عن «حل الدولتين» الذي انتعش مؤخرًا

تم نشره الإثنين 25 كانون الثّاني / يناير 2021 12:47 صباحاً
عن «حل الدولتين» الذي انتعش مؤخرًا

في شهادته أمام الكونغرس، برر طوني بلينكن دعمه حل الدولتين، بالمصلحة الإسرائيلية في الجمع ما بين يهودية «الدولة العبرية» وديمقراطيتها...لسان حاله يقول: لا يمكن لإسرائيل أن تظل دولة يهودية متفوقة ديموغرافياً، وهي تسيطر على أكثر من سبعة ملايين فلسطيني...ولا يمكن لإسرائيل أن تظل دولة ديمقراطية، وهي تعتمد – عملياً وقانونياً – نظاماً للتمييز العنصري ضد الفلسطينيين...ولا يمكن لأصدقاء إسرائيل في نهاية المطاف، أن يتقبلوا فكرة الدفاع عن «العنصرية» و»التفوق العرقي»، وهم الذين اكتووا بنيران العنصرية والشعبوية والتطرف اليمين ونظريات «تفوق الرجل الأبيض».

لا جديد في أطروحات بلينكن، فلطالما كانت في صلب الجدل بين المدارس السياسية والفكرية الصهيونية، في إسرائيل وخارجها...معظم، إن لم نقل جميع، المنافحين منهم عن «حل الدولتين»، ينطلقون من حاجة إسرائيل الوجودية لـ»الانفصال عن الفلسطينيين»، ودائماً للحفاظ على يهودية الدولة وديمقراطيتها، فهما شرط بقائها وديمومتها، ومتطلب مسبق لاستمرار حصولها على الدعم المطلق، وغير المشروط، من الولايات المتحدة، وبعض الأوساط الغربية.

بالنسبة لهؤلاء، لا يعني قبول «حل الدولتين» إدراكاً عميقاً لحاجة الفلسطينيين وحقهم في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، ولا تصحيحاً لمظلمة تاريخية، بدأت منذ وعد بلفور واستمرت حتى يومنا هذا...بالنسبة لهؤلاء، حل الدولتين هو إنقاذ لإسرائيل من جشع يمينها المتطرف ونهمه لابتلاع المزيد من الأرض والحقوق والمقدسات، ودائماً بحجج وذرائع توراتية زائفة، لا تصمد طويلاً أمام حقائق التاريخ وعلوم الآثار والأديان والانثروبولوجي.

قد يقول قائل، وما حاجتنا لسبر أغوار النفوس والنوايا، طالما أن «القوم» يؤيدون «حل الدولتين»، المهم أن تكون هناك دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، يستوي الأمر إن كان ذلك خدمة للفلسطينيين أو حرصاً على مستقبل إسرائيل، دولةً يهودية وديمقراطية.

في الحقيقة أن للأمر صلة لا تخطئوها العين، بالمآلات النهائية للحل النهائي للقضية الفلسطينية، فصفقة القرن على سبيل المثال، وهي المشروع الأكثر رداءة في تاريخ المبادرات الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، نهضت على فكرة «انفصال» اليهود عن الفلسطينيين، ومنحت هؤلاء، كياناً هجيناً، هو بمثابة أرخبيل من الجزر الممزقة والمعزولة، كيان لا يتوفر على أي عنصر من عناصر الدولة، سوى العلم وجواز السفر، ودائماً للحفاظ على النقاء العرقي/الديني للدولة العبرية.

وحل الدولتين حين ينطلق من نظرية «الانفصال»، وليس من قيم تقرير المصير وحقوق الانسان والعدالة ومبادئ القانون الدولي، لا يعتني كثيراً بسيادة الدولة ومساحتها وحدودها، المهم أن يتحقق انفصال الكتل السكانية الفلسطينية الكبرى، عن إسرائيل...حلٌ هذه هي منطلقاته، ليس معنياً، لا اليوم ولا بعد مئة عام، بقضية اللاجئين الفلسطينيين في الشتات والمهاجر، بل أنه يشترط إسقاط حق هؤلاء في العودة، قبل الاعتراف بأي كيان فلسطيني ناشئ على جزء من الأراضي المحتلة عام 67، ضاق أم اتسع...من تحركه «نظرية الانفصال»، لا يمكن أن يقبل بالعودة.

نقول ذلك، ونحن نرى انتعاشاً في الآمال والرهانات على «حل الدولتين»، ولست أجد تعبيراً مضللاً كهذا، يقصد به كل فريق، شيئاً مغايراً لما يذهب إليه الفريق الآخر...وأرجو أن نتذكر جميعاً، بأن «زعيم اليمين الشعبوي المتطرف» في إسرائيل، سبق أن قبل بـ»حل الدولتين» في خطابه الشهير في جامعة بار إيلان قبل أزيد من عقد من الزمان...وتذكروا ما تحدث به قبل أسابيع، عن كيان بلا سيادة ولا قدس ولا حدود مع الأردن، وليُسَمه الفلسطينيون امبراطورية أو جمهورية عظمى...أليس هذا ما ذهب إليه نتنياهو ورهط من قادة اليمين الإسرائيلي والأمريكي؟

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات