في رحيل الجنرال... في وداع السياسة

تم نشره الخميس 11 شباط / فبراير 2021 12:43 صباحاً
في رحيل الجنرال... في وداع السياسة
د. مهند مبيضين

رحل الجنرال عبدالهادي المجالي (1934-2021) ، وقد حضر كثيراً وبكثافة في أزمنة الوطن، منذ العام 1956، فكان طوداً، وصاحب حضور، ورؤية وطنية، وصدرا واسعا، لا يضيق بنقد ولا يخشى تجريحا، ولا يمتهن العتاب، بل يؤثر التجاوز ويعاف المتحدرين، ويحبذ الصمت، كي لا يمنح البعض شرف مواجهته.

غيّر ابو سهل، من صفته المركزية كرجل أمن وجنرال، إلى صفته كسياسي، ونجح في ذلك، لكنه خسر جراء ذلك أيضاً.

كان أمله كبيراً، بالعمل من أجل بناء عملية سياسية، وحياة حزبية ناجزة، ولكنه لم ينجح في هذا، ولا نجحت بقية الأحزاب، بل إنه تفوق على غيره ممن بدأوا معه محاولة تأسيس حزب مطلع التسعينات، بأنه كان أكثرهم إيمانا بالفكرة، فصرف من وقته وماله لأجل الحزب الكثير، والذي انتهى إلى حزب الرجل، ثم انقذه بفكرة التحول إلى التيار الوطني، بيد أن الوقت كان قد تأخر.

قطع المجالي بالخيار الديمقراطي، والعمل السياسي، وحاول ان يُكرس حالة سياسية وطنية، ليس شرطاً أن تتعاون مع الحكومات، بل ناكفها وعاندها كثيراً، فاعطى مجلس النواب هيبة جديدة، استمرت طوال رئاسته للمجلس، وتغيرت بعده كثيراً.

لم يكف الراحل عن المناورة والحضور السياسي، ولا شك أنه كان الرقم الأصعب خلال عقدين، من تاريخ الأردن الراهن، فقد ملك التحكم بمجلس النواب، دون ان يهبط بمستواه او يسخفه، بل عظم هيبته أمام الحكومات، وكان هو مهابا أمام زملائه النواب.

لم يكن صغيراً أيضاً امام المواقف التي تتطلب منه التدخل، بل كان جنرالاً حقيقياً، لا يأبه بالخصومات ولا الكراهيات، مع بحبوحة ورحابة في الصدر، والنفس الطويل في مقارعة الخصوم.

من الحزب إلى التيار مروراً بمجلس النواب والنزوع نحو فكرة المعارضة السياسية الوطنية، كان المجالي أقرب إلى كشف حالة النخب والسياسة الوطنية معاً، والامعان بفكرة الدفاع والذود عن مصالح وهوية الدولة، فوسم بأنه محافظ في وجه انصار التيار الليبرالي.

نعم وضع المجالي تياره الوطني المحافظ كما يصفه خصومه، في مقابل التيار الليبرالي، ولا نقول أن واحداً منهم كان افضل من الآخر بالنسبة للجيل الأردني الراهن الذي يُحمّل الطرفين اليوم مشاكل البلد وتأخر الإصلاح، فالمحافظون متهمون بالسعي للحفاظ على مكاسبهم والذود عنها، والليبراليون متهمون بالسعي لتفكيك الدولة واستباحتها والغاء هويتها براي خصومهم.

في رحيل المجالي، يمكن القول أن لعبة السياسة والحكم، افتقدت رجلاً كبيراً، كما سيفتقده المشهد الوطني، في وقت يبدو فيه الأردنيون بامس الحاجة لتجديد خطابهم السياسي، وعملهم في السياسة، في ظل غياب الاحزاب والدور الحاسم لمجالس النواب.

حتماً، لا أحكام على الغائب الراحل، لكن المجالي، كان خصماً مشرفاً لمن ينال شرف خصومته، وكان كريماً، شجاعاً، ووطنياً ونبيلاً، في ممارسة السياسة ومعاركها.

رحم الله أبا سهل، والعزاء للأردنيين به، رجلاً من آخر بواقي الخير والحكمة.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات