موسكو وواشنطن...ودمشق ثالثتهما

تم نشره الإثنين 08 آذار / مارس 2021 12:28 صباحاً
موسكو وواشنطن...ودمشق ثالثتهما
عريب الرنتاوي

من يقرأ ما كتبه وصرح به، جميس جيفري، آخر موفد أمريكي إلى سوريا (إدارة ترامب)، لن يجد صعوبة في الاستنتاج بأن ما يجمع موسكو بواشنطن، في سوريا وحولها، أكبر بكثير مما يباعدهما، وأن حواراً صريحاً بين الجانبين، حول الأزمة السورية، لن ينتهي إلى فشل، خصوصاً إن قررا، تحييد هذا الملف، عن بقية قضايا الخلاف بينهما، وألا يجعلا من سوريا، ساحة لتصفية حساباتهما المتبادلة.

أولا: ليست لدى واشنطن «نيَّةَ» تغيير النظام أو إسقاط الأسد، هذا في عهد ترامب، أما في عهد بايدن، فإن واشنطن ستمتنع عن تغيير الأنظمة الاستبدادية، في سوريا أو غيرها، كما قال أنطوني بلينكن، المطلوب تغيير سلوك النظام وسياساته...هذه نقطة بداية «جيدة» بين الدولتين العظميين.

ثانياً: لا ترغب واشنطن في الاحتفاظ بوجود عسكري دائم في سوريا، ولا بنشر قوة عسكرية «وازنة» على أرضها، هذه رغبة «ورثتها» إدارة بايدن عن إدارة ترامب...لكن واشنطن تشترط في المقابل، انسحاب القوات التركية والإيرانية والمليشيات المذهبية، قبل أو بالتزامن مع سحب قواتها، جيفري لم يوضح المسألة...وهذه نقطة بداية «جيدة» ثانية.

ثالثاً: واشنطن لا تمانع «تلزيم» سوريا لروسيا، وإبقاء الأخيرة قوات وقواعد على أرضها وفي مياهها وأجوائها، طالما أن سلوك النظام سيتغير، والقوات الأجنبية ستنسحب، والأهم، أن روسيا ستتكفل بأمن وسلامة الحدود السورية – الإسرائيلية، وربما تلعب دور الوسيط، بين دمشق وتل أبيب، في إطار عملية السلام، وقبل هذا وذاك، ثمة تنسيق روسي – إسرائيلي فعّال في سوريا وحولها...هذه أيضاً نقطة بداية «جيدة» ثالثة.

رابعاً: أمريكا ما زالت ترى في أكراد سوريا، حليفاً موثوقاً، وهي لا ترغب في تركهم فريسة للأطماع الإسلامية – القومية، لأردوغان والائتلاف الحاكم، وكذا بالنسبة لدمشق، فلا عودة للوراء في علاقة الكرد بوطنهم ودولتهم السورية، فقواعد اللعبة تغيرت...موسكو ليست بعيدة عن هذا الطرح، وهي أول من تقدم بمسودة دستور فيدرالي لسوريا، رفضته المعارضة كما رفضته دمشق، وروسيا دولة صديقة تاريخياً للحركات الكردية في المنطقة، ويمكن لها أن تلتقي مع واشنطن حول «ترتيب» فيدرالي/ لا مركزي موسع»، للأكراد في دولة سورية موحدة...هذه نقطة بداية «جيدة» رابعة يمكن البناء عليها.

خامساً: الدولتان تريان أن لا حل عسكرياً للأزمة السورية، وأن زمن المعارك الكبرى انتهى، وهما توليان اهتماماً بمحاربة داعش، وشق طريق لعملية سياسية ذات مغزى...هنا تبرز خلافات وتباينات وفجوات بين الجانبين، ومن أجل تذليلها وتجسيرها، يتعين للحوار أن يبدأ من دون إبطاء، مستنداً إلى نقاط تقارب صلبة ومتعددة.

سادساً: في الملف الاقتصادي المتشعب: انهيار العملة، تباطؤ النمو، إعادة الأعمار، عودة اللاجئين، جائحة كورونا، تدرك موسكو أن هذه أسلحة قوية، بَيد أنها بِيد واشنطن، لا بِيدها...وتدرك الأخيرة في المقابل، أنها ما تبقى لها من أوراق القوة والضغط (قانون قيصر)، بعد أن نجح الكرملين في تمكين الأسد من بسط سلطانه على ثلاثة أرباع سوريا...في الدبلوماسية، يمكن وضع جميع هذه الأوراق على الطاولة، لتبدأ من بعدها، المقايضات والمساوات، وصولاً لـ»نقطة ما» في منتصف المسافة بين الطرفين.

خلاصة القول: إن ما يجمع القوتين العظميين في سوريا يمكن أن يفتح مساراً لحل الأزمة، لكن واشنطن ليست في عجلة من أمرها، وهي ترى أن «مرور الوقت»، لا يصب في صالح موسكو- طهران – دمشق، وإدارة ترامب، لم تتناول المسألة السورية بعد، أما موسكو فهي الأكثر استعجالاً وقلقاً، فقد تُبدد جائحة سوريا الاقتصادية، مكاسب «بوتين» وانتصاراته العسكرية...هنا مكمن المشكلة، ومن هنا تتناسل المساجلات والاتهامات المتبادلة.

الدستور 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات