن «استفزاز» الناس ونكئ جراحاتهم وإثارة مشاعر الغضب داخلهم، يجب ان نتواضع في استعراضاتنا السياسية، فنحن احوج ما نكون لنزع كل فتيل يثير قلق الناس ومخاوفهم، سواءً أكان هذا الفتيل على صيغة مقررات عاجلة، او سياسات خاطئة، او وجوه غير مرحب بها ، أو منطق اعوج يجاهر بالسوء ويسير بعكس تجاه مصلحة البلد.
أرجو أن لا يسألني أحد عن مظاهر «الاستفزاز» فلدى كل منا عشرات النماذج، الفساد «الوقح»الذي يمد لنا لسانه كل يوم دون ان يجد من يردعه مصدر استفزاز، الضرائب التي تفرض على الفقراء قبل الأغنياء تستفز، موازين العدالة التي اختلت تثير غضب الناس، المقررات التي أدارت ظهرها للمجتمع سواء أكانت على شكل تعيينات غير مفهومة، ام إجراءات غير مشروعة، تستفزنا، المؤسسات التي تراجعت في الأداء والمحاسبة، مئات الموظفين الذين قررنا قطع أرزاقهم وإلقاءهم في الشارع دون ان تكون هناك معايير واضحة لإنهاء خدماتهم، استفزت الناس أيضاً.
رجاءً، ردّوا على تحية الناس بمثلها (! ) إن تعذر ان تردوا عليها بأحسن منها، ودعوا الناس يتصالحون مع أنفسهم ومع بلدهم قبل ان تدفعهم المقررات الخاطئة الى الجدار.

 الدستور 


مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات