الأردن و«حل الدولة الواحدة»

تم نشره الأربعاء 24 شباط / فبراير 2021 12:44 صباحاً
الأردن و«حل الدولة الواحدة»
عريب الرنتاوي

يكفي أن يكون الأردن مع «حل الدولتين»، لا حاجة به لتفنيد سيناريو «حل الدولة الواحدة»، سيما حين تصدر المواقف عن شخصيات لها وضع رسمي، وذلك لسببين اثنين: أولهما؛ أن «حل الدولة الواحدة»، أخذ يستقطب تأييد قطاعات متزايدة من الشعب الفلسطيني، بما فيها «قواعد» التنظيم الرئيس الذي قاد الفلسطينيين إلى ضفاف «حل الدولتين»، وأعني به حركة فتح...وثانيهما؛ أن لا أحد لديه ضمانات من أي نوع، بأن «حل الدولتين» ما يزال قابلاً للتجسيد، والأهم أن لا أحد باستثناء واشنطن، لديه القدرة على إرغام إسرائيل للقبول بهذا الحل، بيد أنها لا تمتلك الرغبة والإرادة لاستثمار الوقت والجهد للضغط على إسرائيل.

مفهوم أن يكون الأردن مع «حل الدولتين»، فهو عرّف مصالحه في الحل النهائي طوال عقود ثلاثة، بقيام دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة فوق الأراضي المحتلة عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحل مشكلة اللاجئين الذين يستضيف القسط الأوفر منهم، فضلاً عن مصالحه في «الرعاية الهاشمية للمقدسات» والأمن والحدود والمياه وغيرها...ومن حق الأردن أن «يقلق» من أي سيناريو لا يستبطن قدراً أعلى من الاستجابة لهذه المصالح.

لكن المشكلة، أن الأردن، كغيره، ليس واثقاً من إمكانية ترجمة هذا الحل، ولا أوراق لديه لإرغام إسرائيل على الانحناء لعاصفة التأييد الدولي له...ما يعني أن مصالحه الوطنية العليا، مثل الحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة، ستكون عرضة للتبديد والتهديد، جراء الانزياح المنهجي المنظم صوب اليمين الديني والقومي الأكثر تطرفاً في إسرائيل...ليس هناك شريك إسرائيلي، وازن وجاد، يمكن أن يذهب مع الأردن والفلسطينيين إلى «النهاية السعيدة»: دولتين.

وما لم تقترن الدعوة لـ»حل الدولتين» بالقدرة على إخراجه إلى دائرة الضوء، فإن النتيجة «الواقعية» الوحيدة لهذه المراوحة، هي تمكين اليمين المبثوث في الدولة والمجتمع الإسرائيليين، من فرض مزيد من الوقائع على الأرض، وبما يقطع الطريق على «حل الدولتين»، وفي ظني أن ثمة قناعة لدى أوساط واسعة في المنطقة والعالم، بأن كل ما يحتاجه هذا اليمين، هو شراء الوقت، والمزيد منه، فلديه أجندة مثقلة بالاستيطان والتوسع والإحلال.

بقراءة باردة لسيناريوهات السنوات الأربع تحت إدارة بايدن، لا يسع المرء سوى ترجيح واحدٍ من سيناريوهين اثنين: الأول؛ تسوية «دون ورقة كلينتون 2000 وفوق صفقة القرن 2020»، تسوية دون «حل الدولتين» الذي نعرف، ومن دون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، ومن دون استعادة اللاجئين لحقوقهم... تسوية كهذه أيضاً، ستلحق ضرراً فادحاً بمصالح الأردن في الحل النهائي»...أما السيناريو الثاني الأكثر ترجيحاً، فهو؛ المزيد من المفاوضات العبثية، المشفوعة بإجراءات تحسين شروط حياة الفلسطينيين في الضفة وغزة، وربما توسيع منطقتي «أ و ب» قليلاً، ودائماً في من ضمن فلسفة السلام الاقتصادي وتفصيلاتها المتنوعة...لا رغبة ولا إدارة ولا وقت لدى إدارة بايدن، للاستثمار في تفكيك هذا الملف.

إن لم يكن الآن، فربما بعد أربع سنوات، سنجد أنفسنا وقد عدنا من جديد، وبقوة أكبر وصوت أعلى، نتحدث عن «حل الدولة الواحدة»...العنصرية، نعم...الاستبدادية، بالتأكيد...فمن قال إن حل الدولة سيكون مقبولاً للإسرائيليين أكثر من «حل الدولتين»، ومن قال إن الفلسطينيين الذين سيناضلون في سبيل حقوق متساوية، غارقون في أوهامهم حول «اللبن والعسل» الذي سيوفره حل كهذا...حل الدولة الواحدة»، كـ «حل الدولتين»، مشروع نضالي دونه خرط القتاد، لكن مرور الزمن، وتآكل فرص الاستقلال الفلسطيني في دولتهم الخاصة، قد تجعل منه الحل الوحيد الممكن...لذا من المفضل التريث في هجائه وعدم إسقاطه كلياً من سلة الخيارات والاحتمالات.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات