أخطاؤنا المقدسة..؟!

تم نشره الجمعة 22nd كانون الثّاني / يناير 2021 12:42 صباحاً
أخطاؤنا المقدسة..؟!
حسين الرواشدة

سألت احد أساتذة الاجتماع وعلم النفس عن «الحكمة» من انشغالنا «بالخطأ» واستماتتنا للدفاع عنه وتبريره، وتسويغه لأنفسنا حتى تقبله، وكأنه مسألة مقدسة، قال لي الرجل كلاما طويلا عن افتقاد مجتمعاتنا للحكمة، وعن الارتجالية التي نمارسها في حساباتنا، وعن «الانحدار» الجنوني الذي أشار اليه احد علماء النفس، هذا الذي لا يمكن للمحلل ان يفهمه او يتعامل معه، على عكس المرض الجنوني الذي استطاع العلم ان يحدد أسبابه ويهتدي الى علاجه..
أضاف الرجل بان ثمة قوانين أخرى تساعدنا على فهم هذه الحالة، وهي قوانين الكون الثابتة التي تفرض منطق «تعمد» الخطأ والاستمرار فيه لتكشف بالتالي عن البديل، قلت له: اذن «لازم نخطئ» حتى تفاجئنا الكاشفة؟ قال: أحيانا نفكر طويلا.. وطويلا جدا في خياراتنا ومقرراتنا ويتبين لنا بحساباتنا انها خاطئة او غير مجدية، ولكننا نصر عليها ونعتمدها، لماذا؟ الجواب كما قلت: «لازم نخطئ» حتى تتغير الصورة.. ونطرق أبواب الحلول.. ونصل الى الحقيقة التي نريدها، او الى العافية التي نبحث عنها.
فهمت من كلام أستاذنا ان الإصرار على الخطأ وتعمده يخرج غالبا من رحم «الاستعلاء» ويتناسل فيلد «الاستعداء» ويتناسل مجددا فيلد ثقافة الكراهية وإلغاء الآخر وحينها نشعر جميعا اننا امام «حالة» غير مفهومة، مرض جديد غير قابل للمعاينة، ألغاز لا يمكن تأويلها او تفكيكها، صراعات لا معنى ولا جدوى لها، جراحات عميقة في «الذات» تحتاج الى زمن طويل حتى تندمل، صمت «مطبق» لا نعرف من اين جاء.. ولا متى سينتهي.
اشعر أحيانا ان كثيرا من الأمراض التي تعاني منها مجتمعاتنا لا تحتاج الى «إبداعات» سياسية بقدر ما تحتاج الى «إبداعات» نفسية ولا تحتاج الى منظرين في السياسة وانما الى خبراء في علم النفس والاجتماع، واشعر في احيان اخرى بان ما ذكره احد الاطباء النفسيين عن التغيير الجذري في الصور التي عهدناها لأمراضنا النفسية عما كنا نراه منذ عشرين او ثلاثين عاما، يبدو صحيحا، فنحن امام صور جديد لم نألفها تبدو أحيانا على سطوحنا السياسية او الاجتماعية او الثقافية، على شكل عنف غير مفهوم او مقررات غير مدروسة او خيارات غير معقولة، تتشابك تفاعلاتها وآثارها وأصدائها في دوائر وهمية يصعب تحديد اتجاهاتها او أسبابها او فهم رسائلها المشفرة.
ما الحل؟، هذا - بالطبع - سؤال صعب، وأنا أضعه في عهدة علماء النفس والاجتماع، ومراكزنا التي ترصد حركة المجتمع وما طرأ عليه من تحولات، ولكنني لم أجد وصفة عاجلة لتدارك أخطار «امتداد» من عدواه سوى وصفة «الحوار» نعم الحوار الذي دعوت إليه أكثر من مرة، وانتصرت له في كل مناسبة.. الحوار المنتج لا المغشوش.. الحوار المفتوح الذي يرفض منعطف الاستعداء والاستعلاء وجدل «الطرشان».. أمامنا خياران لا ثالث لهما: اما منطق الحوار البناء او منطق الاستعلاء والاستعداء.. واعتقد ان الإجابة لا تحتاج لمزيد من التردد والتفكير.. اليس كذلك؟.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات